"أصوات متعالية، وألفاظ خارجة، وسب وقذف ومشادات".. كلمات قليلة تُوصِف حال مستشفى المطرية الذي شغل الشارع المصرى في الآونة الأخيرة، رافعة شعار "كرامة الطبيب" على إثر مشاجرة بين طبيب وأمين شرطة، ولم تهدأ توابعها حتى تلك اللحظة.. لتقوم بوابة الوفد بغزو ذلك المستشفى وتسجيل عدد من اللقطات من الداخل وكشف حقيقة معاملة الأطباء للمرضى ومدى الإهانة التي يتعرضون لها أثناء رحلته في البحث عن العلاج. ففي البداية.. اصطف عدد من المرضى أمام شباك التذاكر في طابور طويل مليء بالرجال والسيدات تتعالى به الأصوات وصرخات المرضى مشتبكين بالألفاظ مع الموظفة التي تجلس وتقوم بقطع التذاكر للمرضى نتيجة بطئها الشديد في التعامل وصوتها المرتفع على المرضى المتراصين أمام الشباك. وعندما دقت الساعة ال12 ظهرًا توقفت الموظفة عن العمل بضع دقائق معلنة نفاد التذاكر المجانية، وبدء العمل بالتذاكر الاقتصادية قائلة "الساعة عدت 12 والتذكرة ب10 جنيهات، ليضطر المرضى إلى الرضوخ في النهاية من أجل الذهاب إلى غرفة الطبيب بأى حال. بعدها قمنا بالتوجه إلى العيادة الخاصة بالكشف وهي حجرة لا تتعدى الأمتار الثلاثة، يسكنها اصحاب البلطو الأبيض، كل طبيب لدية كرسي ومكتب خاص به، ثم تقدمنا للطبيب وأعطينا له تذكرة الكشف الذي رفضها مبررًا بقوله "التذكرة دي ب10 جنيهات ونقابة الأطباء قالتلنا متكشفوش بتذاكر ب10 جنيه"، منوهًا إلى ضرورة تنفيذ أوامر النقابة حتى يحل الخلاف الدائر بين وزارة الداخلية والصحة والإتيان بحق زميله الطبيب الذي اعتدى عليه من أمين الشرطة بمستشفى المطرية. ومن خارج أبواب العيادة قام عدد من المرضى بصحبة مراسلي "الوفد" بالتوجه إلى شبابيك التذاكر مره أخرى وتم إبلاغ الموظفة بأن الطبيب يريد التذكرة التي يبلغ ثمنها 3 جنيهات ولم يقم بالكشف على أي مريض حامل للتذكرة الاقتصاديةأ البالغ ثمنها 10 جنيهات، فتعالت أصوات الموظفة وقالت "هي دي اللي عندي مفيش غيرها، ومفيش تذاكر هترجع، بلوها واشربوها، مليش دعوة، عايز يكشف عليكو يكشف مش عايز ميكشفش"، وبعد نقاش وجدال استمر أكثر من ربع ساعة مع الموظفة لم يبق سوى حل وحيد وهو التوجه إلى مكتب مدير المستشفى لعرض الأمر عليه والمطالبة بحل المشكلة بين شباك التذاكر وغرف الأطباء. وبعد معركة طويلة مع سكرتير مكتبه الذي أنكر وجوده أكثر من مرة اضطر السكرتير بعد إلحاحنا عليه توجيهنا إلى مكتب نائب المدير، وسؤاله عن مواعيد التذاكر المجانية التى تبدأ من الثانية عشرة وليس الثانية، كما تنص اللوائح الحكومية، وكما يظهر ظهر التذكرة المتداولة هناك ، أرجع الأمر إلى كون وزارة الصحة تشعر بآلام مصر وديونها.. لنرفع علامات الاستفهام عن القانون الخاص الذي وضعه ذلك المستشفى لنفسه. ومن داخل حجرة مدير المستشفى تم رفع علامات الاستنكار من قبله قائلًا" يعني ايه مش عايز يكشف عليكو بالتذكرة دي هو بمزاجه، طيب ونقابة ايه اللي بيتكلم عنها، طيب يبقى يخليها تقبضه بقى"، ثم قام الطبيب بدق جرس سكرتير الذي طلبه منه اصطحابنا إلى قسم الطوارئ والتحدث مع الطبيب -م ع -وأبلغه أننا من طرف نائب المدير لكي يقوم بالكشف علينا. ومن هنا بدأت مرحلة أخرى برفض الأطباء الكشف على مراسلة "الوفد" متعللين بأن الأمر غير موجود في دائرة اختصاص العيادة، وبعد إلحاح تم توجيهها إلى غرفة السونار بعد المطالبة بقطع قيمته التى بلغت 35 جنيهًا من دون أى أدوية تذكر، أو حتى الكشف على مريضة طرقت غرفة طبيب بتذكرة اقتصادى!! وهنا كانت آخر جولتنا داخل المستشفى، الذى أراد بها مراسل "الوفد" مقارنة الكشف بين المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة التى ربما يقطنها الطبيب الحكومى نفسه، كانت الراية مختلفة والوضع أفضل بأجر يدفعه المريض.. ليعلو التساؤل عن المكان الذى توارت فيه رسالة الطبيب لتصبح مهنة بأجر يُحصّل من جيوب البائسين.