وليس هذا فحسب، بل يعتبرون أن «الاتحاد السوفييتي أصدر على نفسه حكم الإعدام بترك أفغانستان»، والواقع أن الانسحاب من أفغانستان مهد الطريق للانسحاب الروسي من المنطقة برمتها وأفسح مجالا للغزو الأميركي - الأطلسي. وتوجد 13 قاعدة للقوات الجوية الأميركية في أفغانستان اليوم. \r\n \r\n \r\n الرافضون سابقا للانسحاب السوفييتي من أفغانستان يقولون «إننا لم نكن نحارب الأفغان.. بل إن دخول القوات السوفييتية إلى أفغانستان أنقذ هذا البلد الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية حينذاك فيما كانت الولاياتالمتحدة تعد عدتها لغزوه» . \r\n \r\n \r\n هذه حقيقة فلم يكن الاتحاد السوفييتي يحارب أفغانستان وإنما مد يد العون إلى هذا البلد. وبلغ العون السوفييتي ما يعادل 50 مليار دولار أميركي. وأنشأت أفغانستان مرافق البنية الأساسية ومصانع كثيرة وجيشا عصريا بمساعدة الاتحاد السوفييتي. وتم إيجاد الكوادر المطلوبة للاقتصاد الأفغاني بمساعدة الاتحاد السوفييتي. \r\n \r\n \r\n والواضح للجميع أن الوضع تفاقم منذ الانسحاب السوفييتي من أفغانستان، حيث لم تتوقف الحروب في هذا البلد منذ الانسحاب السوفييتي وحتى الآن، ومن أجل تسوية هذا الوضع يرى الكثيرون أنه من الضروري أن تعود روسيا إلى أفغانستان وتساعدها على الخروج من دوامة القلاقل والاضطرابات التي تجرّ هذا البلد وجيرانه إلى هاوية سحيقة. \r\n \r\n \r\n في عام 1989، توقع العالم كله أن يعيد خروج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، السلام إلى هذا البلد. إلا أن هذا الأمل كان فارغا، كما تبين فيما بعد. حيث شنت الولاياتالمتحدة حملتها في أفغانستان عام 2001 في ظل دعم حلفائها في الناتو، وتجري زيادة القوات العسكرية الدولية في غضون ذلك هناك، إذ أعلنت الولاياتالمتحدة عن نية مضاعفة عدد أفراد قوتها في هذا البلد، وإيصاله إلى 52 ألف شخص. \r\n \r\n \r\n وكان واضحا لموسكو في العهد السابق أن زيادة القوات في أفغانستان غير نافع لدى عدم توفر إمكانية ضرب قواعد تموين وتدريب العدو. فقد كانت تتوافد من باكستان بدل الدوشمان القتلى (أفراد التنظيمات الأفغانية المسلحة) عصابات كبيرة ومجموعات جديدة وجديدة، مزودة بأسلحة أميركية وصينية وسوفييتية (كانت تصل حينذاك من بعض حلفاء الاتحاد السوفييتي سابقا). وراوح الوضع مكانه هكذا باستمرار. \r\n \r\n \r\n ولكن ماذا يحدث الآن؟ نفس الشيء عمليا. تخوض الولاياتالمتحدة معارك ضد تنظيمات الفدائيين، التي تتلقى إمدادات من الخارج، من إيرانوباكستان، كما انها عاجزة عن تدمير هذه القواعد. ذلك أن الحرب في باكستان، كما الحرب ضد إيران، مستحيلة في الوقت الحاضر. كما أن زيادة عدد أفراد القوة العسكرية الأميركية في أفغانستان لن يؤدي سوى إلى تنامي الخسائر. وبعد خروج الولاياتالمتحدة من أفغانستان، ستستولي طالبان على السلطة من جديد بسرعة. \r\n \r\n \r\n وتواجه الولاياتالمتحدة حاليا صعوبات متزايدة في مجال تموين قوتها العسكرية في أفغانستان. ومن الواضح، أنه من الأفضل القيام بهذا من الشمال، حيث تتمتع روسيا بنفوذ واضح. ولكن مدير الاستخبارات الأميركية دينيس بلير اتهم موسكو قبل أيام بصراحة، بإبعاد الولاياتالمتحدة من القاعدة الجوية في مطار «ماناس» بقرغيزيا. \r\n \r\n \r\n فقال بلير: «دور روسيا في المفاوضات بشأن قاعدة «ماناس» الجوية في قرغيزيا، بصراحة خيب آمالي. ويتكون انطباع كأن روسيا تقوم بدور سيئ، علما بأنها ترى على العموم، أن دور الولاياتالمتحدة في أفغانستان ومكافحة الإرهاب في هذا البلد يتجاوبان مع مصالحها، لأنها تصطدم في أقاليمها الجنوبية بالتطرف السني الذي يمارس العنف» . \r\n \r\n \r\n روسيا تتصدى للولايات المتحدة في محاولاتها لتصعيد نفوذها في الجمهوريات السوفييتية سابقا، ولا تعيق في نفس الوقت، العملية الأميركية في أفغانستان لأسباب عديدة. أهمها أنه إذا انسحبت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الآن أيضا من أفغانستان، فسيتعين على روسيا من جديد، حماية حلفائها في آسيا الوسطى من هجمات المتطرفين من الأراضي الأفغانية. \r\n \r\n \r\n كاتب روسي \r\n \r\n