حشود إسرائيلية على طول الجبهة: إذن أمريكا علينا؟! زيارة جون كيري في نفس التوقيت: إذن أمريكا معنا؟! اطرح ما علينا مما معنا يبقى: «لا شيء»! عودة أحمد شفيق لانتخابات الرئاسة: إذن القضاء النزيه علينا؟! عدم حل مجلس الشعب: إذن القضاء معنا؟! اطرح ما علينا مما معنا يبقى: «لا شيء». سفك الدماء فى العباسية: إذن المجلس العسكرى علينا؟! مؤتمر صحفي للتهدئة: إذن المجلس معنا؟! اطرح ما علينا مما معنا يبقى: «لا شيء». الحشود الثورية فى التحرير والعباسية فى جمعة واحدة: إذن نحن معنا؟! اختلاف الحشود إلى أشتات وصيحات: إذن نحن علينا؟! اطرح ما علينا مما معنا يبقى: «لا شيء». الجانب الإيجابى في الحسبة السابقة أن النتيجة لا شيء! لا شيء يضعف الثورة، ولا شيء سيستعسر قراءته على الثوار اليقظين، ولا شئ سينال من عزيمة الشعب لاستكمال المشوار وإحداث التغيير. أما الجانب السلبي، فهو أن هذه الأحداث لا تبشر بخير، بل تنذر بالتصاعد الكارثي، لا قدر الله. ومن ورائها متهمون لا يخفون على أحد. حسني مبارك ما زال يحكم وصورة انحناء المشير له في قفص الاتهام رموزها واضحة، ومقولة الفريق شفيق- المنفية- بأن قدوته هو حسني مبارك ما زالت بالذاكرة. فما الذى سيأتينا وما الذى يدبر بليل ونهار؟ أيا كان ما يدبرونه فالأولويات واضحة. الأولويات هي ضبط النفس والتركيز على الانتخابات ووقف التظاهرات ما لم يكن هناك إجماع عليها. ومن الأولويات أن نضرب صفحا عن عشوائيات الحالة السياسية وضوضاء الحالة الكلامية وتطرف الحالة الفعلية، وأن نضرب صفحاعن تضارب القوانين وعوراتها واللجنة الدستورية والدستور والنظام الرئاسي المختلط وغير المختلط وتبادل الاتهامات وكروت الإطاحة بين أطراف مثلث الإحباط الوطني: المجلس والحكومة والمجلس، وأن نضرب صفحا عن الاستفزازات والاستدراج للعنف وحتى عن استدراك ما فات وتضييع الوقت في افتراضيات تصحيح الأخطاء، فلم يبق إلا أيام معدودات. علينا أن نرتكز على الحجر الأول من أحجار الديموقراطية الذي تم إرساؤه باختيار الشعب الحر لممثليه فى انتخابات نزيهة، ثم نركز على اختيار الرئيس، ونساير ما هو سائر-حتى الا- لننتقل إلى الحجر الثان: حجر اختيار الرئيس. كيف نختار الرئيس؟ أن نتفق على مرشح. ألا نختلف وتتشتت أصواتنا وتجرى الرياح بغير ما نريد. أن نتفق على أن لا عودة للوراء، ولا لرموز القديم وأعوانه ونعم للتغيير ولفرسانه. أن نتفق على أن مصر تحتاج إلى قوة في حكمها لا تستمدها من السلاح والعنف، بل من الاستقرار والاتفاق والالتفاف حول رئيس مناسب لهذه المرحلة، يحصد الأصوات في مواجهة أصوات الفلول. الحل الرومانسى أن نتخيل أن المرشحين- من غير الفلول أو بهم- قد اجتمعوا وأغلقوا على أنفسهم الحجرة، واتفقوا أو اقترعوا على مرشح واحد بغض النظر عن تلازم توزيع المناصب اللاحقة، كما تم انتخاب عثمان (ر)، وكما ينتخب الكرادلة بابا الفاتيكان وكما ينتخب بطريرك الإخوة الأقباط. أنى لنا بقوة تعيننا على هذا الحل، أم أن هذه الأخرى أمنية متممة للحل الرومانسى. لم