يُتيح للمستثمرين إدارة المستشفيات العامة.. قانون المنشآت الصحية يثير الجدل بين "الأطباء" و"النواب"    «الصحفيين» تعلن أسماء الفائزين بالمسابقة الدينية في الإسكندرية غدًا    عبد الله رميح: جذب استثمارات أجنبية لتوطين صناعة الورق يساهم فى النهوض بالقطاع    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار عاجل من المحافظ بشأن عيد الأضحى.. وحصاد 90% من المساحة المنزرعة قمح    القسام تنفذ كمينا لقوات الاحتلال في بيت لاهيا    صحة غزة: 57 شهيدًا في غزة خلال ال24 ساعة الماضية والحصيلة ترتفع إلى 35،857    السد بطلا ل كأس الأمير بالفوز على قطر 0/1 (صور)    أخبار الرياضة اليوم.. فوز إنبي وتعادل فاركو مع سموحة بالدوري.. والأهلي يختتم استعداداته لمباراة الترجي    درجات الحرارة غدا السبت 25-05-2024    إصابة خطيرة.. سقوط مسن من أعلى سلم منزله بالغنايم في أسيوط    الإعلامية دعاء عامر تحتفل بزفاف نجلها (فيديو وصور)    علامات تلف أعصاب العين .. والعلاج فيتامين ب 12    حسام موافي يقدم نصائح لمرضي السكر لمنع الغيبوبة    مباشر سلة BAL - الأهلي (0)-(0) الفتح الرباطي.. بداية اللقاء في المرحلة الترتيبية    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    حيل وألاعيب يستخدمها المشكك في نشر الشبهات، فيديو جديد لوحدة بيان في الأزهر    الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى (فيديو)    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    عمليات حزب الله دفعت 100 ألف مستوطن إسرائيلي للنزوح    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    إستونيا تستدعي القائم بأعمال السفير الروسي على خلفية حادث حدودي    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    بسبب فستان.. القصة الكاملة ل أزمة ياسين صبري ومصمم أزياء سعودي (صور)    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    منتخب مصر للساق الواحدة: تعرضنا لظلم تحكيمي ونقاتل للتأهل لكأس العالم    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    الرئيس البرازيلي: منخرطون في جهود إطلاق سراح المحتجزين بغزة    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    منتخب رفع الأثقال البارالمبي يحصد 3 ميداليات في أول أيام كأس العالم بالمكسيك    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «دولارات الكونفيدرالية» طوق نجاة الزمالك    5 نصائح للتعامل مع منخفض جوي يضرب البلاد الأيام المقبلة.. تحذير من ظاهرة جوية    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير مؤسسة للسياسة المصرية
نشر في التغيير يوم 31 - 05 - 2012

هي مجموعة من الأساطير التي تشكل الوجدان الجمعي للسياسة والتفكير في السياسة والسياسيين، والمجتمع المصري بوجه عام. ونظرا لبزوغها في الفترة الماضية، فقد آثرنا جمع وتناول أهم ثلاثة اساطير فيها، حتى نستطيع الحفاظ على التراث الشفهي الأسطوري لحياتنا السياسية في مصر.
الأسطورة الأولى
تقول الأسطورة أن نظام مبارك قد سقط، أو أن المشكلة كانت في مبارك وشلته، ربما امتدت شلته لكي تشمل أسماء كثيرة، وقد ظلت هذه الأسطورة مسيطرة بشده في بدايات الثورة، لكن لحسن الحظ بدأ كثير من جوانبها بالسقوط، وتبين للكثير أن نظام مبارك يحوي بداخله الكثير. تبَقّى فقط أن البعض ما زال يعتقد أن النظام سوف ينتهي، ويبدأ العهد الجديد، حينما يتولي الرئيس القادم منصبه (إذا لم يكن شفيقا)، وهو بالطبع آخر الأوهام التي بقيت من هذه الأسطورة، فتفشي أذرع الحزب الوطني في اجهزة الدولة وسيطرة المئات من العسكريين السابقين على مفاصل الدولة (وتمتع المؤسسة العسكرية باستقلالية كبيرة عن الدولة، خاصة في الجانب الاقتصادي والإداري، بل ودورها التقليدي في حفظ النظام القديم)، والقدرة القوية في العمل لدي الأجهزة الأمنية (أمن الدولة والمخابرات وما شابه)، بالإضافة للدعم الامريكي المعتاد وطبقة رجال الأعمال والمنتفعين، كل هذا يجعل من مرحلة تولي الرئيس القادم، مرحلة جديده في الصراع مع النظام القديم.
