عواصم: توالت ردود الافعال الدولية والعربية المنددة والمستنكرة للهجوم "الإرهابي" الذي أودى بحياة رئيسة حزب الشعب الباكستاني بناظير بوتو في مدينة روالبندي، فيما أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف الحداد ثلاثة أيام عبر التلفزيون في أوّل ظهور علني له بعد الاغتيال.
وتضاربت الأنباء حول ملابسات الاغتيال، ففي حين قالت مصادر إعلامية إن بوتو قتلت جراء الانفجار الذي استهدفها ، قال مصدر مقرب من حزب الشعب إن بوتو قتلت برصاص مجهول في الراس والرقبة،قبل الانفجار المدوي الذي خلف قتلى وجرحى في صفوف انصارها.
وقالت فضائية "الجزيرة" الإخبارية إن بوتو قتلت بعد أن فتحت نافذة سيارتها المصفحة لتحية الجماهير بعد انتهاء المؤتمر الذي عقدته في روالبندي فاقترب منها شخص واصابها مباشرة في رأسها ورقبتها ، واعقب ذلك تفجير انتحاري وقع على بعد 25 مترًا من سيارتها ، مما اسفر عن سقوط 20 قتيلا على الأقل، ووقع الانفجار بعد خطاب انتخابي لبوتو قالت فيه:" إنها قادرة هي وحزبها في حال فازت بالانتخابات العامة المقبلة على القضاء على المسلحين الموجودين في المناطق الشمالية".
وبدورها قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن المستشارة الاعلامية لبوتو أصيبت أيضا في الانفجار، وإنها نقلت مع بوتو الى المستشفى ، فيما حاول أنصار بوتو الدخول الى المستشفى لكن قو
ات الشرطة تمنعهم. يذكر أن بوتو كانت قد عادت من المنفى إلى باكستان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وتعرض موكبها لتفجير انتحاري خلف 130 قتيلا.
وأظهرت صور نقلتها قناة "GEO" التلفزيونية جرحى يتمّ نقلهم بواسطة سيارات الإسعاف، وقال متحدث من حزب بوتو إنّ رئيسة الوزراء السابقة غادرت الموكب، فيما نقلت محطات تلفزيونية عن وزير الداخلية قوله إنّ بينظير بوتو لم تصب بأي أذى، إلا أنّ محطة "GEO" نقلت عن زوج بينظير بوتو قوله: إنّها أصيبت بجروح خطيرة في الانفجار، في الوقت الذي أضافت فيه مصادر إنّها تخضع لعملية جراحية عاجلة.
مشرف يعلن الحداد
في الأثناء أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرّف الحداد ثلاثة أيام على روح رئيسة الوزراء السابقة، وجاء الإعلان خلال كلمة وجهها مشرف عبر التلفزيون في أوّل ظهور علني له بعد الهجوم. وقال مشرف إنّ القاتلين هم أنفسهم الذين تواجههم باكستان وأنّه لن يرتاح قبل أن يتمّ اعتقالهم وجلبهم إلى العدالة، وعقد مشرف اجتماعا طارئا مع كبار المسؤولين الحكوميين، فيما صرّح المندوب الباكستاني لدى الأممالمتحدة محمود علي دراني إنّ مشرّف "ندّد بالهجمات".
القاعدة تتبنى الاغتيال
في غضون ذلك، أعلن تنظيم القاعدة في أفغانستان اليوم الخميس مسئوليته عن عملية اغتيال بوتو، وقال زعيم التنظيم في أفغانستان مصطفى أبو اليزيد، إن عملية الاغتيال جاءت بناء على قرار اتخذه الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأكد أن تنفيذ العملية تم عبر شخصية متبرعة تنتمي لخلية بنجابية.
ونقلت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء عن أبو اليزيد قوله: لقد قضينا على أغلى رصيد أمريكي "بوتو" والتي أعلنت عن عزمها إلحاق الهزيمة بالمجاهدين.
ردود الأفعال
وقد توالت ردود الافعال الدولية والعربية المنددة بحادث الاغتيال، وكانت الولاياتالمتحدة في طليعة المنددين بعملية الاغتيال، وقالت إن من شأن الهجوم تعطيل الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة في البلاد، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية توم كايسي "ندين بالتأكيد هذا الاعتداء الذي يبين أن هناك أناسا يحاولون وقف بناء ديموقراطية في باكستان".
كما نددت موسكو بالهجوم الذي استهدف بوتو بشدة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين "ندين هذا الاعتداء بشدة ونقدم تعازينا إلى أقرباء بنازير بوتو ونأمل أن تتمكن القيادة في باكستان من اتخاذ التدابير الضرورية لضمان الاستقرار في البلاد".
إدانة اوروبية
وبدوره أدان الاتحاد الاوروبي بقوة الاعتداء الإرهابي على موكب بنازير بوتو، مشيرا إلى أن الضحايا كانوا يشاركون في استعراض سلمي في شوارع كراتشي، وأصدر الاتحاد بيانا جاء فيه: ان مثل هذه الأعمال الإرهابية تعرض العملية الانتخابية للخطر داعيا السلطات الباكستانية وجميع القوي السياسية في البلاد إلى القيام بكل ما يمكنها القيام به من اجل الإعداد للانتخابات المقبلة ولكي تجري في جو مناسب من حرية التعبير لإرادة الناخبين.
