وكالة الأنباء الفرنسية: بدء محادثات الرئيسين الأمريكي والصيني في كوريا الجنوبية    السجن 25 عامًا لمخططي اغتيال ناشطة إيرانية في نيويورك    ترامب لنظيره الصينى: العلاقة بين بلدينا ستكون رائعة لفترة طويلة    ولادة صامتة من رحم خريف بديع، تحذير شديد من ظاهرة جوية تضرب مصر عدة ساعات    طريقة عمل الطحال، أكلة شعبية وقيمتها الغذائية عالية    حميدتي يأسف ل«الكارثة» في الفاشر ويتعهد توحيد السودان «سلما أو حربا»    «محافظ على مستواه لا بيهاجم ولا بيدافع».. إبراهيم سعيد يسخر من نجم الأهلي    محمد عبد المنعم يصدم الأهلي بهذا القرار.. مدحت شلبي يكشف    ارتفاع الأخضر الأمريكي عالميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 30-10-2025    رحمة محسن تتصدر تريند جوجل.. لهذا السبب    سعر الذهب اليوم الخميس 30-10-2025 بعد الانخفاض الكبير.. عيار 21 الآن بالمصنعية    بالشراكة مع عدة جامعات.. صيدلة المنيا ضمن مشروع بحثى ممول من الاتحاد الأوروبي    رسميًا اليوم.. موعد تغيير الساعة للتوقيت الشتوي 2025 وإلغاء الصيفي    نتائج قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    انطلاقة ساخنة لدور الانعقاد.. «الشيوخ» يشكّل مطبخه التشريعي    في ذكرى تأسيس بلاده: سفير أنقرة يهتف «تحيا مصر وفلسطين وتركيا»    التصريح بدفن ضحايا انقلاب سيارة في ترعة بطريق بنها - طوخ    زكريا أبوحرام يكتب: حدوتة مصرية    محمد الأسود: الثقافة طريق العدالة ومركز البحوث الجنائية مشروع وطني لنشر الوعي وبناء الثقة    «مش هسيبكم».. زوجة خالد الصاوي تفتح النار بعد مصرع المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    المتحف المصري الكبير| التكنولوجيا والتراث يقدمان تجربة سياحية ذكية مبهرة    وسائل إعلام فلسطينية: جيش الاحتلال يشن أكثر من 10 غارات على خان يونس    «الهيئة العامة للرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    بايرن ميونخ يسحق كولن برباعية ويتأهل بثقة إلى ثمن نهائي كأس ألمانيا    مدمن مخدرات يشعل النيران في شقته وزوجته وأبنائه.. والتحريات: الحريق جنائي    مانشستر سيتى وجها لوجه أمام برينتفورد فى ربع نهائى كأس كاراباو    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    الفتة المصرية ب طشة الثوم.. طبق واحد يجمع العائلة (ب نص كيلو لحمة)    محامي شهود الإثبات: الأيام القادمة ستكشف مفاجآت أكبر في القضية التي هزت الإسماعيلية    تشالهان أوجلو يقود إنتر للانتصار بثلاثية زيادة جراح فيورنتينا    موناكو يقلب الطاولة على نانت في مهرجان أهداف في الدوري الفرنسي    محمد علي السيد يكتب: التجريدة المغربية الثانية.. مصر73    موعد صرف المعاشات لشهر نوفمبر فى أسيوط    «ورد وشوكولاتة».. محمد فراج وزينة بطلا أشهر جريمة قتل    مباحثات سعودية أمريكية لبحث تعزيز التعاون في قطاع التعدين والمعادن الإستراتيجية بالرياض    وكيل لاعبين: النظام المتبع فى الزمالك يسهل فسخ العقود من طرف واحد    التحفظ على جثة المصور كيرلس صلاح بمستشفى القنطرة شرق العام ب الإسماعيلية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد عيادات التأمين الصحي بالعريش    أبراج وشها مكشوف.. 