د.مازن النجار \n\n أفادت دراسة حديثة، نشرت مؤخراً بدورية \"نيتشر نيوروسَيَنْس\" العلمية البريطانية، أن ألعاب الفيديو ذات المستويات العالية من الحركة (أكشن)، مثل ألعاب الرامي (القناص) الأول، تزيد في الواقع قدرة اللاعب البصرية، بحسب خدمتي يوركأليرت وسَيَنْس ديلي.\nفالمعلوم أن القدرة على التمييز بين الاختلافات الطفيفة في الظلال الرمادية، كان يعتقد منذ فترة طويلة أنها إحدى سمات نظام الإبصار البشري التي لا يمكن تحسينها.\nبيد أن دافني بافليير، أستاذ الدماغ وعلم الإدراك بجامعة روشستر الأميركية، وزملاءها اكتشفوا أن لاعبين متمرسين بألعاب فيديو الحركة أصبحوا أفضل بصرياً بنسبة 58 بالمائة في إدراك الفروق الدقيقة المتباينة، مقارنة بغير اللاعبين.\nفتحسين حساسية البصر للتباينات يعني عادة استخدام نظارة طبية بعدسات مناسبة أو إجراء جراحة بالعين، لتغيير خصائص العين البصرية. لكن الباحثين وجدوا أن ألعاب فيديو الحركة تدرب الدماغ على معالجة المعلومات البصرية المتاحة بشكل أكفأ، وتستمر التحسينات لأشهر طويلة بعد توقف اللعب. \nمكمل لتقنيات التصحيح\nيستند هذا الاستنتاج لأبحاث بافليير السابقة التي أظهرت أن ألعاب فيديو الحركة تقلل الازدحام (الانشغال) البصري وتزيد الانتباه البصري. الحساسية البصرية للتباينات هي عامل رئيس يقرر حدود جودة القدرة البصرية.\nيرى الباحثون أن النتائج تظهر أن التدرب (البصري) بألعاب فيديو الحركة قد يفيد كوسيلة مكملة لتقنيات تصحيح العين، لأن التدرب باللعب يلقن قشرة البصر بالمخ الاستفادة الأفضل من المعلومات التي تتلقاها.\nوللوقوف على تأثير ألعاب الفيديو عالية الحركة في حساسية العين للتباينات، قام الباحثون باختبار وظيفة تلك الحساسية لدى 22 طالباً متطوعاً، ثم قسموهم إلى مجموعتين.\nالأولى تدربت على لعبتين من ألعاب فيديو الحركة المعروفة، هما "Unreal Tournament 2004" و"Call of Duty2". المجموعة الثانية تدربت بلعبة "The Sims2"، وهي لعبة فيديو غنية بصرياً، لكنها لا تنطوي على مستوى تنسيق الحركة البصرية الموجود باللعبتين الأخريين.\nتدرب المتطوعون بالمجموعتين لمدة 50 ساعة على الألعاب المعينة لهم خلال فترة 9 أسابيع. بنهاية التدريب، أظهر لاعبو ألعاب فيديو الحركة (المجموعة الأولى) تحسناً بمتوسط 43 بالمائة في قدرتهم على تمييز التباينات بين أطياف الرمادي المتقاربة.\nمسار المعالجة البصرية\nوهذا يقارب التحسن الذي رصدته البروفسور بافليير في دراسة سابقة لدى المقارنة بين لاعبي ألعاب فيديو الحركة وغير اللاعبين، بينما لم يظهر على مجموعة لاعبي "The Sims2" أي تحسن.\nيقول الباحثون أن هذه أول دراسة، كما يبدو، تظهر إمكانية تحسين وظيفة الحساسية البصرية للتباينات بمجرد التدريب البسيط. عندما يلعب الأفراد لعبة حركة، فهم يغيرون مسار الدماغ المسؤول عن المعالجة البصرية.\nفهذه الألعاب تدفع نظام الإبصار البشري باتجاه حدوده القصوى، ويتكيف الدماغ مع ذلك. وقد استمرت التأثيرات الإيجابية عند اللاعبين حتى بعد مرور سنتين على نهاية التدريب.