أوضح البيان ان الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات الباكستانية إلى إحالة المسؤولين عن هذا الاعتداء إلى القضاء، كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التفجير الذي استهدف موكب بوتو ودعا ساسة البلاد إلى توحيد الصفوف. وقال بيان أصدرته المتحدثة باسم بان : إن الأمين العام صدم لسماع نبأ الهجوم الذي استهدف بوتو.
كما أعربت الحكومة الألمانية عن أستنكارها للتفجيرات وأكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير استنكاره بشدة لهذا العمل الذي وصفه بأنه أجرامي وجبان يستهدف الحياة الديموقراطية في ذلك البلد وبهذه إلى أثارة العنف ووقوع الباكستان بدوامة حرب أهلية، مؤكدا دعم الحكومة الألمانية للحياة السياسية في باكستان، وطالب بالكشف عن الجهة التي تقف وراء ذلك العمل وإلقاء القبض عليهم معلنا تعاطف ومواساة الحكومة الألمانية لذوي ضحايا ذلك الحادث.
إدانة عربية
وعلى الجانب العربي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارة المنددين بالهجوم ، ودعت الشعب الباكستانى الى التماسك والتوحد فى وجه الارهاب الذى أودى بحياة الراحلة بي نظير بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة . وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية : ان دولة الامارات فجعت بهذه الخسارة الجسيمة التى لم تصب الباكستان فقط بل أصابت دولة الامارات العربية المتحدة ، وأضاف " لقد كانت الراحلة الكبيرة صديقة عزيزة لدولة الامارات وارتبطت معها بعلاقات انسانية لسنوات طويلة"، مضيفا ان الكلمات تعجز عن التعبير عن استنكارنا لهذا العمل الاجرامى الجبان وعن فجيعتنا بخسارة بي نظير بوتو ، ودعا أسرة الفقيدة الراحلة الى الصبر والتماسك ، وناشد الشعب الباكستانى توحيد صفوفه ووضع كل خلافاته جانبا وتفويت الفرصة على أعدائه الذين يريدون تقويض وحدته الوطنية واستقرار بلاده .
استهداف مؤيدي نواز شريف
وتزامن التفجير مع مقتل أربعة من مؤيدي نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق وزعيم حزب الرابطة الاسلامي ، فيما اصيب 15 اخرون عندما فتح مجهولون النار على مسيرة كانوا يشاركون فيها. ويأتي الحادثان فيما احتدمت الحملات الانتخابية في باكستان مع خروج القادة السياسيين المعارضين إلى الشوارع للالتقاء مع ناخبيهم، وشنوا حملات ضد الرئيس برويز مشرف وحضوا الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع من أجل التغيير، وتعهد زعيما المعارضة ورئيسا الوزراء السابقان، اللذان كانا منفيين حتى وقت قريب، بنظير بوتو ونواز شريف، العمل معاً على أمل زعزعة قبضة قائد الجيش السابقة على السلطة.
يشار إلى أن الانتخابات التشريعية في باكستان ستجري في الثامن من يناير/كانون الثاني المقبل، وتشكل خطوة مهمة على طريق إعادة الديمقراطية بعد نحو ستة أسابيع من فرض حالة الطوارئ في البلاد، والتي كانت قد رفعت في الخامس عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
بوتو في سطور
بناظير بوتو هي ابنة رئيس باكستان السابق ذو الفقار على بوتو ولدت في 21 يونيو 1953 في مدينة كراتشي وعادت إلى باكستان بعد اكمالها دراستها في جامعة أوكسفورد بفترة قليلة قبل انقلاب قاده الجنرال ضياء الحق على أبيها وتم اعتقالها ونفيها، إلا انها عادت مجددا لبلادها في عام 1986 وقادت معارضة ضد الاحكام العرفية المفروضة هناك.
ونجحت بوتو بقيادة حزب الشعب الباكستاني الاشتراكي الذي أسسه والدها بالفوز باغلبية ضئيلة في أول انتخابات تشريعية تجري في باكستان بعد وفاة الرئيس السابق ضياء الحق في حادث طائرة في عام 1988 لتصبح أول امرأة تشغل منصب رئيس الوزراء في بلد مسلم في الاول من ديسمبر 1988 ، وأقال الرئيس السابق غلام اسحاق خان حكومة بنازير بوتو في أغسطس 1990 بسبب اتهامات بالفساد والتسلط وتم سجن زوجها أصف على زداري في الفترة من 1990 إلى 1993 إلا أن بوتو عادت إلى رئاسة الحكومة في عام 1993 بفضل عقد تحالفات مع العسكر في مواجهة الأحزاب الإسلامية.
وخسر حزب الشعب الباكستاني الانتخابات في نوفمبر 1996 التي فازت بها الرابطة الإسلامية حيث تمت ملاحقة بوتو وزوجها قضائيا وحكم عليهما بتهم تلقي رشاوي ما دفع بوتو إلى مغادرة باكستان إلى المنفي الاختياري في المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة0 وصدر قرار ضد بوتو يمنعها من دخول باكستان بسبب عدم حضورها جلسات المحكمة في عام 2002 كما تم إقرار تشريع بتحديد عدد المرات المسموح بها تولي منصب رئيس الوزراء إلى اثنتين بطلب من الرئيس الباكستاني برويز مشرف ما يحول دون عودتها لتولي رئاسة الحكومة.