فالعلاقات المتوترة ما بين لندن وزعيم زيمبابوي, ابن الثالثة والثمانين, المتهم بانتهاك حقوق الانسان, والمضي ببلاده الى حافة الافلاس, انما تمثل عنصر منع يعمل منذ ما يزيد على سبعة اعوام على الحيلولة دون عقد مؤتمر قمة اوروبي- افريقي. وقد حاولت بعض المستشاريات الاوروبية, وكذلك الافريقية, الشروع بمفاوضات من شأنها ان تؤدي الى عدم فشل انطلاقة اللقاء, محاولة اقناع زعيم البلد الواقع جنوب الصحراء بارسال وزير او مسؤول كبير ليحل مكانه في المؤتمر. ولكن, وبعد التعبيرات المعادة التي تلسن بها براون, كان الامر قد انتهى بالمشكلة لتأخذ بعدا اخر فجاء اعلان اعضاء المنظمة الاقليمية التي تضم 14 دولة من افريقيا الاستوائية (Sadc), الذي لا يفتح اي مجال للالتباس, من انه اذا ما تم اللجوء الى منع موغابي من المشاركة, فانها ستمتنع عن المشاركة كذلك. \r\n \r\n موقف اتخد بالرغم من الاعلان عن اتخاذه بطريقة اقل وضوحا, من قبل مجمل دول الاتحاد الافريقي. وجاء ضمن هذا السياق التصريح الذي ادلى به رئيس جمهورية مالي السابق, ورئيس الاتحاد الافريقي الفا عمر كوناري حيث قال: \"تحدونا الرغبة في ان يمثل مؤتمر القمة الاوروبي- الافريقي نجاحا, وتدشينا لعهد جديد من التعاون والمشاركة\". \r\n \r\n وضمن هذه اللعبة التي لا تتعدى محصلتها الصفر, فان براون وموغابي باقيان على موقفهما الشخصيين. \r\n \r\n ويبدو في محصلة الامور ان الفوز في هذه الجولة سيكون حليف رئيس زيمبابوي. خاصة وان جل اهتمام الرئاسة البرتغالية ينصب في عمل كل ما هو ممكن من اجل عقد المؤتمر. وهي مدعومة في هذا المجال من قبل بعض الزعماء الاوروبيين, من الوزن الثقيل. فخلال زيارتها لبريتوريا, التي مثلت المحطة الاولى لزيارتها غير المسبوقة للقارة الافريقية, والتي تشمل العديد من الدول, كانت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل, قد قالت بكل صراحة من دون لف او دوران, انه على الرغم من الاوضاع المأساوية, التي تعيشها زيمبابوي, فان من الواجب ان يكون موغابي حرا بشأن مشاركته بالمؤتمر, وتشير كافة التوقعات الى ذهاب موغابي الى لشبونه في نهاية المطاف. ولن يبقى امام رئيس الحكومة البريطانية سوى ارسال وكيل وزارة من الصف الثاني. \r\n \r\n ولكن, ما الذي يدفع براون ليكون صارما الى هذا الحد؟.. جاء ذلك من خلال تأكيد الزعيم العمالي على موقفه ذلك قائلا: \"لسنا مستعدين للايحاء لاي كان للتسامح بشأن انتهاكات حقوق الانسان التي تحدث في تلك البلاد. وحالة الفقر التي تعيشها, والمعاناة التي يتعرض لها شعبها, والتصرفات غير المقبولة التي يمارسها رئيسها\". وبهذا, فهو يوضح من دون ادنى شك عزمه يالاستمرار بانتهاج السياسة التي اتبعها سلفه توني بلير. موقف مبدئي من حيث الجوهر, موصى به من لدن اسباب تدخل انسانية, باي حال من الاحوال. وينظر البريطانيون الى موغابي كمثل الدخان في العيون. ويتهمونه من دون غياب المبررات, انه قد اوصل زيمبابوي الى حالة جعلت منه بلدا مكلوما يعاني الجوع والفقر. \r\n \r\n ولكنهم يصمتون حيال جزء اخر من الحقيقة, فبمجرد تحقيق الاستقلال, وسقوط حكومة التمييز العنصري برئاسة ايان سميث, فان قضية الاراضي, التي كانت نسبة 70% منها بايدي 1% من السكان البيض, كانت قد مثلت احدى المعضلات المستعصية, التي توجب معالجتها من قبل زيمبابوي الفتية, بعد خروجها للتو من حرب التحرير بقيادة موغابي نفسه, وزعيم زابو يوشوا نكومو. \r\n \r\n وفي المفاوضات السابقة على الاستقلال كانت المعضلة الزراعية قد غامرت بالعمل على نسف كل شيء. الى ان التزمت الحكومة البريطانية برئاسة مارغريت تاتشر فيما سمي اتفاق \"لانكا ستير هاوس\", القاضي بتعويض اصحاب الاراضي المصادرة. التزام كرره خليفتها جون ميجر, مقدر مبدئيا بالظاهر, من خلال دفع 44 مليون جنيه استرليني بهدف القيام بعملية توزيع متفق عليها. وبوصول العماليين الى سدة الحكم, كانت لندن قد غيرت من سياستها, محتجة على المصطلحات الواردة في الاتفاق, بحيث تم الوصول بالامور الى حالة من الجمود السائدة حاليا. هذا بالاضافة الى وضع الشيطنة الموسومة المتصاعدة باستمرار, التي يتحلى به روبيرت موغابي, التي لا تعمل سوى على تعزيز مكانة زعيم فاقد للثقة, والحيلولة دون التوصل الى حل سلمي للمأساة التي تعيشها زيمبابوي, بصورة مؤثرة. \r\n