\r\n وحسب مسؤولين في وزارة النفط العراقية, ومسؤولين في شركة النفط, ودبلوماسيين امريكيين, تُجري شركات: اكسيكسون موبيل وشيل وتوتال وبريتش بتروليوم (بي. بي), الشركاء الاصليون لشركة النفط العراقية, اضافة الى عدد من الشركات الصغيرة, تجري مباحثات مع وزارة النفط العراقية لإبرام عقود من دون عروض لخدمة اكبر حقول النفط العراقية. \r\n \r\n ترسي هذه الاتفاقات, التي يتوقع اشهارها في أي وقت الآن, اساس اول عمل تجاري للشركات الكبرى في العراق منذ الغزو الامريكي, وتفتح ابواب بلد جديد ذي امكانية ربحية لعمليات هذه الشركات. غير ان ابرام عقود من دون عروض امر غير اعتيادي في صناعة النفط, وطغت على ما تقدّمت به شركات اخرى زاد عددها على 40 شركة, منها شركات روسية وصينية وهندية. ومع ذلك, فإن هذه العقود الجديدة, التي تمتد صلاحيتها لفترة سنة او سنتين, وهي فترة قصيرة نسبيا بمقاييس صناعة النفط, ستوفر لهذه الشركات فرصة التقدم بعروض مناقصة لعقود مستقبلية في بلد يعتبره العديد من الخبراء اقوى امل لزيادة انتاج النفط على نطاق واسع. \r\n \r\n سادت شكوك لدى الكثيرين في العالم العربي, وبين اوساط في الجمهور العام الامريكي, بأن الولاياتالمتحدة شنّت الحرب على العراق لتأمين الثروة النفطية فيه تحديداً, وهو ما تسعى هذه العقود الى استخراجها. أما ادارة بوش فتقول ان الحرب كانت ضرورية لمحاربة الارهاب. وليس واضحا الدور الذي لعبته الولاياتالمتحدة في منح هذه العقود; اذ ما يزال هناك مستشارون امريكيون في وزارة النفط العراقية. \r\n \r\n وقال مسؤولون كبار في اثنتين من هذه الشركات, شريطة عدم ذكر اسمائهم, نظرا للحساسية من الظهور بأنهم يجنون الارباح من الحرب, ويرزحون فعلا تحت ضغط الارتفاع القياسي لأسعار النفط, قالوا انهم كانوا يساعدون العراق لاعادة بناء صناعته النفطية المتداعية, لكن العراق, بصناعته النفطية العاجزة عن القيام بمشاريع جديدة في عالم تهيمن فيه بلدان منتجة للنفط, ابتداء من روسيا حتى فنزويلا, يوفر فرصة نادرة وجديرة. ففي حين اغتنت البلدان النفطية الكبرى من وصول سعر البرميل الى 140 دولارا, فإنها تسعى جاهدة الى استبدال احتياطها منه, بسبب اقتراب حدود الاحواض النفطية من نهايتها اكثر من أي وقت مضى في هذا العالم. ذلك ان حكومات بلدان نفطية, مثل حكومتي بوليفيا وفنزويلا تعملان على تأميم صناعتهما النفطية, أو تسعيان الى الحصول على حصة اكبر من الارباح القياسية لتدعيم موازنتيهما. كما اجبرت روسيا وقزاخستان الشركات الكبرى على اعادة التفاوض بشأن العقود المبرمة معها. \r\n \r\n وبالنسبة للحكومة العراقية, فإن الهدف المعلن من دعوة الشركات الكبرى للعودة الى العمل في العراق, يتمثل في زيادة انتاج النفط نصف مليون برميل في اليوم, عن طريق جذب التكنولوجيا والخبرة النفطية العصرية الى حقوله التي تفتقدهما كليهما. أما العائدات من كل ذلك, فتستخدم لاعادة الاعمار, هذا على الرغم من المشاكل التي تعاني منها الحكومة العراقية في انفاق العائدات النفطية التي تملكها الآن, وذلك بسبب عدم الكفاءة الادارية. \r\n \r\n أما بالنسبة للحكومة الامريكية, فإن زيادة الانتاج النفطي العراقي, كما هي زيادته في أي بلد آخر, من شأنها ان تخدم هدف السياسة الخارجية لزيادة انتاج النفط عالميا, بغية التخفيف من حدّة التزود المقنّن على نحو استثنائي من هذه السلعة, وهو ما يشكل أحد أسباب ارتفاع اسعاره الفلكية. \r\n \r\n وقالت وزارة النفط العراقية, عبر الناطق باسمها, ان العقود من دون عروض اجراء لسدّ الثغرة بتوفير المهارات الحديثة في الحقول النفطية, بينما قانون النفط ما يزال معلقا في البرلمان. وقالت الوزارة ايضا, انه تمّ اختيار هذه الشركات بالذات, لأنها كانت تقدّم