سائقو سيارات الاجرة وضعوا اشرطة الاغاني الفلسطينية خلال ساعات عملهم ورفع اصحاب المحال التجارية الكوفية الفلسطينية داخل متاجرهم وعرضت الكثير من الاعمال الفنية التي تندد بالحرب في المعارض الفنية التي نظمت للتضامن مع الشعب الفلسطيني. \r\n \r\n واذا فشلت الجهود المصرية في جلب السلام أو حتى الهدوء، فإن مصداقية مصر كعامل استقرار وكزعيمة للعالم العربي ستتأثر كثيرا، شعبية مبارك متدنية أصلا بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، ويهدد هذا الوضع خطط مبارك بتمهيد الطريق أمام ابنه جمال لتولي السلطة من بعده. \r\n \r\n يقول باحث في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة «ان الوضع الحالي يشكل كابوسا مزعجا لمصر، ان المشاكل تحيط بنا من كل جانب». ويقول ان الهدف من الوساطة المصرية هو الاستمرار في الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع اسرائيل والولاياتالمتحدة والاعلان عن دعم الفلسطينيين تحت ضغط الشارع العربي في الوقت الذي يطالب ابناء الشعب المصري مبارك بالوقوف علنا إلى جانب الفلسطينيين». \r\n \r\n انخرطت مصر لاكثر من عام في محادثات غير مباشرة بين اسرائيل و«حماس» من اجل اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليت الذي اسرته حماس في يونيو 2006. \r\n \r\n لقد سبق ان لعبت مصر دور الوسيط من اجل التوصل إلى وقف لاطلاق النار بين حماس واسرائيل ونجحت حيث بدأ سريان وقف اطلاق النار الذي اتفق عليه في يونيو 2008 وانتهى في 19 ديسمبر أي قبل ثمانية أيام من شن إسرائيل هجومها على غزة. \r\n \r\n تحركات مبارك الحالية تأتي من باب الاستعراض ليس إلا. فإسرائيل انهت عمليتها العسكرية في 18 يناير ليس نتيجة لأي مفاوضات بل لأنها اتخدت قرارا أحادي الجانب من تلقاء نفسها ثم تلا ذلك إعلان مماثل من قبل حركة حماس، يقول ضياء رشوان وهو محلل سياسي وخبير في شؤون الحركات الإسلامية «عندما تتظاهر بأنك زعيم عربي لك وزنك ولا تستطيع فعل أي شيء فانك ستصبح أضحوكة». \r\n \r\n وقد ضج المصريون والعرب بالشكوى من ان مبارك أبقى على حدود مصر مغلقة مع غزة قبل وخلال معظم فترة الحرب الإسرائيلية على القطاع. \r\n \r\n وقد تعرضت مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وأول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل في 1979 لانتقادات عنيفة في اليمن ولبنان حيث حاولت الجماهير هناك التقدم باتجاه السفارة المصرية، كما انتقدت مصر بشدة من قبل سوريا وإيران ودول أخرى تحتفظ بعلاقات جيدة مع حماس. \r\n \r\n في نفس الوقت تقول إسرائيل ان الشرطة المصرية تغض الطرف عن عمليات تهريب الأسلحة عبر الأنفاق الى غزة. وقد اتخذ الرئيس مبارك خطوة غير مسبوقة في 17 يناير بالدفاع عن سياسة حكومته عندما ظهر على التليفزيون قائلا ان لدى مصر تاريخا طويلا في دعم الفلسطينيين، وعلق أحد المحللين المصريين على ذلك بالقول: انني لا أتذكر ان مبارك ظهر أبدا في يوم من الأيام لتبرير سياساته. \r\n \r\n ويأتي تفجر الأوضاع في غزة في وقت غير مناسب حيث تحركت التنظيمات المويدة للديمقراطية وحركة «الاخوان المسلمين» لتحدي القيود التي فرضها مبارك على حرية التعبير وهو شيء تجاهله الشارع المصري حيث خرجت التظاهرات الشعبية العارمة المؤيدة لقطاع غزة في مدن كثيرة مثل الاسكندرية والمنيا والعريش وغيرها. \r\n \r\n وقد حرصت الشرطة على منع أي تظاهرات في القاهرة ونجحت في ذلك. وأدت اضرابات عمالية نظمت احتجاجا على الخصخصة وتسريح العمال وارتفاع اسعار الاغذية إلى اغلاق العديد من المصانع الحكومية خلال العامين الماضيين مما اضطر ذلك حكومة مبارك إلى رفع اجور العاملين في الدولة في الوقت الذي ارتفع العجز في الميزانية المصرية من 7% إلى 10% من قيمة الناتج المحلي الاجمالي. \r\n \r\n أحد ابرز أسباب الامتعاض الشعبي أن اكثر من 40% من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر في الوقت الذي فشلت الحكومة في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن. يقول رشوان ان الاوضاع كانت سيئة قبل حرب غزة وجاءت هذه الحرب لتزيد الاوضاع سوءا. \r\n \r\n صعد مبارك إلى الحكم في 1981 عقب اغتيال الرئيس السابق انور السادات وبالتالي قضى في السلطة حتى الآن حوالي 27 عاما حكم خلالها عبر قوانين الطوارئ وحد من حرية التعبير وحاصر جماعات المعارضة. \r\n \r\n ويبدو ان ابنه جمال البالغ من العمر 45 عاما يستعد لخلافة والده من خلال خوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2011 وهو يشغل حاليا موقعا مرموقا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. ويقول