\r\n والمشاعر الشعبية المناوئة للحكومة لا يرجع سببها فقط إلى عدم احترام تلك الحكومة للحقوق الإنسانية والسياسية، ولكنها ترجع أيضاً إلى سوء إدارة \"موجابي\" للاقتصاد التي كانت سبباً في وصول معدل التضخم في هذا البلد إلى 1700 في المئة! وهو معدل يعد الأعلى من نوعه في العالم، كما كانت سبباً أيضاً في حالة البطالة الرهيبة المتفشية في البلاد، حيث لا يُتاح الحصول على عمل سوى لفرد واحد من بين كل خمسة أفراد من السكان، وهو ما أدى في مجمله إلى تحويل زيمبابوي من دولة كانت \"تعتبر سلة خبز أفريقيا\" إلى دولة مستنزفة الجهد غير قادرة على القيام بوظائفها. وأزمة زيمبابوي تثير أسئلة بشأن مسؤولية المجتمع الدولي تجاه تلك الأزمة. البعض يذهب في معرض الإجابة على هذا السؤال، إلى أنه ليس من حق أي جهة التدخل في شؤون دولة مستقلة، والبعض الآخر يذهب إلى أن هذا المبدأ تحديداً هو الذي أدى إلى ظهور شخصيات مثل هتلر وستالين وعيدي أمين، وأنه لو كان قد تم اتباعه في حالة جنوب أفريقيا لكانت قد ظلت مشكلة الفصل العنصري فيها قائمة حتى الآن، ولو كان قد تم اتباعه في حالة روديسيا، لما تحولت تلك الدولة إلى زيمبابوي الحالية ولما أصبح \"موجابي\" نفسه رئيساً. \r\n ليس قصدنا من ذلك القول إن المجتمع الدولي يجب أن يتدخل من أجل تغيير النظام في زيمبابوي، وإنما نقصد أن تقوم المنظمات الإقليمية والدولية والحكومات بالإعلان عن دعمها لحقوق الإنسان ولمبادئ الديمقراطية في ذلك البلد، كما نقصد أيضاً أن يتم شجب ممارسات العنف بأشد العبارات وأكثرها وضوحاً، والمطالبة بمنح الشعب حرية التعبير السلمي عن أفكاره السياسية، والإعلان عن دعم المواد الواردة في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وإذا ما أخذنا في الاعتبار استمرار \"موجابي\" في التعبير عن عدم رغبته في احترام المطالب المشروعة لشعبه، فإننا يجب أن نقول إن الوقت الحالي ليس بالوقت المناسب للدبلوماسية الصامتة، وإنما هو الوقت المناسب للحديث بصوت مرتفع. وما لا يقل عن ذلك أهمية أن يرفع الاتحاد الأفريقي ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي(SADC) تحديداً صوتهما، لأنهما المنظمتان اللتان تمتلكان نفوذاً كبيراً على الدول الأفريقية، ولا يمكن لأحد أن يتهمهما باتباع نهج تدخلي. إن الحل للمشكلات السياسية والاقتصادية وللمأزق الاجتماعي في زيمبابوي -كما كان الحال مع جنوب أفريقيا- هو الحوار المفتوح الذي يمكن لمجموعة تنمية الجنوب الأفريقي SADC تحديداً أن تلعب دوراً مهماً فيه. وهذا الحوار يجب أن يشمل جميع الأحزاب الزيمبابوية، ويكون هدفه الوصول إلى تفاهم يقوم على دعم الديمقراطية، وعلى احترام الحقوق المشروعة للجميع. ومن جانبها يجب على حكومة زيمبابوي أن تتوقف عن ممارساتها القمعية، وتعمل على إلغاء القوانين الجائرة، وعن إعلان القوائم والإجراءات الانتخابية، بما يتفق مع المعايير الإقليمية والدولية، وأن تعمل من ثم على عقد انتخابات برلمانية ورئاسية شفافة ينظر إليها على أنها شرعية من جانب شعب زيمبابوي والمراقبين المحلين والدوليين. وإذا ما قام \"موجابي\" بالترشح للرئاسة مجدداً كما أعلن بأنه قد يقوم بذلك، فإن العالم يجب أن يبذل الجهد اللازم لضمان أن التصويت سيكون محايداً ومنصفاً، كما يجب على حزب \"موجابي\" الذي يضم عناصر مسؤولة ومعتدلة أن يفكر فيما إذا ما كان الوقت قد حان لانتخاب قائد جديد. \r\n مع الأزمات تأتي الفرص. وهذه في رأينا هي اللحظة المناسبة، كي يعمل القادة المدنيون والسياسيون في زيمبابوي على الوقوف صفاً واحداً وراء هدف موحد ألا وهو التحول السلمي إلى الديمقراطية. ويجب على أعضاء المعارضة في زيمبابوي العمل على التغلب على خلافاتهم والتحدث بصوت قوي واحد. وبهذه الطريقة فإن العناصر الإصلاحية في البلاد يمكن أن تبيِّن لشعب زيمبابوي، وللعالم أجمع أن هناك بديلاً وطنياً وقادراً على الحياة والاستمرار عوضاً عن القيادة، التي عانت البلاد من جرائها طويلاً. \r\n \r\n مادلين أولبرايت \r\n \r\n وزيرة الخارجية الأميركية في إدارة كلينتون \r\n ديزموند توتو \r\n \r\n حاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1984 ورئيس لجنة المصالحة والحقيقة لجنوب أفريقيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n