الاستشارات للوزارة من دون مقابل على مدى عامين, وقبل ان تُمنح العقود, كما أن لديها التكنولوجيا المطلوبة. \r\n \r\n ونوّهت الناطقة باسم شركة شيل الى نوع الاشغال التي قد تعمل بها الشركات, وقالت مارني فونك, (باستطاعتي التوكيد على أننا قدّمنا اقتراحا مفاهيميا للسلطات العراقية, لتقليص كمية الغاز المحترق في الجنوب, حاضرا ومستقبلا, الى الحدّ الادنى, من خلال تجميع الغاز والافادة منه. أما محتويات الاقتراح فخاصة جدا, وسريّة). وبينما تعتبر الصفقات المبرمة صغيرة. الاّ انها تنطوي على وعود كبيرة بالنسبة للشركات. \r\n \r\n وقالت ليلى بنالي, التي تشغل مكانة عالية في (نفط الشرق الاوسط) لدى شركة (شركاء كيمربدج لبحوث الطاقة), في مقابلة هاتفية اجريت معها في مكتب الشركة في باريس, (ان الجائزة الكبرى التي ينتظرها الجميع تطوير الحقول الجديدة العملاقة). مضيفة بأن العقود الحالية مجرد (وضع قدم) في العراق لشركات تسعى حثيثا الى ابرام اتفاقات طويلة الأجل. \r\n \r\n يتطلّب اي مسؤول نفطي من الغرب يلج العراق اجراءات امنية مشدّدة, تعرّضت فيها الشركات الى الكوابيس الموضعية ذاتها, وعطّلت المحاولات السابقة, التي غالبا ما جرت بكلفة عالية, لاعادة بناء البنى الاساسية للنفط العراقي. والعمل في المناطق الصحراوية والسبخية, التي تكتنف قسما كبيرا من الاحتياطات النفطية للعراق, مستحيل عمليا الا اذا اضطلع به متعاقدون فرعيّون عراقيون وحدهم, الذين سيتعرّضون على الارجح لتهديدات رجال المقاومة لتعاملهم مع شركات غربية. \r\n \r\n وعلى الرغم من الاسعار الحالية للنفط, لم ينقص عدد الشركات الطامعة في الحصول على تعاقد في العراق. فالعراق ليس فقط البلد الوحيد بين بلدان قليلة تتعرض فيه الاحتياطات النفطية للاغتصاب, بل انه ايضا واحد من بضعة بلدان ينظر اليه في هذه الصناعة, على انه يحتوي على امكانية كبيرة لزيادة الانتاج بشكل سريع. وفي هذا الخصوص, قال دييد فايف, احد محللّي شؤون الشرق الاوسط لدى (وكالة الطاقة العالمية), وهي منظمة تراقب انتاج النفط نيابة عن الدول المتقدمة, من مقرّها في باريس, انه يعتقد بأن انتاج العراق من النفط قد يرتفع الى 3 ملايين برميل يوميا عن انتاجه الحالي البالغ 2.5 مليون برميل, هذا على الرغم من ان ذلك قد يستغرق فترة اكثر من فترة ستة اشهر, حسب تقديرات وزارة النفط العراقية. وتقول مجموعة ديفيد فايف, انها تقدّر بأن يؤدي الاصلاح في الحقول النفطية القائمة الى زيادة انتاجها الى 4 ملايين برميل تقريبا في اليوم في غضون بضع سنوات. وبعد ان يبدأ النفط بالتدفق من الحقول الجديدة, يتوقع للعراق ان يصل مستوى انتاجه النفطي المستقر نسبيا الى حوالي 6 ملايين برميل تقريبا في اليوم, الامر الذي قد يضع حدا لاسعار النفط العالمية القائمة حاليا. \r\n \r\n وعن العقود المبرمة, قال مسؤولو الشركتين آنفتي الذكر, انها مواصلة للعمل الذي كانتا تقومان به لمساعدة وزارة النفط, وفقا لمذكرتي تفاهم مدة الواحدة منهما سنتان. وكانت الشركتان تقدمان المشورة المجانية والتدريب للعراقيين. وكانت هذه العلاقة مع الوزارة سببا في عدم طرح العقود لمناقصات تنافسية, على ذمة مسؤولي الشركتين واحد الدبلوماسيين الامريكيين. ويذكر في هذا المجال ان ما مجموعه 46 شركة نفط كبرى في الصين والهند وروسيا, سبق لها ووقعت مذكرات تفاهم مع وزارة النفط العراقية, لكنها لم تُمنح عقودا. \r\n \r\n لقد بنيت صفقات من دون عروض على انها عقود خدمات, ذلك ان الشركات ستتلقى اجورها لقاء الاعمال التي تقوم بها, بدلا من منحها تراخيص للعمل في مخزون النفط في باطن الارض. وبهذا لا يتطلب عملها نصا في قانون النفط يضع شروطا بتقديم عروض تنافسية. وتأزم اصدار القانون بسبب الخلافات بين الشيعة والسنّة