\nبالنسبة للباحثين، تشير النتائج إلى أنه برغم المخاوف العديدة بشأن آثار ألعاب فيديو الحركة على اللاعبين، والوقت الذي يُقضَى أمام شاشة الحاسوب، إلا أن ذلك الوقت ليس ضاراً بالضرورة، على الأقل بالنسبة للبصر.\nبالاستفادة من نتائج دراسة ألعاب فيديو الحركة، وبالتعاون مع مجموعة باحثين، تقوم البروفسور بافليير حالياً بالنظر في معالجات لغطش البصر أو \"الأمبيليوبيا\"، وهي مشكلة ضعف بصر ناجمة عن سوء نقل الصورة البصرية إلى المخ.\nألعاب الفيديو تحرق السعرات كالنشاط البدني\nفي سياق متصل، كانت دراسة بريطانية قد وجدت منذ عامين تقريباً أن بعض ألعاب الفيديو تفيد لاعبيها في حرق الدهون بصورة سعرات حرارية، كما لو أنهم يمارسون نشاطاً بدنياً كالمشي النشِط.\nفقد لاحظ باحثون بريطانيون من جامعة هيرَيوُت في أدنبرة أن التطورات والتقنيات الحديثة في صناعة ألعاب الفيديو أتاحت تنوعاً هاماً في وحدات التحكم الجديدة في اللعبة، بحيث أصبح اللعب بها يتطلب تحريك البدن.\nولفتت نتائج هذه الدراسة إلى وجود بعض الجوانب المفيدة لممارسة ألعاب الفيديو، التي عادة ما تعتبر مسؤولة عن المساهمة في زيادة وباء البدانة المنتشر بين الأطفال. فعلى سبيل المثال، ذكرت الدراسة أنه يمكن للاعبين حرق ما يعادل حوالي 300 سعراً حرارياً خلال نصف ساعة من ممارسة بعض ألعاب الفيديو، وهي نفس مقدار السعرات التي يتم حرقها على مدى ساعة من المشي النشط.\n في سياق إجراء الدراسة، اختار الباحثون 16 لاعباً متطوعاً يمارسون لعبتين مختلفتين على جهاز پلاي ستيشن، شائع الاستخدام بين الأطفال والمراهقين، الذي تنتجه شركة \"سوني\". وقاموا بتقدير السعرات المحروقة بواسطة قياس سرعة دقات القلب ومستوى استهلاك الأكسجين.\nلا غنى عن النشاط الرياضي\nبالطبع جاءت نتائج الدراسة برداً وسلاماً لشركة سوني، التي رحبت بتلك النتائج وبادرت بالتأكيد على أن بعض ألعابها قد صُمم منذ البداية لتحفيز النشاط البدني، وأنها طورت وطرحت بالأسواق عدداً من ألعاب پلاي ستيشن، منها \"إي توي پلاي\" و\"إي توي كاينِتك\"، وهما تدفعان اللاعبين للحركة والمشاركة التفاعلية.\nكذلك، تعرضت الدراسة للجوانب البدنية لجهاز اللعب \"ويي\" (Wii)، أحد منتجات شركة ننتندو واسعة الانتشار، وهي لعبة فيديو مصممة بحيث يحاكي لاعبوها حركات ألعاب رياضية حقيقية على الشاشة.\nووجدت أن هذا الجهاز يحسن النشاط البدني اليومي للطفل اللاعب، فتقنيات استشعار الحركة المستخدمة في تصميمه تسمح بانتقال الشعور بالحركات الحقيقية لألعاب مثل الملاكمة والتنس، فتحدث تأثيراً على سرعات دقات القلب واستهلاك الأكسجين واحتياجات البدن من الطاقة في صورة سعرات حرارية مستهلكة.\nبيد أن الباحثين يحذرون من استبدال ألعاب الفيديو بالنشاطات البدنية الأساسية، ويوصون الأهل بتشجيع الأبناء على الانخراط في أنشطة رياضية خارج المنزل والمساعدة في أعمال بدنية أخرى داخله.