لا يمكن أن تنهض أمة إذا حكمها تيار على طرف المجتمع وليس من تيارات الوسط في حياة تلك الدولة. وفي كل صراع سياسي أو حراك اجتماعي يوجد وسط وأطراف. الوسط أقرب إلى الاعتدال والتعبير عن الأمة، بينما الأطراف عادة ما تكون متشددة أو متساهلة أو تتصف بالغلو أو الإفراط أو تميل للتفريط. في مصر أيضاً هناك في الحياة السياسية وسط وأطراف. وللأسف، منطقة الوسط في مصر ضعيفة وتحتاج للصلابة. أطراف التشدد ليست بالضرورة متشددة دينياً، لكنها أحادية التفكير سياسيا، تميل للإقصاء، وترى نفسها على حق وما سواه ضلال مبين، وترى نفسها وحدها مؤهلة للحكم وأن على الشعب تسليم مصيره لها بلا سؤال، فهي أدرى بمصالحه. وبينما تسعى تيارات التفريط السياسي للحلول النفعية البرجماتية وترذل قيم الولاء للوطن، فيكثر حديثها عن المنافع والمصالح على حساب القيم والمباديء. وترى السياسة إدارةً للتدافع بين القوى السياسية المختلفة حول المصالح، ومغالبة القوي للضعفاء. وبين تيارات الغلو السياسي والتفريط السياسي تضيع الكثير من الدول والمجتمعات. مصربحاجة لتقوية وسطها المعتدل سياسيا وفكريا، والحذر من حكم الأطراف والهوامش. فعندما تحكم الأطراف السياسية، تتهمش الدولة أيضا. ولا ينبغي لمصر أن تكون دولة هامشية بعد الثورة.