\r\n وقد جاءت هذه الخطوة بعد شعور مشرف بأن الوضع الداخلي في البلاد يسير في غير صالحه خاصة بعد عودة رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو إلى باكستان وفي نيتها خوض الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في يناير المقبل. ولكن باكستان تبدو الآن وكأنها جاثمة على برميل من البارود من الممكن أن ينفجر في أية لحظة، وربما كان الانفجاران اللذان استهدفا موكب بوتو لدى عودتها إلى كراتشي دليلا على مدى هشاشة الوضع الداخلي في ذلك البلد. \r\n \r\n \r\n وكانت رئيسة الوزراء السابقة قد عادت إلى باكستان، بعد ثماني سنوات أمضتها في المنفى بسبب الاتهامات بالفساد التي وجهت لها وقد اكتسبت التعاطف في باكستان وخارجها. حيث دعت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية وسونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر الهندي الحاكم والكثير من قادة العالم إلى الوقوف إلى جانبها. \r\n \r\n \r\n ومع اقتراب الانتخابات التي كان يفترض أن تجرى في يناير المقبل، فإن هذا الفيض من الاهتمام قد ساعد في إقناع المتحمسين لحزب الشعب الباكستاني الذي احتشد 200 ألف منهم في كراتشي لتحية زعيمتهم بأنها ستصبح رئيسة وزراء للمرة الثالثة. وهذا الأمر محتمل غير أن الانعطافات في الحياة السياسية الباكستانية العاصفة هي أمر مؤكد. هناك شكوك واسعة تحيط بعودة بنازير بوتو إلى وطنها. فقد أصدر الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف عفواً عنها. \r\n \r\n \r\n وبالمقابل فإنها أمرت نواب حزبها بعدم الاستقالة من البرلمان عندما أعاد أعضاء البرلمان انتخاب مشرف رئيساً للبلاد وهو يرتدي زيه العسكري على الرغم من أن الدستور الباكستاني يمنع ذلك فيما يبدو. ويشير المراقبون إلى أن هذا التبادل ثمرة عام بكامله من التفاوض لاقتسام السلطة بين بوتو ومشرف وكمرحلة ثانية في هذه المفاوضات فإن بوتو تسعى إلى ضمانات بأن مشرف لن يقوم بتزوير الانتخابات ضد حزبها على نحو ما فعل في السابق، وإذا انطلق حزب الشعب الباكستاني للحصول على السلطة فإنه عندئذٍ قد يعرض دعمه على مشرف. \r\n \r\n \r\n غير أنه في الوقت الحالي لا تزال الكثير من الأمور رهن تصرف المحكمة العليا في باكستان التي أقيل رئيسها افتخار تشودري من منصبه مؤخراً. أياً كان ما سيقرره القضاة، فإن بوتو ستكون بعيدة عن إمكانية مقاضاتها، حيث إن الحكومة قد أظهرت بالفعل أنها لا تريد توجيه تهمة الفساد إليها، أما في حالة الجنرال مشرف فإن القضاة كانوا قد أعربوا عن مخاوفهم من رد فعله حيال ما يقررونه، والذي قد يصل إلى إعلان الأحكام العرفية، وهو ما حصل بالفعل. \r\n \r\n \r\n هناك شكوك أكثر عمقاً، على نحو ما أشار الاهتمام العالمي بعودة بوتو، تدور حول ما سيجري في باكستان. فهذا البلد مقسم بشكل عنيف، وكما يشير الاضطراب الراهن فإنه يفتقر حتى إلى مشروع حكومة مستقرة وعلى امتداد 32 عاماً من الأعوام الستين التي تشكل عمر باكستان فإن العسكريين كانوا هم الذين حكموها وفي الفترات المنقضية بين عهود سيطرة هؤلاء العسكريين فإن الإدارات المدنية كانت متقلقلة بما في ذلك 20 رئيس وزراء مدني في عشرين عاماً. \r\n \r\n \r\n وبالنسبة للمتفائلين بما في ذلك أميركا التي دفعت الأمور قدماً فإن صفقة بين الجنرال مشرف الذي يمثل الجيش وحزب الشعب الباكستاني الذي يعد أكبر أحزاب باكستان تمثل أفضل أمل لإنهاء حالة التأرجح بين الحكم المدني وحكم العسكريين. وفي وقت يسوده افتقار فظيع للأمن بما في ذلك موجة من الإرهاب تسود البلاد يعتبر انفجارا كراتشي بالتأكيد مثالاً لها فإن مثل هذا الترتيب الذي تعلق الآمال عليه سيوفر استقراراً قصير المدى ووعداً بالمزيد من الديمقراطية التي لها معناها. وبالنسبة للكثير من الباكستانيين بما في ذلك حزب الشعب الباكستاني فإن هذا الترتيب سيكون زواج مصلحة بين أطراف غير متكافئة وسيقدر له الانهيار. \r\n \r\n \r\n وفي غضون ذلك، وفيما تحيط الشكوك بهذه الصفقة، فإن بوتو والحكومة تتبادلان الضربات، فهي تتهم شخصيات بارزة في الحكومة وأجهزة الأمن بأنها تقف وراء الانفجارين، ويقول شودري شوكت حسين زعيم الرابطة الباكستانية الإسلامية الحاكمة إن بوتو هي نفسها الإرهابية وإنها أقدمت على تدبير الانفجارين لكي تحشد التعاطف معها، وذهب حزب الشعب الباكستاني إلى القول إنه سيكون هناك المزيد من النزاع إذا مضت الحكومة قدماً بفرض القيود التي تخطط لها على أسس أمنية على التجمعات السياسية. \r\n \r\n \r\n وهذه الخطوة لن تكون بعيدة عن المعقولية فالقائمون بعمليات التفجير الانتحارية قاموا فضلاً عن العمليتين الموجهتين إلى بوتو بمحاولة قتل الرئيس الباكستاني ورئيس الوزراء ووزير الداخلية خلال السنوات الأخيرة. غير أن حزب الشعب الباكستاني، وهو الحزب الأكثر إثارة للضجيج، سيعاني أكثر من الآخرين. وهذه العقبة قد تجعل بوتو أكثر رغبة في إبرام صفقة مع الجنرال. وعلى الرغم من الفوز بالتعاطف بسبب الانفجارين في كراتشي، فإن حزب الشعب الباكستاني ربما لا يمكنه الفوز بأغلبية كاسحة. \r\n \r\n \r\n كما أنه سيكافح لتشكيل تحالف مع أحزاب المعارضة الأخرى، التي أغضبت معظمها صفقات بوتو مع الجنرال مشرف. ومن جهة أخرى، فإنه من المؤكد على وجه التقريب، أن مؤيده المخلص، الرابطة الباكستانية الإسلامية، لا يمكنه ضمان أغلبية أيضاً. لذا يبدو أن للجنرال خيارين. إما أنه بإمكانه محاولة تجنيد حزب مشرف، وهو الرابطة الباكستانية الإسلامية، ربما عن طريق التعاون مع شقيق شريف وحليفه السياسي، شهباز، للاصطفاف مع الرابطة الإسلامية الباكستانية. أو ربما يمكنه محاولة تجنيد حزب الشعب الباكستاني. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n