منافسة غير متكافئة يتعرض لها قطاع الملابس الجاهزة فى مصر تتمثل فى المنتجات المستوردة التى تأتى من كل حدب وصوب لتقهر المنتجات المصرية في عقر دارها، منتجات من الصين وتركيا وسوريا وأمريكا وأوروبا أغرقت السوق المصرية طوال الأعوام الماضية، وأصبحت تهدد قطاعا مهما من قطاعات صناعة الغزل والنسيج وهو قطاع الملابس الجاهزة الذى يعد القطاع الأشهر والأوسع انتشارا بين قطاعات الغزل والنسيج الأربعة، فهذا القطاع يضم حوالى 10 آلاف مصنع يعمل بها ما يقرب من مليون ونصف عامل، إلا أن هذه المنافسة غير المتكافئة جعلته يواجه شبح الانهيار فأغلق كثير من المصانع أبوابها وما بقى منها لن يتحمل المعاناة كثيرا. فبالإضافة إلى مشكلات هذا القطاع من جمارك مرتفعة على مستلزمات الإنتاج ونقص الأيدى العاملة المدربة وأزمة الدولار وغيرها جاءت كارثة الملابس المستوردة التى أصبحت تصل إلى 60% من حجم المعروض فى السوق لتلقى بظلالها على هذه الصناعة وتزيد من معاناتها ليصبح تدخل الدولة لإنقاذها أمرا حتميا. الصيني يكسب «عندكم عروسة؟ تشتروا ملابس صينى، معايا جلابية مقاسك» بلغة عربية ركيكة تجوب البائعات الصينيات على المنازل فى القاهرة والمحافظات يرددن هذه العبارات، فى محاولة منهن لترويج ما تحملنه على ظهورهن من ملابس صينية دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، والمشكلة ليست فى هؤلاء الصينيات وإنما فى توغل الملابس المستوردة بشكل عام وسيطرتها على السوق المحلية فى بلد اشتهر منذ قديم الأزل بصناعة الغزل والنسيج والملابس، وينتج أجود أنواع القطن فى العالم كله، فقد انتشرت فى شوارع وسط المدينة محال بيع الملابس المستوردة، وفى الشوارع الجانبية يقف بعض الشباب لتوزيع اعلانات لمحال بيع الملابس المستوردة، بالإضافة إلى وكالة البلح المشهورة منذ سنوات بالاتجار فى هذا النوع من الملابس، ومعظمها ملابس مستعملة، وناهيك عن الأضرار الصحية الناتجة عن ارتداء هذه الملابس المستعملة، إلا أنها تهدد صناعة الملابس الجاهزة التى تعانى من مشكلات عديدة منذ سنوات، حتى أصبحت مصانع الملابس الجاهزة التى يبلغ عددها -وفقا لتصريحات محمد عبد السلام رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات – حوالى 10 آلاف مصنع منها 1500 مصنع فقط مقيدة بالاتحاد، ويعمل فى هذا القطاع ما يقرب من مليون ونصف عامل، وتقدر استثماراته بحوالى 15 مليار جنيه -أصبحت مهددة بالانهيار. المحروسة فقدت عرشها جدير بالذكر أن مصر كانت تمتلك نسبة قيمتها 5.6% من صادرات الملابس الجاهزة على مستوى العالم، إلا أن هذه النسبة انخفضت الآن لتصل إلى 3% فقط، حتى ان صادرات مصر منها عام 2012 كانت قيمتها 2.2 مليار دولار بينما صادرات بنجلاديش وصلت إلى 25 مليار دولار، هذا التراجع فى قيمة الصادرات المصرية أكد أن هذه الصناعة تعانى من عدة مشكلات تحدث عنها يحيي زنانيرى رئيس شعبة تجارة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية، مشيرا إلى أن هذا القطاع يتعرض لمنافسة شرسة من قبل المنتجات الأجنبية التى أصبحت تمثل 60% من حجم المعروض فى السوق المصرية، تدخل البلاد عن طريق التهريب وبالتالى لا تستفيد منه الدولة شيئا، مما انعكس على أحوال الصناعة حتى أن معظم المصانع خفضت انتاجها حوالى 