تجاوزات وأخطاء كثيرة يشهدها مجلس النواب الحالي، حيث أنه لا يمر يوم بدون وقوع حدث غريب أو نشوب مشاجرة بين النواب وبعضهم البعض، ولعل آخرها ما قام به النائب كمال أحمد من الاعتداء على النائب توفيق عكاشة بالحذاء داخل أروقة البرلمان. استطلعت «الوفد» آراء عدد من الخبراء للتعرف على كيفية ضبط اداء نواب البرلمان داخل المجلس، وأكدوا أن تطبيق اللائحة الداخلية للنواب أمر أساسي في ضبط أداء النواب، لافتين إلى أنها يجب أن تطبق بحزم على جميع الأعضاء بدون أي استثناءات، مؤكدين أن رئيس المجلس يجب أن يتمتع بشخصية قوية تمكنه من بسط النظام داخل أروقة البرلمان باعتباره المايسترو. أشار رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، إلى أن ضبط اداء نواب البرلمان يقع على عاتق رئيس المجلس في المقام الأول، وذلك باعتباره المنوط به ضبط النظام اثناء الجلسات، لافتًا إلى أنه المايسترو الذي يجب ان يدير القاعة بشكل جيد وردع من يتجاوز، وإذا لم ينجح في ذلك فإنه يعتبر مقصرا. وأكد «محسن» أن اللائحة الداخلية للبرلمان وضعت مجموعة من القواعد من شأنها إذا تم تطبيقها أن تضبط اداء البرلمان مفيدًا أنها يجب أن تطبق على جميع نواب البرلمان. وبين «محسن» أنه يجب تدريب النواب على اداء مهامهم البرلمانية وكيفية التصويت واحترام حق غيرهم من الزملاء في اخذ الكلمة والتحدث، وعدم استخدام الصوت العالي والفوضى للتعبير عن الرأي، لافتًا إلى أنه يجب تعليمهم الفرق بين الوجود داخل جلسة برلمانية وبين المؤتمرات الشعبية التي كانوا يتحدثون فيها. وأفاد «محسن» أنه تم اجراء تدريب للنواب قبل عقد جلسات البرلمان ولكنه كان هزيلاً وضعيفاً ومجرد استعراض دون الخروج منه بأي نتائج حقيقية، موضحًا أنه كان ينبغي ان يكون مكثف ويتم فيه استخدام طرق معينة تتناسب مع النواب. وعن لجنة القيم، أكد «محسن» أنها لجنة عقابية تختص فيما ينسب لأعضاء المجلس من مخالفات تشكل خروجًا على القيم الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية، أو المبادئ الأساسية السياسية والاقتصادية للمجتمع المصرى، مفيدًا أنها ينبغي أن تأتي عقب الخطوات الأولى من التدريب حتى يتمكن النائب من التمييز بين الأفعال التي يجوز أن يقوم بها وما هو غير ملائم ومناسب. وانتقد «محسن» أداء الإعلام في التعامل مع النواب، لافتًا إلى أنهم يقع عليهم دور كبير في حالة الانفلات التي يعاني منها النواب، وذلك من تلميع هذه النوعيات ومحاولة الاهتمام بأي خبر حتى لو كان غير ملائم، مما يجعل بعض النواب يخرجون ببعض التصرفات بحثا عن الشو الإعلامي. وأكد السفير عادل الصفتي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن ضبط أداء النواب، يأتي في البداية من المواطنين الذين يجب أن ينتخبوا نواباً حقيقيين يستطيعون أن يمثلوهم ويترفعوا عن الأزمات الشخصية والصغيرة، والاهتمام بالدور التشريعي والرقابي المنوط بهم. ولفت «الصفتي» أن رئيس المجلس يجب أن يتمتع بشخصية قوية وأن يعاقب المخطئ والمتجاوز بتطبيق اللائحة عليه، حتى يتم ضبط اداء المجلس ومنع تكرار هذه التصرفات المسيئة للبرلمان أمام الرأي العام. وبين «الصفتي» أنه يجب في حالة التجاوز بشكل كبير أن يتم استخدام عقوبة الفصل من البرلمان أو المنع من حضور عدد من الجلسات، حتى يمنع المهازل التي تحدث من بعض النواب، مفيدا أن من يستغل قاعة المجلس للشو الإعلامي يجب أن يتم محاسبته على استهانته بأصوات من انتخبوه. وأشار عادل عامر الخبير في الشئون القانونية، إلى أن الاداء غير المنضبط للبرلمان يرجع إلى أنه يعكس الصورة الخلفية للشارع المصري، لافتًا إلى أنه مكون من كل الأطياف سواء المؤيدين لثورة 25 يناير أو 30 يونيو أو المؤيدين للاثنين، فضلًا عن وجود تيارات دينية وبعض النواب الموالين للحزب الوطني في السابق، مبينًا أن هذه الهوية والتوجهات المتناقضة مع بعضها أدت إلى هذا الخلاف. وأكد «عامر» أن اللائحة الداخلية للبرلمان هي التي ستنظم عمل النواب، لافتًا إلى أنها الدستور الداخلي الذي يجب أن يلتزم به جميع نواب الشعب. وأشار «عامر» إلى أن بث الجلسات البرلمانية على الهواء سيساهم في الحد من هذه التجاوزات من النواب، مفيدًا أن النائب سيسعى للحفاظ على صورته أمام أبناء دائرته الذين انتخبوه، وسيحاول التصرف بعقلانية ونظام، مبينًا أن هذا الأمر سلاح ذو حدين ويتطلب وجود رئاسة قوية لمجلس النواب. وبين «عامر» أن الشارع المصري أصبح يشعر بالإحباط بسبب أداء المجلس، حيث أنه لم يقم بأي أعمال أو تشريعات مهمة تمس مصالح المواطنين وفئاتهم المختلفة، على الرغم من تعويل الكثير من المواطنين عليه، في حل مشاكلهم المتراكمة. وأشار د. سمير عبدالفتاح، أستاذ الطب النفسي، إلى أن السلوك الخاطئ الذي يقوم به عدد من النواب فردي، ويسيء للمجلس بشدة حيث أنه يعطي صورة ذهنية سيئة ويصدر إحباطاً للمواطنين، لافتًا إلى أن هذه الصورة السيئة تصدر للخارج وليس الداخل فقط. وبين «عبدالفتاح» أن القيادة القوية للبرلمان أمر مهم وستساعد على ضبط البرلمان، مبينًا أن رئيس المجلس الدكتور علي عبدالعال يجب أن يتخذ الإجراء الحاسم تجاه أي تجاوز.