- ما يحدث في مصر اليوم هو خير، حتى وإن تسبب في أن يتولى حكم مصر أحد مجرمي عصر مبارك. ما يحدث على الساحة من حل مجلس الشعب ومن انكشاف عوار المؤسسة القضائية والعسكرية والأمنية ومن ظهور الوجوه الحقيقية لطلاب الدنيا وعبدة الظلمة، كل هذا خير. - ما يحدث اليوم من مواجهة حقيقية للنفس نشعر بها كأفراد وتيارات وقيادات يؤكد أننا بحاجة إلى تصحيح مسيرتنا الثورية سواء فاز من نحب أو فاز من نكره، لن يغير هذا الأمر شيء إن لم نتغير نحن في تعاملنا مع ثورة مصر. وهذا خير. - تعرفنا اليوم كيف أن الشعب المصري لم تعد ترضيه أو تكفيه الشعارات حتى تلك الشعارات الدينية التي كانت يوما ما براقة. الشعب المصري يحتاج أن يرى حلولا حقيقية لمشكلاته العاجلة: الأمن والصحة والتعليم والفقر. خير لنا أن نعرف ما يريد منا الشعب إن كنا نريد لثورته أن تنتصر لتساعده .. وهذا خير. - نكتشف اليوم داخل صفوفنا نحن أبناء الثورة أن منا ضعفاء، ومنا جبناء ومنا "من يريد الدنيا"، ومنا من تكاسل عن إكمال الطريق، ومنا من كان خائناً لنا، ولم نكن نعرف، ومنا ومنا .. فينا كل أمراض شعبنا. وهذا خير أن نعرف فنتداوى، ونعالج الخلل لتنهض بلادنا. وهذا خير. - عرفنا في الآونة الأخيرة كيف أن الظالم لم ينكسر. وأن الإحسان للظالم يتسبب في زيادة جبروته وحرصه على المزيد من القهر للمظلوم. علمتنا الأيام والأسابيع الماضية أن بلادنا مطمع، وأنها غنية وتستحق أن يقاتل الظلمة للعودة إلى حكمها. فما بال الأخيار يلعنونها! معرفة قيمة بلادنا بحق خير. ومعرفة حرص الظلمة على العودة لقهر الشعب خير. لن نسمح لهم وهذا خير. - علمتنا شدائد المرحلة الأخيرة أن من يرون نفسهم فوق شعبنا لن يربحوا تعاطفنا معهم. ومن يرون قيمة تيار تعلو على قيمة شعب لن ينتصروا. ومن يرون مصالحهم فوق مصالح أمتهم، لن يستقر لهم الحكم. علمتنا الثورة أن الإخلاص لمصر ليس حكراً على فئة ولا تيار، ولا يقاس بطول لحية أو قصرها. وإنما بالثبات على المواقف والصدع بالحق والحرص على الوطن. أن نعرف مكامن القوة في شعبنا، ونقاط الضعف في تياراتنا. فهذا خير. - تظهر لنا المرحلة الحالية من هم اصدقاء مصر بحق من الدول المحيطة بنا. نتعرف عمن يريدون انتكاسة شعب مصر كي ترتفع دولهم. نكتشف من يصرفون على المرشحين لكي تنتصر مصالحهم في مصر. غابة المنافع والمصالح تتكشف يوماً عن يوم. وهذا خير. - هذه الثورة ليست انتفاضة شعب على الظلمة فقط. ولكنها صحوة جيل الشباب الذي يرفض استمرار هيمنة الكبار على الوطن. كل الأحداث الماضية أكدت أن روح الشباب تحارب روح العجزة. وليست المسألة مسألة عمر في شهادة ميلاد، لكنها روح تتقد بالشباب حباً أن تستعيد مصر شبابها. تأكدنا من مقولة حان أن نرددها: انصروا الشباب لتنتصر مصر. وهذا خير. - حاول خصوم الثورة تركيعها من اليوم الأول لها. استخدموا المكر والحيلة وخيانة البعض منا وضعف البعض الآخر، وجهل بعض الأكابر، وعناد من يدعون فهم كل شيء. تم استغلال كل هذا، لكن جذوة الثورة لم تنطفئ. بل أن النار المشتعلة تنفي الخبث عن النفوس الكريمة. وتطهر المعادن الأصيلة، وتحرق كلاب السلطة، وتنير ظلام الانتكاس عن الثورة. هذه النار المشتعلة لن تخبو، بل ستزذاد قوتها يوما بعد يوم، حتى تطهر مصر من المجرمين والظلمة، وتمهد الأرض لمشروع متكامل لعودة مصر إلى العالم. وسيحدث. هذه النار وهذا الحقد المشتعل من خصوم الثورة، وهذا الخذلان المتكرر من الله لأعداء الثورة، كل هذا يؤكد أن الثورة ستنتصر. وهذا خير الخير! - لا تحسبوه شراً لكم .. بل هو خير!