30% وسرحت عددا كبيرا من العمال، مشيرا إلى أن الملابس التى تدخل البلاد بطريقة شرعية لا تمثل سوى 20% من المعروض بينما الانتاج المحلى نصيبه ال20 % الباقية، وهو ما يوضح حجم الكارثة التى تعيشها صناعة الملابس الجاهزة الآن، وأوضح أن عمليات التهريب التى تتم فى المناطق الحرة تعد من أخطر العوامل التى تؤدى إلى انهيار صناعة الملابس فى مصر، حيث إن الصناعة المحلية لم تعد قادرة على منافسة المنتجات القادمة من دول جنوب وشرق آسيا، وهو ما يهدد الاستثمارات العاملة فى هذا المجال والتى تصل قيمتها إلى 15 مليار جنيه، مؤكدا أن الحكومة قامت بفرض رسوم حماية على واردات الغزل والنسيج القادمة من الخارج لحماية الغزول المحلية بينما لم تفرض أى رسوم على الملابس الواردة من الخارج، ويطالب خبراء بضرورة حماية الصناعة الوطنية من خلال رفع الرسوم الجمركية على واردات الملابس الجاهزة وهو القرار الذى ينادي به الصناع منذ فترة ولكن الحكومة تؤجل إصداره حتى لا يتعارض مع الاتفاقيات الدولية، وقد قامت الحكومة مؤخرا برفع الأسعار الاسترشادية للملابس فى الجمارك لحماية الصناعة الوطنية ولكن هذا الاجراء وحده لا يكفى، ولابد أن يتبعه إجراءات حمائية أخرى، هذا بالاضافة إلى رفع كفاءة المنتج المصرى لتحسين قدرته التنافسية وذلك بالاهتمام بتدريب العمال وحل مشكلاتهم، مع ضرورة العمل على حل مشكلة استيراد الأقمشة اللازمة لتصنيع الملابس، مع ضرورة ترشيد استيراد الملابس لتصل إلى 20% فقط من المعروض فى السوق. وكانت مصلحة الجمارك أعلنت ان فاتورة تهريب الأقمشة والملابس الجاهزة إلى مصر وصلت إلى 10 مليارات جنيه عام 2014. فى حين كشفت التقارير أن هذه العمليات تتم تحت ستار الإفراج الجمركى المؤقت والمناطق الحرة تضر ب5 صناعات مرتبطة بصناعة الغزل والنسيج، حيث إن قانون الجمارك يسمح بالإفراج الجمركى المؤقت عن بعض السلع التى تدخل البلاد بحجة أنها ستدخل فى صناعات أخرى ثم يعاد تصديرها للخارج مرة أخرى، ويتم تهريبها للسوق المحلية، كذلك فالقانون يسمح بدخول السلع للمناطق الحرة لتصنع فيها ثم يعاد تصديرها خارج البلاد، هذا بالإضافة إلى التهريب عبر المنافذ المختلفة، واوضح محمد المرشدى رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات وعضو مجلس الشعب أن التهريب يعد من أهم القضايا التى يجب على الدولة معالجتها لحماية المنتجات الوطنية، وأشار إلى أن شركات الغزل والنسيج الموجودة في مصر، مهددة بخطر الإفلاس نتيجة استيراد المنتجات الآسيوية، وخاصة الصينية، وطرحها فى السوق بأسعار منافسة تقل 60% عن سعر التكلفة لنظيرها المحلى، الأمر الذي يجعل المنتجات المحلية غير قادرة على المنافسة، مؤكدا أن استمرار الحال على ما هو عليه سيغلق المصانع ويشرد عمالها. معلومات 5.6% حصة مصر من صادرات الملابس الجاهزة عالميا انخفضت إلى 3% فقط. 10 مليارات حنيه فاتورة تهريب الأقمشة والملابس إلى مصر عام 2014. 2.2 مليار دولار صادرات مصر من الملابس الجاهزة. المنتجات الصينية تباع فى مصر بأقل من 60% من سعر تكلفة المنتج المحلي. 600 مصنع بالمنوفية أغلقت أبوابها بسبب المصنوعات المستوردة. المصانع خفضت إنتاجها بنسبة 30% وسرحت العمال. 50 % من المنتجات المعروضة بالسوق من الغزل والنسيج والأقمشة والسجاد مهربة.