"شعبي المحبوب.. الليلة نستقبل شهر رمضان المبارك فرحين بما آتانا الله من نعمة الدين وعزة الوطن، فإليك الكريم تهنئة صادرة عن قلب يفيض إيمانا بالله، وحبا لرسوله، ورعاية لك وثقة بك، وعطفا عليك ، يقول الله تقدمت ذاته، وتعالت صفاته : «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون» ، وامتثالا لأمره جل شأنه أذكر نفسي وإخواني المسلمين بالاعتصام بالصيام، ففي الصوم تهذيب للنفس ورياضة لها علي احتمال المكاره، وعلى الصبر الذي هو من أكبر الأخلاق المقومة لحياة الأمم ومجدها، وفيه كف لليد واللسان عن الطغيان والعدوان والكذب والبهتان ، وإنه ليشرح صدري في هذه الليلة المباركة أن أسأل الله جلت قدرته أن يمدنا بعنايته ، وأن يجعل مجهوداتنا القومية مقرونة بالتوفيق وأن يعلي دينه وأن يعلي قدر الوطن قدر سبحانه، نعم الهادي ونعم المعين.. وسلام الله وتحيته عليكم أجمعين". كانت هذه هي كلمة الملك فاروق الأول إلى الشعب المصري في ليلة الأول من رمضان من العام 1360 هجري الموافق الثاني والعشرين من شهر أغسطس 1941 . نشرت جريدة المصور من نفس العام خبرا عن مأدبة إفطار أقامها فاروق جاء فيه "كان كبار رجال القصر ممن يحظون بشرف المآدب الملكية في رمضان، وكان البروتوكول مقصوراً على أصحاب المعالي والسعادة والعزة، فتفضل جلالته بإقامة مأدبة عائلية في قاعة المآدب الكبري بقصر عابدين نال شرف حضورها أربعمائة موظف من أكبر درجة أي من أصحاب المعالي فنازلاً إلى الأفندية وموظفي الدرجة التاسعة وقد شملهم جلالة الملك جميعاً بعطفه الكريم .. وقد سمح جلالته بالتيسير على صغار الموظفين بأن يحضر جميع المدعوين بالثياب العادية الغامقة ، وكانت مأدبة فاخرة قدم فيها شراب البرتقال والسجائر ثم تلاهما الأصناف الآتية - حساء ساخن بالخضر، حمل بلدي بالخلطة، وفاصوليا بالدجاج، وديك رومي فاخر بالبطاطس وأرز مع لبن زبادي، وحلاوة بالقشدة وخُشاف وفواكه وقهوة. وقد أكل الموظفون هنيئاً مريئاً ونعموا بالعطف السامي، والرعاية الكريمة، وكانت هذه المأدبة مظهراً جميلاً وقدوة حسنة للرؤساء فيما يجب أن يكون بينهم وبين مرؤسيهم كباراً وصغاراً من عطف وتعاون ورعاية وجو عائلي ، ولم يشأ صاحب الجلالة أن يحرم من هذا العطف جميع من يتشرفون بخدمة السراي، فظفر الخدم والسائقون والجناينية بنفس الطعام الذي أكل منه الملك". وبصرف النظر عن مآثم الملك فاروق التي دعت إلى القيام عليه بثورة فقد كانت له لفتات إنسانية كريمة في دعوة موظفيه وخدمه إلى "بعض" مائدته ، ودعوة الفقراء المصريين إلى "مائدة الرحمن" فإن ما فعل مازجه الكثير من المنّ .. ويظهر ذلك جليا فيما نقلته صحيفة المصور .