5 أبراج مبتعرفش تمسك لسانها    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي في مهمة حسم التأهل لدور المجموعات الإفريقي    رئيس الاتحاد الإنجيلي اللوثري العالمي يشارك في صلاة جماعية وتوقيع نداء من أجل إنهاء الحروب    الحبس شهر وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة دخول المناطق الأثرية بدون ترخيص    ترامب: تصريحات بيل جيتس تظهر أننا انتصرنا على "خدعة المناخ"    رسميًا.. أسعار استخراج جواز سفر مستعجل 2025 بعد قرار زيادة الرسوم الأخير (تفاصيل)    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    من تأمين المصنع إلى الإتجار بالمخدرات.. 10 سنوات خلف القضبان لاتجاره في السموم والسلاح بشبرا    المالية: حققنا 20 إصلاحا فى مجال التسهيلات الضريبية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الخميس 30102025    النيابة الإدارية تُعاين موقع حريق مخبز بمنطقة الشيخ هارون بمدينة أسوان    بالصور.. تكريم أبطال جودة الخدمة الصحية بسوهاج بعد اعتماد وحدات الرعاية الأولية من GAHAR    أخبار × 24 ساعة.. مدبولى: افتتاح المتحف المصرى الكبير يناسب مكانة مصر    الشرقية تتزين بالأعلام واللافتات استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    سوهاج تكرّم 400 من الكوادر الطبية والإدارية تقديرًا لجهودهم    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    محاكمة صحفية لوزير الحربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق مسافرة
كل النهاية.. مجرد حفرة2
نشر في الوفد يوم 02 - 11 - 2011

بأنفاس مختنقة كنت أتابع ما يدور حولى بجزع وقلب ذبيح ، تكورت كل طموحات الدنيا وأحلامها فى لحظة، لتتحول إلى قليل من الأكسجين تجود به الأنبوبة الراقدة بجانبى وهى تنفثه عبر القناع الجاثم على أنفى،
لفحات الأكسجين تتسلل إلى صدرى لأستعيد أنفاس الحياة أو أستبقيها حينا لأن ورقة العمر لم تسقط بعد، ولا يزال بها سطور قد تطول أو تقصر، إذا ما غادرت تلك الغرفة ذات الطلاء والفراش الأبيض، الذى يبدو وكأنه يمهدنا لقبول لون الأكفان، تلك الغرفة التى أكره الرقاد بها كما أكره أن أرى بها أى من البشر، إبرة تغرس فى أعلى كفى، وجهاز الضغط يخنق ذراعى، والدوائر المطاطية المدلاة من أسلاك متشابكة كالأخطبوط تلتقم جسدى لتسجل خفقات القلب المجهد، ويد تمتد إلى من تحت القناع المطاطى البارد لتوسد بفمى بضعة أقراص لمكافحة الجلطة.
منذ أنهيت دراستى، لم أعد أهتم بتشريح القلب أو تذكر أسماء شرايينه، فقط عايشت هذا القلب بأحزانه غالبا وأفراحه النادرة بصبر وإيمان وبكثير من المرح والتفاؤل فى أن الغد أجمل، لكنى بالأمس القريب عرفت من القلب دواخله، عندما ضن على بالنبض، وتقلصت شرايينه لأصاب بأزمة حادة، أنقل على أثرها من مستشفى لآخر فى منتصف الليل، عرفت غلاوة هذا الشىء الصغير المتكور بصدورنا والذى لا يزيد حجمه على قبضة اليد، والطبيب يفاجئنى بآخر ما كنت أتوقعه، قصور بالشريان التاجى، لأبدأ من الآن رحلة علاج لا يعرف سوى الله منتهاها، تبسمت ألما رغما عنى وأنا أستمع لنصائحه، لا إجهاد ولا انفعال، وهل فى الحياة غير هذا زيها الطبيب النبيل، أستميحك عذرا ما كان قلبى يوما ما طفلا مدللاً ولن يكون، كان دوما هدفا لطعنات الغدر من كل ممن أحببت حتى أقرب الأقربين، وكان نصيبه العذاب فى صراعات الحياة وكفاحها بين الغربة والوطن ولم يتريض يوما فى اجازة أو فسحة.
