تبدي صناعة النفط حذرا تجاه قرار العراق منح شركات اجنبية عقودا طويلة الاجل لتطوير اكبر حقول النفط المنتجة في البلاد، وترى ان تحقيق أرباح كبيرة سيستغرق بعض الوقت وسيكون من نصيب عدد قليل من الشركات المختارة. وفي وقت سابق من يوليو 2008 اعلن العراق انه سيمنح عقود تطوير تهدف لزيادة الانتاج من ستة حقول بواقع 1.5 مليون برميل يوميا. وتهدف الخطة لمساعدة البلاد على رفع مستوى انتاجها الى 4.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2013 من حوالي 2.3 مليون برميل الان. الا ان قرار العراق سداد رسم للشركات مقابل استخراج النفط بدلا من بيعها حصة في الحقل بدد الامال في تحقيق عائدات ضخمة في المستقبل القريب وربما يؤجل زيادة انتاج الخام بشكل كبير. ويقول محمد علي زيني الاقتصادي بمركز دراسات الطاقة العالمية "لا تحب شركات النفط عقود الخدمة، يفضلون اتفاقيات المشاركة في الانتاج الاكثر ربحية كما تسمح لها بتسجيل احتياطيات في دفاترها." وعادة ما تعمل شركات النفط العالمية مثل "اكسون موبيل" و"رويال داتش شل" سواء عن طريق امتلاك حقل وسداد ضرائب على الانتاج، او ابرام عقود مشاركة في الانتاج تمول بمقتضاها المشروع مقابل حصة من النفط المستخرج. وفي اطار هذه العقود يمكنها الاستفادة حين ترتفع اسعار النفط او حين تتيح لها التكنولوجيا زيادة الانتاج من الحقل او خفض تكلفة التشغيل. كما تتيح هذه الاتفاقات للشركات اضافة احتياطيات الحقل في دفاترها وهو معيار هام عند تقييم قيمة الشركة او توقعات الانتاج في المستقبل. وتحد اتفاقات الخدمة من الارباح وعادة ما تحول دون تسجيل الشركات احتياطيات. ويقول سامويل سيزوك محلل الطاقة المتخصص في منطقة الشرق الاوسط لدى جلوبل انسايت عن الخطوة العراقية "يبدو نطاق تحقيق شركات النفط العالمية أرباحا محدودا جدا." ويرجع مسؤولون تنفذيون في الصناعة السبب الرئيسي لابداء شركات نفط استعدادها لدراسة ابرام اتفاقات خدمة الى أنها تأمل أن تتيح لها فرصة ضمان عقود أفضل في مرحلة لاحقة. ويقول روبين الان مدير تطوير الاعمال في "بريميير أويل" وهي واحدة من 41 شركة أجنبية تأهلت لتقديم عروض في العراق "أعتقد أن العراق سيتجه لعقود المشاركة في الانتاج في نهاية الامر. من الصعب الحصول على أي شيء في العراق غير عقود الخدمة." واذا تحقق ذلك فانه بمثابة انقلاب في الصناعة نظرا لان احتياطيات العراق تبلغ 115 مليار برميل وهي تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بعد احتياطيات السعودية وايران ولكن كثيرين يشكون في ذلك. ومثل الكويت والسعودية طرد العراق شركات النفط العالمية في السبعينات ولايزال هناك عداء كبير تجاه الاستثمار الاجنبي في النفط في المنطقة، بل ويعتقد بعض العراقيين أن الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة كان هدفه ضمان امدادات النفط. واوضح جون ميتشيل المتخصص في الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية انه لا يعتقد أنه ستكون هناك أي عقود سخية لشركات الطاقة في العراق، مضيفا ان التاجيل سيطول وستكون الشروط والظروف صعبة. وعدم اليقين بشان عرض العراق شروط استثمار مغرية في المستقبل يعني ان كثيرا من الشركات التي تأهلت لتقديم عروض للفوز بعقود ربما لا تقدم عروضا. وقال متحدث باسم شركة "هيس" ومقرها الولاياتالمتحدة ان الشركة ستنتظر ما ستعرضه وزارة النفط في اغسطس/ اب قبل أن تقرر تقديم عروض للفوز بعقود. ورغم تأهلها استبعدت مجموعة "بي. جي" البريطانية للغاز الاستثمار في العراق على المدى القريب. وقالت متحدثة باسم الشركة "لا يشكل العراق جزءا من استراتيجية مجموعة بي.جي الحالية." وتشير تجارب تفاوض العراق مع شركات غربية بشأن عقود خدمات فنية قصيرة الاجل الى أن العقود طويلة الاجل المزمعة ستستغرق وقتا طويلا. ولم توقع عقود قصيرة الاجل بعد ويقول مسؤولون تنفيذيون في صناعة النفط ان العراق طلب من الشركات مراجعة مقترحاتها. وقالت الحكومة انها تريد توقيع عقود طويلة الاجل في يونيو/ حزيران 2009 غير ان كريستوف دي مارجري الرئيس التنفيذي لمجموعة "توتال"- احدى أكبر الشركات التي تأهلت لتقديم عروض- قال في وقت سابق من يوليو 2008 انه لا يتوقع ابرام أي عقود في عام 2009 . ويقول توبي تشين المتخصص بمنطقة الشرق الاوسط في شركة كنترول ريسكس للاستشارات ان الوضع الامني يتحسن. غير ان شركات النفط الكبرى مازالت تعتقد أن التحسن غير كاف لارسال موظفين الى هناك بشكل دائم بينما ترى بغداد أنه ينبغي للشركات فتح مكاتب في العراق اذا أرادت التقدم بعروض للفوز بعقود. ولا يزال زعماء العراق يحاولون نيل موافقة البرلمان على مسودة قانون جديد لقطاع النفط. ويقول الان ان اتفاقات الخدمة ممكنة في ظل الاطار القانوني الحالي الا أن ميتشيل يقول ان الشركات يقلقها توقيع اتفاقيات في غياب قانون جديد. ويخشى البعض في الصناعة أن تمنح العقود عالية الربحية للشركات الكبرى رغم أن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أعلن أنه لن تكون هناك أي أفضلية لاي من الشركات. (رويترز)