وهذا ما سيجعل الهند احد اكبر الاسواق للمنتجات العسكرية في العالم. وبالنسبة للمقاولين والمتعهدين الامريكيين, الذين اغلقت الهند في وجوههم عقودا طوال من الزمن, يأتي هذا الازدياد في الطلب في الوقت الذي وصلت العلاقات بين واشنطن ونيودلهي مستوى جديدا من الدفء. وفي هذا الشأن, قال ريتشارد كيركلاند, رئيس شركة لوكهيد مارتن لجنوب آسيا, انه \"من حيث الاحتمالات التنموية, تعتبر الهند اوسع اسواقنا\". \r\n \r\n وسواء اذا استطاعت الشركات الامريكية تحويل هذا الاحتمال الى ارباح, فذلك يعتمد على ما هو اكثر من دفء العلاقات بين مسؤولين في العاصمتين, بل سيتوقف على البراعة التي سيواجهون بها تحديات السوق الجديدة, وخاصة التنافس مع نظرائهم الروس. وقد تأكدت مخاطر هذا التنافس عندما دعا وزير الدفاع الهندي مؤخرا الى تقديم عروض لتزويد الهند ب ̄ 126 مقاتلة نفاثة, قد تبلغ كلفتها 10.2 مليارات دولار. \r\n \r\n واذ عزمت الهند امرها على بناء صناعة عسكرية محلية, فانها تدعو المزودين الاجانب اخذ حصة كبيرة في اية سلعة عسكرية في هذا البلد. وفي حالة عقد المقاتلات النفاثة, ينبغي على من يرسو عليه العطاء انتاج سلع بنصف قيمة العقد داخل الهند. وهكذا انشغلت الشركات الامريكية بالتزاوج مع المقاولين المحليين. وحتى الان. لم تتعد الشراكات, في معظمها, اتفاقات على التعاون في مشاريع مستقبلية. ففي شهر شباط الماضي, وقعت شركة رايثون وقسم الاليكترونيات في شركة تاتا الهندية العملاقة للكهرباء اتفاقا من هذا القبيل, وفي الشهر ذاته وقعت شركة بوينغ اتفاقا مع شركة هندسية هندية - لارسن وتوبرو - لاقامة مشاريع جديدة. كما وقعت شركة نورثروب غرومان اتفاقيتين مع شركتي بهارات للاليكترونيات والتكنولوجيات الدينامية الهندية, وكلاهما في بنغالور, للبحث في امكانية الفرص المشتركة. \r\n \r\n غير ان اهتمام الامريكيين بالهند يمتد الى ما هو ابعد من الاسلحة. ففي هذا البلد سوق مزدهرة للطيران التجاري, ومشاريع النقل والشحن والبنى التحتية, الامر الذي يعني توافر فرص للوحدات اللوجستية والامنية لدى المقاولين الامريكيين الكبار. وفي هذا الخصوص, يتنبأ وولتر دوران, رئيس شركة رايثيون في آسيا, والقائد السابق للاسطول البحري في المحيط الهادي, ان تصبح الهند \"احد اكبر شركائنا, هذا ان لم تكن اكبرهم جميعا, على مدى العقد المقبل او نحوه\". \r\n \r\n ان الزيادة الهائلة في الانفاق العسكري تعكس تغيّر وجهة نظر الهند عن نفسها. وقد خاطب الادميرال سوريش مِهتا, رئيس اركان الاسطول الهندي, آلاف الضباط البحريين في مؤتمر خاص بالاسطول, عقد في نيودلهي في شهر تموز, قائلا ان الهند, \"مثلها مثل جميع الدول الطموحة, تسعى الى اخذ مكانها على المسرح الدولي\" وعلى نحو خاص, تضع الهند نفسها كشرطي للممرات المائية القريبة, وفي المحيط الهندي خصوصا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع, سيتانشوكار, \"لو نظرنا الى الطوق الممتد من غرب آسيا حتى آسيا - الهادي, لوجدنا ان هذه المنطقة تشكل اكثر من 70 بالمئة من حركة مرور منتجات النفط الى جميع انحاء العالم. ان لنا دورا علينا ان نلعبه كي نضمن امن هذه الطرق البحرية\". فالناقلة الامريكية \"ترينتون\", التي ابتاعها الاسطول الهندي, واعاد تسميتها \"خالاشا\", قادرة, مثلا, على نقل 450 جنديا ونصف دزينة طوافات, وقابلة للاستعمال لاجلاء مواطنين هنود, وتقديم المساعدة, او التدخل في مناطق النزاع. \r\n \r\n لكن الهند ما تزال منطقة عذراء بالنسبة لصانعي الاسلحة الامريكيين, ذلك ان عقودا من عدم الثقة ابان الحرب الباردة, اصطفت فيها الهند معظم الوقت الى جانب الاتحاد السوفياتي, تلتها العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس بيل كلينتون بعد اجراء الهند لتجارب على اسلحة نووية في عام ,1998 قد جعلت من الهند نوعا من المنطقة المحظورة بالنسبة للشركات الامريكية. \r\n \r\n وفي ظل حكم ادارة بوش, رفعت تلك العقوبات, وتعمقت العلاقات العسكرية بين البلدين. \r\n \r\n واعلنت الحكومتان, في تموز, عن ابرام اتفاقية بينهما حول الطاقة النووية التجارية. وبمقتضى هذه الاتفاقية, ستتشارك الولاياتالمتحدة مع الهند التكنولوجيا النووية, بما فيها الوقود. كما تتطلب هذه الاتفاقية استثناء هنديا معينا من القانون الامريكي, اضافة الى التأكيد