د.مازن النجار \n\n المعهد الوطني لوسائط الإعلام والأسرة، وهو مؤسسة إعلامية أهلية أميركية مهمتها الأولى مراقبة صناعة ألعاب الفيديو وانتقاد المحتوى الذي تنطوي عليه ألعابها، خاصة كمية العنف بهذه الألعاب.\nوجّه المعهد الوطني اهتمامه مؤخراً نحو دور الآباء والأمهات من خلال التقرير التقييمي السنوي الذي تصدره هذه المؤسسة. وكانت المفاجأة أن تقييم التقرير لدور الآباء والأمهات جاء سلبياً وحاز على تقدير \"ناقص\".\nفي المقابل، حازت صناعة ألعاب الفيديو على تقدير \"لا بأس\" في هذا التقرير. يقول تقرير المعهد أن الآباء والأمهات لا يلقون بالاً إلى تصنيفات (ESRB) التي تصدر حول مختلف ألعاب الفيديو ومدى صلاحيتها للأطفال، ولا يستخدمون الرقابة الأبوية بالقدر المطلوب لترشيد استخدام أطفالهم لتلك الألعاب.\nيطرح التقرير السنوي سؤالاً بسيطاً وحاسماً في نفس الوقت: هل يبذل الآباء والأمهات جهوداً كافية لحماية الأطفال من ألعاب الفيديو العنيفة؟\" الجواب على أي حال معقد بعض الشيء. \nورغم أن ألعاب الفيديو ذات المحتوى العنفي قد أصبحت تمثل التيار الرئيس بين الألعاب، قام المشرعون بفعل كل ما في وسعهم لإقرار تشريعات وأنظمة صارمة لمساعدة الآباء والأمهات الذين يريدون أن تبقي عناوين العنف بعيداً عن ألعاب الفيديو، في حين لا يتوقع أحد من أي والد أو والدة أن يكون لديه قدر كبير من السيطرة أو الرقابة.\nضرورة رقابة الأهل\nومن الناحية العملية، لا يمكن مراقبة أي طفل لمدة 24 ساعة يومياً حيثما ذهب وعاد، وفي نهاية المطاف سوف تصل يديه إلى ألعاب الفيديو العنيفة.\nعلى الجانب الآخر، بينما كان يتم توجيه الاهتمام واللوم إلى صناعة ألعاب الفيديو طوال هذه السنوات نظراً لأنها كانت تتعمد تسويق ألعاب الفيديو العنيفة إلى الأطفال، لكن لم يتناول أحد دور الوالدين في هذا الأمر. لقد جاء الوقت الأمثل للآباء والأمهات لأن ينتبهوا للأمر وأن يفهموا أن تعاطيهم وموقفهم من ألعاب الفيديو العنيفة تؤثر على أطفالهم.\nتعتبر ألعاب الفيديو، على وجه العموم، جيدة لنمو وتطور الطفل، ولا ينبغي شطبها أو استبعادها تماماً. ما هو سيئ في الواقع هو منحهم بصورة عشوائية كل ألعاب الفيديو التي يطلبونها، دون الحصول على أي معلومات أو خلفيات عن موضوع اللعبة.\nمعايير تصنيف الألعاب المسماة (ESRB) هي أكثر تعقيداً من تصنيف الأفلام، وينبغي أن تقرأ قراءة شاملة، لفهم ما إذا كانت تلك اللعبة بعينها تناسب شخصية طفلنا أو طفلتنا. ينبغي قراءة مراجعة (ملخص) اللعبة وكأنك تقرأ موجزاً لفيلم، ولا تكتفِ كأب أو أم بأخذ ما يقوله الأطفال حول تلك اللعبة.\nينبغي أن يكون الآباء والأمهات أكثر اهتماماً وانخراطاً وتحملاً لمسؤولية تعليم أطفالهم بشكل عام، وأن لا يقل ذلك عندما يتعلق الأمر بمسألة مراجعة ومراقبة ألعاب الفيديو، بل ينبغي العكس تماما.ً\nدعم علاقات الأسرة\nوكان باحث أميركي قد وجد منذ ثلاث سنوات أن الإقبال على ألعاب الفيديو لم يعد مقتصراً على الصغار أو الأطفال، بل ربما أصبحت أكثر شعبية بين الوالدين أيضاً، بينما اقترح البعض اعتبار ذلك أداة يشترك في الاهتمام بها كافة أفراد الأسرة.