ومن ثم، فإن الحديث عن سيطرة الإخوان على الدولة في حال وصولهم للرئاسة هو أمر عبثي، فالنظرية تفترض أننا نعيش في دولة عادية ديموقراطية تسير بالقانون، ومن ثم فسيطرة تيار ما على المؤسسات والجهات السياسية (والسياسية فقط، البرلمان والحكومة والرئاسة) تجعل منه تيارا مسيطرا على الدولة، وهو بالتأكيد أمر عبثي تماما في ظل ما قلناه آنفا.
الأسطورة الثانية
تقول الأسطورة أن الإخوان هم تيار الاستبداد الديني، وأنهم سيسعون لإقامة دولة دينية. لحسن الحظ أن هذه الأسطورة واضحة، لكن لدى التيارات الإسلامية فقط للاسف، ففي البداية لا يتم تعريف ما هو شكل هذا "الاستبداد الديني"، فالبعض على سبيل المثال، يتحدث عن فرض مظاهر التدين بالقوة (مثل مسألة فرض الحجاب)، وهو أمر مضحك بالفعل، حيث أن المشهور عن الإخوان عدم تقيدهم الصريح ب"الهدي الظاهري" أي الالتزام في الشكل والسلوك بتعاليم الإسلام (طبقا لما يراه بعض التيارات بالطبع)، وهو ما نلاحظه على سبيل المثال في موضوع اللحية، فلا يستطيع أحد القول بأنها سمت إخواني مميز، بل إن العديد منهم لا يلتزمون بها، أما عن اللباس فحدث ولا حرج، فمسألة الجلباب ليست منتشرة اصلا بين الإخوان (ناهيك عن الجلباب القصير والعمامة أيا كان شكلها).
بالطبع لا ننكر بعضا من مظاهر الهدي الظاهر (وخاصة النقاب) التي انتشرت لدى الإخوان نتيجة موجة تسلف واضحة، لكنها بالتأكيد لم تصل لتصبح نمطا عاما، فضلا عن منهج في التعامل، بل أن الامر يصبح اكثر أثارة للضحك حينما نقارن منهج وأدبيات وفكر الإخوان وسلوكياتهم بمثيلاتها لدى الجماعة الإسلامية قبل المبادرة مثلا، فلا يستطيع أحد أن يذكر حادثة واحده تبني فيها الإخوان منهجا لفرض مظاهر التدين، كما كانت تفعل الجماعة الإسلامية في الثمانينيات (وهي تختلف عن الجماعة الإسلامية او الجمعية الدينية التي كانت في الجامعات في السبعينات، وبالتأكيد تختلف عن جماعة الجهاد وجماعات التكفير الأخرى). بل إنك لا تستطيع أن تلحظ مثل هذا الفكر أصلا في أدبيات ومنهج الإخوان، حتي مع موجة التسلف التي حلت عليهم، وهذا لان التيارات السلفية في الاصل لا ترى— بشكل عام— مسألة فرض التدين بالقوة (وهو ما كان أحد مظاهر الاختلاف بينها وبين التيارات الجهادية بشكل عام، والجماعة الإسلامية بشكل خاص).
أما الحديث عن مسألة الدولة الدينية، فهو يثير الشفقة أكثر مما يثير الضحك، فبغض النظر عن أن تعريف "الدولة الدينية" أصلا لا ينتمي للإسلام، ولا يعرفه الإسلام كنسق فكري وكنموذج معرفي، وبالرغم من تبني الإخوان للإسلام كمنهج للتغيير، فإن الانتقاد الاكبر للإخوان من قبل التيارات الإسلامية الأخرى هو عدم جديتهم في تطبيق الشريعة ومنهج الإسلام.
حتي في المقارنة بين موقف مرشد الإخوان والخميني في إيران، حتى هذه المقارنة لا تصب في اطار أسطورة الدولة الدينية، فالخميني في إيران هو مرجعية سياسية وفكرية وفقهية، بينما المرشد العام في الإخوان يمثل مرجعية سياسية وحركية فقط، بينما تقع المرجعية الفكرية/الفقهية على عاتق علماء مثل القرضاوي أو محمد الغزالي او سيد سابق (أو بعض دعاة السلفية في العصر الحالي)، ناهيك عن أنه لا يعرف أصلا للمرشد الحالي أو حتى لمرشدين سابقين (ربما باستثناء البنا تحديدا) اجتهادات فقهية متكاملة أو مذاهب فكرية، فضلا عن أنه إن وجدت بعضا من هذا أو تلك، أن تكون ملزمة لاعضاء الجماعة. ومن ثم فالحديث عن دولة دينية نظرا لوجود مرشد الإخوان هو أمر غير منطقي بالمرة. هذا لا يعني موافقتنا على مثل هذه العلاقة، ففي نهاية الامر، دولة القانون تعني أن الجميع يخضع للمحاسبة وقواعد الشفافية، ومثل تلك العلاقة، بين رئيس الجمهورية ومرشد الإخوان تنتهك ابسط صور الشفافية والمحاسبة، ولكنها بالتأكيد لا تعني دولة دينية مثل ايران.