والاكراد حول الحصص من العائدات النفطية, وغيرها من البنود. وتعتبر العقود النفطية الاولى مع الشركات الكبرى عقودا استثنائية بالنسبة لصناعة النفط. فهي تتضمن شرطا يبيح للشركات جني ارباح طائلة باسعار اليوم. وتتفاوض الوزارة والشركات الان حول الدفع بالنفط بدلا من النقد السائل (الكاش). \r\n \r\n أما ليلى نبالي فقالت (هذه ليست عقود خدمات في الحقيقة. فقد صيغت لتلتف على الازمة التشريعية), ولتأتي بالشركات الغربية ذات الخبرة في ادارة المشاريع الكبرى الى العراق قبل تمرير قانون النفط في البرلمان. ففي مسودة العقود شرط يتيح للشركات مضاهاة العروض المقدمة من شركات متنافسة للاحتفاظ بالعمل في العراق في حالة فتح باب المناقصة, وفقا لما قاله مدير احدى الشركات الكبرى في العراق, الذي لم يقبل الاستشهاد به علنا في مناقشة شروط العقود. \r\n \r\n وقال عاصم جهاد, المتحدث باسم وزارة النفط, ان الوزارة اختارت الشركات التي ارتاحت الوزارة للعمل معها, بمقتضى مذكرات التفاهم غير مدفوعة الاجر, وبفضل كفاءتها الفنية العالية. واضاف بانه (لهذا السبب, حصلت هذه الشركات على الاولوية). \r\n \r\n أما احد مسؤولي الشركات فقال ان شركة واحدة فقط من بين جميع الحالات, هي الشركة ذاتها التي سبق وقدمت استشارات مجانية للوزارة, للعمل في مجال محدد, قد منحت عقد الدعم الفني في المجال عينه. والاستثناء هو حقل (غرب القرنة) جنوب العراق, خارج البصرة. وقد كانت شركة (لوك اويل) الروسية, التي تدعي حصولها على عقد العمل فيه ايام حكم صدام حسين, تقدم التدريب للمهندسين العراقيين من دون مقابل. غير ان اتحادا شراكيا من شركتي شيفرون وتوتال الفرنسيتين منح هذا العقد. ولم يعلق المتحدث باسم لوك اويل على ذلك. \r\n \r\n وصف تشارلز رايز, المسؤول الاقتصادي في السفارة الامريكية في بغداد, العقود من دون عروض بانها آلية تجسير تجلب التكنولوجيا الحديثة الى حقول النفط قبل اقرار قانون النفط, ومواصلة عمل كان يقدم مجانا في السابق. \r\n \r\n مما لا شك فيه, ان هذه العقود ليست اول عقود نفط اجنبية تبرم في العراق, واثبتت جميعها انها مثيرة للخلاف. فحكومة كردستان, التي تتصرف, من وجوه عدة, ككيان مستقل في شمال العراق, وقعت عددا من الاتفاقات. فشركة (هانت اويل) / دالاس, على سبيل المثال, ابرمت اتفاق شراكة انتاج مع الحكومة الاقليمية الكردية في الخريف الماضي, رغم ان قانونية هذا الاتفاق موضع تساؤل لدى الحكومة المركزية العراقية. ومع هذا, فان اتفاقات الدعم الفني تمثل اول عمل تجاري تقوم به شركات نفط كبرى في العراق. وفي هذا الشأن, يقول خبراء ان تأثير هذا العمل ربما يشكل زيادة بارزة في مخرجات النفط العراقي. \r\n \r\n وفي حين لا علاقة للعقود الحالية بالاعمال السابقة للشركات في العراق, ما يشكل انعطافا في التاريخ المالي لصالح بعض كبريات الشركات العالمية, فان الشركات الاربع الكبرى, التي فقدت امتيازاتها في العراق, تعود اليه الآن. وقال متحدث باسم شركة اكسيكسون ان تعامل الشركة مع العراق لا يختلف عن تعاملها مع اي بلد آخر. موضحا (انسجاما مع استراتيجيتنا الكونية الطويلة في مجال الاعمال, تسعى اكسيكسون موبيل الى اغتنام فرص العمل حيثما ظهرت في العراق, تماما مثلما نفعل ذلك في بلدان اخرى يسمح لنا بالعمل فيها). وجاء كلام لين ديرامو هذا في بيان له برسالة الكترونية. لكن هذه الشركة تعرف التاريخ. ففي مقابلة مع الرئيس التنفيذي السابق للشركة, لي ريموند, اجرتها مجلة (نيوز ويك) الخريف الماضي, مدح ريموند العراق كقدرة انتاج نفطية, وان اكسيكسون في موقع يجعلها تدرك ذلك. كنا جزءا من الكونسورتيوم, نحن الشركات الاربع, في العراق الى ان طردنا صدام حسين, وكنا نعمل في جميع انحاء البلاد).0 \r\n