\nوأظهر البحث الذي أجراه الباحث أندرو باب، بتكليف من \"جمعية البرمجيات الترفيهية\"، أن 35 بالمائة من الوالدين المشاركين في البحث، أي واحد بين كل ثلاثة من الآباء أو الأمهات، يُقبلون على ممارسة ألعاب الفيديو، وأن 80 بالمائة من هؤلاء يشاركون أطفالهم الاستمتاع بهذه الألعاب.\nووجدت نتائج البحث أن متوسط ما يقضيه الأم أو الأب شهرياً في ممارسة ألعاب الفيديو 19 ساعة، نصفها بمشاركة أطفالهم. من ناحية أخرى، يرى ثلثا الراشدين المشاركين في الاستطلاع أن ألعاب الفيديو تدعم علاقات الأسرة والتفاهم بين أفرادها.\nالباحث أندرو باب، وهو مؤسس الموقع الإلكتروني GamerDad.com الذي يتابع ويراجع أحدث الإصدارات من ألعاب الفيديو، ويقدم تقييماً لها، كما يتيح مجالاً للنقاش فيما بين الآباء والأمهات، يلفت نظر هؤلاء إلى أن أطفالهم سيلعبون هذه الألعاب، ومن الأفضل للوالدين المشاركة بدلاً من الانتحاء جانباً.\nوقد وجد الباحث أن هواة ألعاب الفيديو من الآباء والأمهات يتجاوز متوسط أعمارهم السابعة والثلاثين عاماً ونصفهم من النساء، وأن 23 بالمائة منهم قد تعرّفوا مع أطفالهم على عالم الألعاب الترفيهية في نفس الوقت تقريباً.\nوقد رأت أغلبية كبيرة من الآباء والأمهات المشاركين في الاستطلاع، حوالي 75 بالمائة، أنّ حماية الأطفال من ممارسة ألعاب الفيديو التي تشجع على العنف هي مسؤولية الأهل والمجتمع، ولا تقع بالضرورة على عاتق الحكومة. يذكر أن هذا الاستطلاع قد شارك فيه آباء وأمهات من 501 أسرة، تتراوح أعمار أطفالها ما بين عامين وسبعة عشر عاماً.\nألعاب فيديو لمكافحة البدانة\nوكان فريق من الأطباء الباحثين بجامعة وست فرجينيا بمدينة شارلستُن قد أجروا دراسة طبية حول جدوى استخدام ألعاب الفيديو في مكافحة بدانة الأطفال، خاصة في ظل تفاقم هذه المشكلة حالياً بالولايات المتحدة.\nدعمت إحدى شركات التأمين الصحي في الولاية هذه الدراسة، التي شارك فيها 85 مراهقاً، للوقوف على فاعلية شريط لعبة فيديو يشجّع هؤلاء المراهقين على مزيد من الحركة البدنية من أجل خفض أوزانهم.\nوينطلق موقف هذه الشركات من أن أطفال اليوم هم عملاء المستقبل. وقد بلغت تكاليف علاج حالات البدانة التي أنفقتها إحدى الشركات بالعام الماضي عشرات ملايين الدولارات، مما يستدعي البحث عن سبيل للحد من هذه النفقات.\nقدمت شركة التأمين الطبي للمشاركين في الدراسة البرامج الحاسوبية الخاصة بلعبة الفيديو موضع الاختبار، والملابس الرياضية للمراهقين اللاعبين طوال ستة أشهر هي فترة الدراسة، بينما تتولى جامعة وست فرجينيا المتابعة الطبية ورصد وتقييم النتائج.\nبدأت التجربة مع المراهقين بمقابلات مع الأطباء الباحثين، وتحديد الأوقات والفترات التي ينبغي الالتزام بها، وقد أتيح لهم الاحتفاظ بألعاب الفيديو المشجعة على الحركة واللعب، لفترة 12 أسبوعاً قبل تقييم مستوى ما حققوه من تقدم في خفض أوزانهم.\nمن ناحية أخرى، قدمت شركة التأمين الدعم لبرنامج تجريبي بالتعاون مع وزارة الصحة بالولاية، بحيث يتم إتاحة نفس ألعاب الفيديو في 20 مدرسة من مدارس الولاية، وتشجيع الطلاب على لعبها في حصص التربية البدنية.\nيؤمل من هذه التجربة أن تؤدي إلى تعلق المراهقين بهذه اللعبة واستمتاعهم بها بحيث يستجيبون لرسالتها الداعية إلى الحركة والنشاط، ويقدرون فائدتها، ويقبلون على اقتنائها.