بعض المحللين المصريين ان جمال يفتقر للخبرة الامنية والعسكرية التي تأهله للتعامل مع الظروف غير العادية التي قد تستجد ويقول البعض ان الاختيار سيقع في النهاية على رجل عسكري لحكم مصر عقب انتهاء حكم مبارك. \r\n \r\n إنه لشيء مؤلم ان يوجه الاتهام لدولة عربية بالتعاون والتآمر مع إسرائيل هذا ما حصل تحديدا مع مصر بعد ان بدأت إسرائيل بشن هجومها العسكري على قطاع غزة حيث ارتفعت الاصوات لتوجيه الاتهامات لمصر وظهر ذلك جليا في صفحات الجرائد وعلى شاشات التليفزيون. \r\n \r\n الموقف المصري يتسم بالضعف وهو ضعف يتسع ليشمل الدول العربية «المعتدلة» الموالية للغرب حيث لا تتمتع هذه الدول بأي نوع من النفوذ الذي يمكن ان تستخدمه في التأثير على الولاياتالمتحدة وإسرائيل لفرض أجندة محددة واضحة لحل النزاع العربي - الإسرائيلي الموقف المصري اصبح اكثر حساسية وسلطت الاضواء عليه نتيجة للهجوم الإسرائيلي العسكري على غزة. \r\n \r\n حاولت آلة الاعلام المصرية احتواء موجة الغضب التي اجتاحت الشارع العربي والإسلامي تجاه الموقف المصري. والمقصود الأول بهذه الحملة هو المواطن المصري العادي حيث ان المطلوب هو عدم خروج الاحتجاجات والتظاهرات في الشارع المصري، اضافة الى إبراز «حكمة» الرئيس مبارك وتمجيده وعدم تصديق ما يقوله زعيم «حزب الله» بحق القيادة المصرية ومطالبته الشارع المصري بالتظاهر على اعتبار انه يسعى الى «زعزعة» استقرار مصر. \r\n \r\n وبالرغم من تنامي مشاعر الغضب لدى الشارع المصري على الهجوم الإسرائيلي، ابقت مصر معبر رفح مغلقا وهو المنفذ الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل قائلة إن هناك اتفاقية تحكم فتح هذا الممر ومنها وجود مراقبين أوروبيين وهو أمر غير متوافر حاليا. \r\n \r\n إن مصر تمشي على خيط رفيع مشدود وليس من السهل المحافظة على مواقفها الحالية لفترة طويلة قادمة. فهي من جهة تظهر التعاطف مع الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي بكافة أنواع الأسلحة، وهي نفس الوقت عاجزة عن فعل أي شيء لتحسين حياة الفلسطينيين إضافة لحساباتها السياسية الأخرى. فالقاهرة تريد ان يلحق الضعف بحماس لأن ذلك يساعدها في كبت حركة الإخوان المسلمين، والقاهرة تكره ان تتمتع حماس بأي مصداقية وخاصة بعد ان تمكنت من فرض سيطرتها على قطاع غزة. في نفس الوقت لا تمتلك القاهرة سوى الإبقاء على روابط لها مع حماس لأن ذلك يمكنها من الاستمرار في لعب دور الوسيط. \r\n \r\n وفي الوقت الذي تجري القاهرة اتصالات سرية مع إسرائيل وتحاول حماية اتفاقية السلام الموقعة معها الا ان مصر لا تثق بالنوايا الإسرائيلية وترى ان إسرائيل تسعى لرمي مسؤولية قطاع غزة بمن فيه على مصر. وذكر مسؤول مصري رفيع المستوى «ان هناك لعبة قذرة تلعب ضدنا حيث تسعى حماس وإسرائيل لدفع مصر نحو فخ ما. فإذا فتحنا الحدود فسيكون لدينا أزمة لاجئين. ماذا يمكن ان يحدث لو أن إسرائيل طردت الفلسطينيين إلى سيناء؟». \r\n \r\n الضغوط التي تتعرض لها القاهرة شديدة للغاية ولم تعد مواقفها المعلنة تنال رضا المواطن العربي العادي. \r\n \r\n فالتعاطف مع الفلسطينيين يقابله إظهار الغضب نحو حماس التي لم تستمع - كما تقول القاهرة - للنصائح المصرية بتجديد الهدنة والتصارع مع عزيمتها فتح في الوقت الذي استمرت فيه بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. \r\n \r\n حملة العلاقات العامة المصرية تحولت الى كارثة عندما استقبل الرئيس المصري مبارك وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني بحفاوة بالغة. \r\n \r\n وما كادت تغادر ليفني القاهرة الا وبدأت اسرائيل هجومها على قطاع غزة مما اعطى البعض الفرصة للقول ان القيادة المصرية تآمرت مع اسرائيل ضد الفلسطينيين. وذكر المحلل المصري وحيد عبد المجيد ان مصر قللت من مساحة المناورة المتاحة لها من خلال المبالغة في إظهار مخاطر سيطرة حماس على قطاع غزة وتأثير ذلك على أمنها القومي. \r\n \r\n يضاف الى ذلك خوف النظام الحاكم من حركة الإخوان المسلمين وسعيه الدائم لاحتكام الحكم من خلال إبعاد الأحزاب الأخرى عنه. \r\n \r\n إن لدى مصر نفوذا محدودا للغاية يمكن ان تمارسه على اسرائيل فيما يتعلق بالمدى والكيفية التي ستدفع بها اسرائيل جيشها في قطاع غزة وهذا يعني ان الضغوط على مصر ستتزايد. وكل ما تفعله القاهرة الآن هو بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة، حيث تتفاوض مع قيادات حماس واقترحت بعض التحركات التي يمكن تنفيذها بالتنسيق مع الأوروبيين فلربما تنجح مصر في إدارة جهود السلام بصورة أفضل من إدارتها لأزمة حرب إسرائيل على غزة.