تتكور كل طموحات الحياة لتتلخص فى دمعة خوف على مصيرهم بعدى، وأنا أرقبهم بنصف إغماضة، أولادى الثلاثة ووجوههم تلونت بالذعر والاصفرار، رغم بذلهم الجهد ليكونوا أقوياء، حاول الولد الأكبر أن يكون رجلا مسئولا وهو يقود السيارة لأول مرة دون توجيه منى وبلا رخصة ليحملنى للمستشفى ويده المرتعشة تحاول الثبات، وبجانبى الآخرين وقد تشبثا بذراعى وكأنهما يقاومان بهذا التشبث أى تهديد برحيلى، وقد انخرطت صغيرتى فى بكاء صامت، بعد أن أمرها الأوسط بألا تزعجنى بصوت البكاء أو تكرار السؤال عما أشعر، تكورت كل طموحات الحياة فى دعاء رحمة وجهته صمتا إلى الله بأن يرحمهم إذا ما رحلت، وألا يسلط عليهم من يقهرهم أو يظلمهم، أو زوجة أب تضيع مستقبلهم، الذى دفعت لبنائه صحتى وأجمل سنوات عمرى ، يتمسك الطبيب باستبقائى فى مربع الغرفة البيضاء بضعة أيام، وأتشبث بخوف أولادى من مفارقتهم، وأن تكون تلك الغرفة آخر ما أراه فى حياتى، وأقرر مغادرة المشفى لأواصل رحلة ترسيم خطوات العلاج وأنا بينهم، آمنة مطمئنة أن أحدهم لن يترك صلاة ولن ينام جائعا، أو يهمل درسا حتى آخر لحظة من عمرى.
بقلب ذبيح وعيون قرحها الدمع والقلق عليهم لا على، يطالعنى المشهد، من كان زعيما عربيا، يتحدى إرادة القدر ويواجه شعبه بنيران الموت، يستخرج من داخل حفرة جريحا ذليلا، لينهال عليه أبناء الشعب المكلوم ضربا فقتلا، قتله شاب يقارب عمر ابنى الأكبر، قتله بكل كراهية الشعب المقهور المقتول بلا ثمن على أرصفة الوطن.. القذافى، كم يساوى الجاه والمال والسلطان أمام هذا المشهد من الكراهية والانتقام، كم يساوى مع تلك النهاية المؤسفة المزرية، وان يلقى فى حفرة قبر غير مأسوف عليه، حفرة لا تقل حقارة عن الحفرة التى عاش بها أيامه الاخيرة مختبئا مرعوبا لتمسكه بالسلطان ولو على جثامين شعبه، ما أشبه اليوم بالأمس، صدام حسين واستخراجه من حفرة، ونهايته المروعة مشيعا بالكراهية واللعنات.
حفرة، النهاية حفرة، لو فكر هؤلاء ان نهاية كل هذه الصراعات مجرد حفرة، أما ضاقت علينا حفرتنا بأعمالنا وتحولت جحيما، وأما اتسعت وصارت قطعة من الجنة، هل يساوى هذا أي مال أو جاه أو سلطان، أن نرسل إلى حفرتنا مشيعين باللعنات ودعاء الشر، أم نشيع مكللين بدموع أحبائنا ودعواتهم لنا بالرحمة والشفاعة، اختلطت لدى الرؤى، آلام القلب بآلام الوطن العربى، شعرت بشىء ساخن يقطر على وجهى، كانت دموع ابنتى تنسال ويداها الفراشتان تلتفان حولى، وأنا أردد بين نعاس الإجهاد ويقظة الحقيقة كلمة حفرة، إنها مجرد حفرة، احتضنتها بقوة حملت كل حب العالم بقلبى لها، لكم، لكل البشر المؤمن بالحب والخير والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.