كان الهجوم القاتل الذي قام به متشددون في الخامس من آب/أغسطس والذي راح ضحيته ستة عشر جندياً مصرياً وأُصيب فيه سبعة آخرون أمراً متوقعاً بقدر ما كان مُدمِّراً. فمنذ الثورة في العام الماضي والإرهابيون يعملون باستمرار على إثارة التوترات بين مصر وإسرائيل، حيث هاجموا خط أنابيب الغاز الموصل إلى إسرائيل والأردن خمس عشرة مرة، كما شنوا غارة قاتلة عبر الحدود مع إسرائيل في آب/أغسطس الماضي كادت تسبب أزمة في العلاقات الثنائية بين البلدين. وبالنظر إلى التهديد الخطير الذي يمثله عدم الاستقرار في سيناء على السلام في المنطقة، ينبغي على واشنطن أن تركز على نقطتين [في محادثاتها] مع الجيش المصري والحكام الإسلاميين. أولاً، يجب أن تبلغ الرئيس مرسي بأن رده على هذه الأزمة سيوفر أول دليل فعلي على التزامه - الذي كثيراً ما أعلن عنه أمام الدبلوماسيين الأجانب - باحترام اتفاقات مصر الدولية، ويعني ذلك الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل. وعلى عكس اللغط الذي أُثير الأسبوع الماضي بشأن ما إذا كان الرئيس مرسي قد رد على خطاب أرسله إليه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أم لا، فإن الهجوم الذي وقع في سيناء في الخامس من آب/أغسطس يحمل في طياته تداعيات أمنية خطيرة للسلام الإقليمي. وقد سعى مرسي حتى الآن إلى إخفاء رهاناته. فمن ناحية، أصدر بياناً قوياً يدين فيه الهجوم وتعهد بملاحقة المجرمين ومعاقبتهم وسافر إلى العريش مع المشير محمد حسين طنطاوي لتقييم الوضع بنفسه. ومن ناحية أخرى، سمح أيضاً لزملائه من جماعة «الإخوان المسلمين» بإصدار بيان سام يتهمون فيه "الموساد" - جهاز المخابرات الإسرائيلي - بتنفيذ الهجوم، ويحذرون فيه المصريين بأن ينتبهوا لأولئك الذين يحاولون تخريب الثورة. إن هذه هي اللحظة المناسبة للحوار الخاص والقوي مع مرسي لإبلاغه بأن القائد المسؤول - الذي يريد تأييداً دولياً لدعم اقتصاده المترنح - لا يمكنه أن يلعب ألعاباً طفولية تلبي أسوأ غرائز الرأي العام المصري. وفي الواقع أن أي جهد جاد لمنع تسلل الإرهابيين إلى سيناء يتطلب تنسيقاً مع إسرائيل، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل بيئة تشوّه الرأي العام، حتى وإن لم يتم الإعلان عن ذلك التنسيق. ثانياً، ينبغي على صناع السياسة الأمريكيين أن يؤكدوا للجيش المصري مجدداً أن واشنطن ترى حفظ الأمن في سيناء كجانب أساسي من السلام المصري الإسرائيلي، وأن استمرار الدعم العسكري الهائل يعتمد على بذل جهود صادقة لتعيين الأفراد المناسبين وتخصيص الموارد للقيام بهذه المهمة. وفي العام الماضي تم السماح لمصر - بموجب ملحق المعاهدة مع إسرائيل - بتحريك سبع كتائب إضافية إلى سيناء. إلا أنه وفقاً للتقارير فإن هذه القوات هي سيئة التسليح والتجهيز وتجنبت القيام بدوريات في البؤر الإرهابية، لا سيما العريش ورفح، حيث وقع الهجوم في الخامس من آب/أغسطس. وعلاوة على ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن التواجد الأمني المصري على طول الحدود مع إسرائيل غير كافٍ بشكل خطير - لدرجة أن [جنود] الدوريات الإسرائيلية يضطرون بين الوقت والآخر إلى توفير الغذاء وغيره من المواد الأساسية إلى نظرائهم المصريين. إن مقتل ستة عشر جندياً مصرياً في الخامس من آب/أغسطس يمنح القاهرة الكثير من الأسباب لتعزيز تواجدها العسكري في سيناء كماً ونوعاً. ومع ذلك، ينبغي أن يعلم طنطاوي ورفاقه أنه قد تكون هناك تداعيات أوسع نطاقاً للطريقة التي تواجه بها مصر هذا التحدي. وفي الواقع أن الإخفاق في تخصيص الأفراد والموارد المناسبة لشبه الجزيرة يمكن أن يؤدي إلى إعادة تقييم شامل لحزمة المساعدات العسكرية الأمريكية، مع التركيز على تحديث هذه العلاقة السائدة منذ ثمانينيات القرن الماضي لكي تتواءم مع البيئة الحالية. _____________________________________ * روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي ل«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، وشارك في كتابة المقال إريك تراغر الباحث بالمعهد، وهذا المعهد هو الذراع البحثي للوبي المصالح الإسرائيلية في واشنطن، وغالبا ما يعبر عن وجهة نظر هذه المصالح.