افتقد في هذه الثورة قيمة- من بعد الشرعية الثورية- قدر ما افتقدت التفاتا كان مرجوا من الثوار إلى حكماء هذه الأمه ونجبائها والتفافا حولهم؛ ولربما كانت الفقد في الحكماء ذاتهم أكبر. الحل العملي والواقعي أن نحتشد حول المرشح المرجح فوزه، ونعطيه أصواتنا مع هامش تجاوز بين آرائنا وانتماءاتنا وبين آرائه وانتماءاته إعمالا بالقاعدة التي تقول أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والمفاسد هنا هي الفلول وزمنهم الغابر. فى أول انتخابات رئاسيه نزيهة، يعد نصرا ودرءا للمفاسد أن نمكن مرشحا جديدا من إزاحة مرشحى الفلول، وهذا لن يكون الا بالاحتشاد حوله وعدم تشتيت أصواتنا بين مرشحين تتساوى كفتي حظوظهم أو مرشحين تتضاءل فرص فوزهم. هذه هي الفكرة؛ مرشح واحد نتفق عليه. نحن شعب معظمه لا يقرأ ولا يكتب، وإن سمع فإنه يحب أن يسمع المختصر المفيد، والمختصر المفيد أن هناك جانب فيه مرشح الإخوان الذين فازوا بأغلبية البرلمان باستحقاق، لكنهم يخسرون بمرور الوقت الحشد الشعبي السابق بكثرة أخطائهم في المخاض الثوري، ومن ثم يستكثر عليهم الشعب الاستحواذ بمنصب الرئاسة أيضا؛ خاصة وقد تطايرت بعض شذرات من أراء متطرفة أو مستغلقة من ناحيتهم. وفي الجانب الآخر، مرشحو الفلول الذين في فوز أحدهم خذلان للثورة وروح التغيير واستفزاز واستنفار لحالة من العداء الشعبي والمواجهة التي قد لا يحمد عقباها. وبين الجانبين مرشحون من تيارات واعدة؛ هم الدم الجديد ونبض الشارع وأمانيه الممكنة. فمن هو المرشح من بين هذه التيارات الواعدة صاحب النصيب الأرجح؟ هذا رجلنا. مما لا شك فيه أن الفترة الإعلامية القادمة، وما ستزخر به من تصريحات ومقابلات وبرامج انتخابية ومناظرات ستضيف إلى هذا المرشح بعض الأصوات، وتسحب من ذاك بعض الأصوات، لكن تبقى الفكرة الأصيلة أننا لن نتحرك من هذا لذاك نتيجة لتحرك بعض الاصوات، بل سنتحرك من كل هؤلاء المرشحين إلى ذاك المرشح المرجح له تجميع جل الأصوات. المرشح الوسط ، الحكيم، العصري، الأصيل، الحيوي، القوي في غير صلف واللين في غير ضعف. الذي يستعين بالخبراء، ولن يحتكر القرار، المنفتح على الخارج والمستوعب لمشاكلنا. رئيس كل المصريين والذي تعكس شخصيته وأقواله وأفعاله الاستقرار والذي هو أحوج ما نحتاجه في السنوات الأربع القادمة. أخال أبو الفتوح هو المرشح الأرجح. نزاهة الانتخابات همٌ آخر لا بد من الاحتراز له؛ كيف نسد منافذ التزوير؟ هل الرقابة كافية؟ هل هناك محاذير في نقل الصناديق؟ هل يمكن الفرز في نفس المقر؟ وأبعاد كثيرة الأحرى أن تطرح للمناقشة الآن حتى نستوفي دقائقها. وبعد، فإن لم يمكنونا من إرساء الحجر الثانى، حجر اختيار الرئيس، وبثوا المكائد والدسائس وأداروا البلاد بالأزمات والكوارث واستخفوا بالعباد وثورة الأسياد؛ فإن الشعب الذى عرف كيف يلفظ الانكليز والفرنسيين والإسرائيليين أول أمس والذي صرع الخوف وخرج بالملايين في كل الميادين البلاد عرضها وطولها بالأمس، يعرف كيف يلفظ من يكممون أنفاسه ويحاولون خنقه. اللهم سلم.