الأسطورة الثالثة
تقول الأسطورة أن الإخوان المسلمين هم شعب الله المختار الذين سيتحقق على ايديهم عصر التمكين عن طريق مشروع النهضة وما شابه. حسنا تبدو الأسطورة جميلة، ويتم التأكيد عليها بين الحين والآخر، لكن النظر المتبصر قليلا في مشروع الإخوان السياسي يجد الكثير مما ينتقص من هذه الأسطورة، بل ويخسف بها تماما. فمثلا، يتبني الإخوان (في برنامج مرشحهم وفي مشروعهم للنهضه على سبيل المثال) أطروحات اقتصاد السوق بامتياز، بل وتميل الفلسفة الاقتصادية الإخوانية ليس فقط نحو الرأسمالية المتحررة، لكن أيضا نحو سياسات نيو ليبرالية أيضا، مما يخلق بيئة مناسبة كي تغوص مصر أكثر فأكثر نحو مزيد من الالتصاق بالنظام العالمي القائم، ومن ثم الخضوع له (وهو ما يتنافى مع رؤية العديد من التيارات الأخرى عن النموذج الإسلامي، وبالتأكيد فانه يتنافي مع فكرة أستاذية العالم لدى البنا).
أما على الجانب السياسي فنحن نشهد تغليب مصلحة الجماعة والتنظيم في كثير من الأحيان (إن لم يكن كلها) فوق مصلحة الجميع— بما فيها الوطن أو حتى الإسلام—لا يعني ذلك بالضرورة أن مصلحة الجميع والوطن والإسلام ليست من ضمن مؤثرات القرار الإخواني، فالقول بهذا بالتأكيد يعبر عن فشل في الرؤية، بل وفشل في تفسير القرار الإخواني الذي تحمّل من الاعتقال والاضطهاد والتعذيب ما لا يحتمله سوى أصحاب القضايا المؤمنون بها والمستعدون لبذل الغالي والنفيس من أجلها. لكن نظرا للقمع المستمر (منذ عهد عبد الناصر)، فقد حدث نوع من تزاوج الرؤية بين القضية والمؤمنين بها، بين "المشروع" وبين "الجماعة" التي تقوم به، وهو ما خلق حالة تغليب مصلحة الجماعة والتنظيم التي أشرنا اليها. رأينا ذلك كثيرا في ما قبل الثورة وفيما بعدها، رأيناه في 6 أبريل 2008، ومن قبله في مظاهرات ربيع 2005، ثم رأيناه في أول أيام الثورة مع تأخر قرار الجماعة، ثم رأيناه بعد الثورة في كثير من المواقف التي تتصف بأنها كانت سعيا من الجماعة لاكتساب أكبر مكاسب ممكنة، مما بدا أنه كعكة سهلة المنال.
ومن ثم فالحديث عن الإخوان كحملة مشعل الإسلام وخطباء منبره وطليعة مرابطي ثغوره هو أمر به أوهام كثيرة تنحو نحو تمجيد القيم المعنوية من أجل اضفاء الشرعية (وفي بعض الأحيان التبرير النفسي) للأفعال المادية. لكنه بالتأكيد لا يدفعنا إلى الأسطورة المقابلة والتي تقول بأن الإخوان ما هم إلا تجار دين، فما تعرض له الإخوان والتيار الإسلامي من تنكيل واعتقالات بالآلاف والمحاكمات العسكرية والتعذيب في السجون (حتى الموت أحيانا كما في حالة الأستاذ كمال السنانيري وغيره) كل هذا وغيره مما لم يتعرض له في حجمه (لا نقول في نوعه) باقي التيارات السياسية، يجعلنا نثق في إيمان هذا التيار بقضيته، اختلفنا او اتفقنا معها.
هذه بعض أهم الأساطير المؤسسة للسياسة المصرية، نرجو من الله أن نتمكن من الإضافة إليها وتطويرها.
ملحوظة أخيرة: كانت فكرة المقال لدينا منذ فترة، لكن فكرة الأسلوب قد أوحى بها الاخ العزيز راجح السياجي، وكتبها في مقال له، فتوسعنا فيها استلهاما لاسم كتاب روجيه جارودي المعروف، لذلك لزم التنويه حفاظا للحقوق الفكرية وإقرار بالفضل لأهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.