\r\n ويباع السكر في الأسواق العالمية بسعر 10.6 سنتً فقط للرطل، وهو نفس المستوى الذي تحقق منذ عامين و1/20 من المستوى الذي كان سائداً أثناء وصول مستويات التضخم إلى الذروة في عام 1974. وقد إنخفض سعر السكر إلى أقل من 11 سنتاً للرطل، وهي القيمة التي يعتبرها معظم المنتجين المؤثرين تكلفة الإنتاج الحقيقية. ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي تسبب إرتفاع أسعار الأرز والذرة في ظهور موجة من القلق في شتى أنحاء العالم، مع إقتراب موعد إجتماع القمة الطارئة لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية التابعة \"الفاو\" المحدد في شهر يونيو القادم. وفي نفس الوقت، من المتوقع أن يمرر الكونجرس الأميركي مشروع قانون المعونات الزراعية الذي يقدم إعانات ضخمة للمزارعين الأميركيين تقدر بمليارات الدولارات، وهو المشروع الذي يلقى معارضة كبيرة من بعض النواب الأميركيين. وفي أوروبا، تتعرض الجهود المبذولة لوقف العمل بالسياسة الزراعية المشتركة المطبقة في دول الإتحاد الأوروبي والتي تتسبب في حدوث قدر مماثل من الفاقد لتهديدات كبيرة من التكتلات الزراعية التي تستغل بشكل زائف إرتفاع الأسعار الحالي في تبرير المعونات التي تقدمها بحجة مساعدة البشر الذين يعانون من سوء التغذية في قارتي أفريقيا وآسيا. \r\n وأي شخص يرغب في فهم أسباب تعرض العالم الزراعي لمثل هذه الفوضى، ولماذا تحيد كل المناقشات المتعلقة بالوقود الحيوي في مقابل إنتاج الغذاء عن الهدف، يجب أن يبدأ بالحديث عن أزمة إنخفاض أسعار \"السكر\". وقد نشطت الحركة التجارية لعدد قليل من السلع حول العالم. ولكن أياً من هذه السلع لا تتعرض للعديد من المشاكل بفعل المعونات والتحكم في الأسعار والترتيبات الخاصة. \r\n ومع إرتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية وزيادة الطلب على الوقود الحيوي، من المؤكد أن سعر السكر كان يجب أن يرتفع. والسكر هو المصدر الأكبر لإنتاج الوقود الحيوي، حيث يمثل حصة كبيرة من الطاقة الإنتاجية لأكبر دولة منتجة للسكر في العالم وهي البرازيل. ولا يمثل السكر المستخرج من القصب مصدراً رخيصاً للوقود الحيوي عن كل البدائل فحسب، ولكنه يترك نسبة تلوث أقل. \r\n ومن سوء الحظ أنه فيما يتعلق بالزراعة، يبدو العالم مقلوباً رأساً على عقب. وهناك علاقة بسيطة بين إرتفاع أسعار الذرة وإنخفاض سعر السكر. وتمنع التعريفات الجمركية الأميركية والمعونات التي تقدمها الإدارة الأميركية لمزارعيها الإيثانول البرازيلي من الوصول إلى الولاياتالمتحدة، في الوقت الذي تدعم فيه هذه الإدارة إنتاج الإيثانول من الذرة وفائض الغلة كعنصر بديل للسكر, وهذا الأمر لا يساهم في زيادة الأسعار العالمية للذرة فحسب، وهو المنتج الزراعي الذي تعتبر الولاياتالمتحدة أكبر مصدر له في العالم، ولكنه يساهم أيضاً في رفع أسعار القمح وفول الصويا وبعض المنتجات الأخرى أيضاً. \r\n وبالطبع، فإن النزعة الحمائية الثابتة في الولاياتالمتحدة ودول الإتحاد الأوروبي لا توضح كل أسباب عدم الإستقرار الحالي في الأسعار. ولكن السياسات الأميركية والأوروبية توضح أسباب عدم قدرة السياسات الأميركية والأوروبية التي تم صياغتها من أجل تزويد العالم بإمدادات رخيصة ومستقرة على القيام بهذا الهدف. ويمكن أن تنتج الهند والبرازيل وتايلاند وجنوب أفريقيا وبعض الدول الأخرى المزيد من السكر إذا إستقرت الأسعار العالمية بشكل منطقي في حدود 15 سنتاً للرطل. ولكن ليس هناك أي فرصة لتطوير سوق نصف فاعلة في الوقت الذي تصر فيه الدول المتطورة الكبرى ومن بينها اليابان على دفع مبالغ تتراوح نسبتها من 50 : 150% فوق الأسعار العالمية لدعم المزارعين الذين يزرعون المحاصيل المنتجة للسكر. \r\n ولا يمكن أن نتجنب توجيه اللوم للدول النامية. وتجدر الإشارة إلى أن الصين تطبق سياسة الحماية لمزارعي محاصيل السكر بشكل أكبر من معظم الدول الأخرى المنتجة لهذه المحاصيل. وقد ساعد إرتفاع أسعار السكر بالصين في الإبقاء على الإستهلاك تحت المتوسط المسجل في الدول الآسيوية، والحد بذلك من الحاجة لواردات السكر. وتمتلك الدول المصدرة للسكر مثل الهند وتايلاند نظم واضحة لدعم أسعار السكر وتقديم الدعم للمستهلكين من أجل الحفاظ على الإمدادات والأسعار المحلية من تقلبات الأسواق العالمية. ولكن المشكلة الأساسية تكمن في إمتناع الدول الغربيةواليابان عن تطبيق ممارسات وقيم السوق الحرة التي ينادون بها. \r\n والنتيجة المباشرة لهذا الأمر، سواء تم قياسها في إطار متوسط العشر سنوات أو الأربعين عاما الأخيرة، هي أن أسعار السكر العالمية إنخفضت بشكل أكبر من أسعار الذرة والقمح والأرز، وأن التحريفات التي حدثت في الأسواق خلال الفترة الماضية تسببت في حدوث مصاعب ضخمة. ولكن محاصيل السكر يمكن زراعتها بشكل خاص في المناطق الإستوائية وشبه الأستوائية بدول قارة أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، وهي المناطق التي تعاني من نقص في الإمدادات الغذائية وتحتاج بشكل أكبر إلى مصادر غذاء إضافية إلى جانب الدول الأفريقية ودول أميركا اللاتينية التي لا تزال الأراضي الجديدة متوفرة فيها. وخذوا مني النصيحة التالية: أعيدوا تجارة السكر إلى مسارها الصحيح وسوف يتبع هذه الخطوة توفر كميات كبيرة من مصادر الغذاء. \r\n \r\n فيليب باورينج \r\n كاتب دائم في صفحات الرأي بجريدة انترناشيونال هيرالد تريبيون. \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب (الوطن) \r\n