على التزام ادارة بوش, الذي تعهد به قبل عامين, بمساعدة الهند على ان تصبح \"قوة دولية كبرى\". \r\n \r\n لكن العديد من محللي صناعة الاسلحة يقولون ان الحصول على عروض كبيرة في الهند سيظل مسألة تنطوي على اخطار بالنسبة للامريكيين. ففي حالات كثيرة, ستجد الشركات نفسها في تنافس مباشر مع المورد التقليدي للهند - روسيا - حيث اتفاقيات تصنيع ما تزال سارية المفعول معه, وما يزال اكبر مزود لها بالاسلحة. ومع ان العلاقات لم تنحل بعد تفكك الاتحاد السوفييتي, الا انه جرى اصلاحها في التسعينيات, ويتفاوض البلدان حاليا على ابرام عقود بقيمة 10 مليارات دولار, بما في ذلك بناء نظام دفاع جوي في الهند. في هذا الشأن, يقول اندرو بروكس, محلل شؤون الطيران في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن, انه يتنبأ بان \"يحصل الروس على حصة كبيرة من هذه التجارة\". \r\n \r\n على ان الكونغرس قد يطرح عقبة اخرى امام الشركات الامريكية. فمن المحتمل ان يحظر المشرعون الامريكيون بيع المعدات والتجهيزات الاكثر تقنية وتقدما, في حين تدور تكهنات بان الروس مستعدون \"لبيع اسلحة من الطراز والنخب الاول\". \r\n \r\n ومع هذا, يحصل الامريكيون على بعض الاتفاقيات. فشركة لوكهيد مارتن تجري المباحثات النهائية لبيع طائرات شحن من طراز (C-130J) بقيمة مليار دولار. ولعلها ستكون اكبر صفقة عسكرية امريكية تبرم مع الهند حتى تاريخه. \r\n \r\n كانت وزارة الدفاع طلبت الى شركتي لوكهيد وبوينغ ان تتقدما لعرض بقيمة 10.2 مليارات دولار لشراء طائرات نفاثة, والى شركة ساب, صانعة المقاتلة \"غريبين\", والمجموعة الاوروبية الصانعة لطائرة \"المقاتلة الاوروبية\" النفاثة (يوروفايتر). وستواجه جميع هذه الشركات \"مؤسسة ميغ الروسية لصناعة الطائرات\", المالكة لصناعة طائرة ميغ التي تستعملها الهند حاليا. \r\n \r\n وعلى العموم, يشكل الروس اكثر المتقدمين براعة. ففي مؤتمر الطيران الذي عقد مؤخرا في نيودلهي, خرجت الشركات الغربية فيه باكشاك, واشرفت على تقديم وجبات وحفلات كوكتيل, واشغلوا العشرات من موظفيها يحملون اسماءها لخدمة الجمهور. كما ابتهج عدد من ممثلي القوات المسلحة الامريكية لهذا الاداء. اما الروس, فنادرا ما شوهدوا هناك. \r\n \r\n في هذا الخصوص, قال اللواء اليكسندر بوروف, الملحق العسكري في السفارة الروسية في نيودلهي, في مقابلة هاتفية معه, انه لا يستطيع التعليق على اية صفقات تجارية. لكنه اشار الى ان قائد القوات البرية الروسية قام مؤخرا بزيارة للهند, متوقفا في \"اغرا\" و\"غووا\". ولم يرد رقم هاتف محدد في السفارة, قال بوروف انه سيساعد في الوصول الى شخص قادر على الاجابة عن الاسئلة, ولا رسائل الفاكس لاقت جوابا, تماما مثلما لم يرد على مكالماتنا مكتب شركة ميغ للطيران في نيودلهي. \r\n \r\n ينقسم الضباط في الجيش الهندي حول سياسات التطوير وخطوطه, حسب ما قاله بعض الضباط الامريكيين, ذوي العلاقات المنتظمة مع الجيش الهندي. فالضباط القدامى في هذا الجيش يؤيدون الشراء من روسيا, اما الضباط الاصغر سنا فقد يفضلون الشراء من الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n وتزيد الاتفاقية النووية الاخيرة مع الولاياتالمتحدة من تعقيد وضع الشركات الامريكية. وكانت تلك الاتفاقية قد لقيت انتقادات حادة في بعض جوانبها, ما يعكس استمرار وجود عدم الثقة, من تحت ستار, بالولاياتالمتحدة - وما يراه الكثيرون, بسبب العلاقات السابقة - وعلى انه احباط لصعود الهند الى الساحة الدولية. ويقول بعض السياسيين ان الهنود قدموا تنازلات كثيرة جدا لواشنطن للتوصل الى تلك الاتفاقية, وان تلك التنازلات ستقيد تجارب الهند النووية. وكي تمضي الاتفاقية الى التنفيذ, لا بد من صدور قانون خاص بذلك من الكونغرس الامريكي. \r\n \r\n من جانب آخر, ولّد التحسن الاخير في العلاقات مع البنتاغون خلافا بطرق اخرى. ففي بداية شهر تموز, عندما زارت حاملة الطائرات الامريكية \"نيميتز\" ميناء تشيناي (مدراس سابقا), شمال الهند, استقبلت بمظاهر الاحتجاج الهائجة من عمال الميناء ومن السياسيين. وتصر وزارة الدفاع على ان الاقتصاد, وليس السياسة, هو الذي يوجه قراراتها. فقال كار, الناطق باسمها, في سياق الحديث عن صفقة بيع طائرات مقاتلة نفاثة, \"اننا ماضون بحزم وفق اعتبارين اثنين - متطلبات عمليات القوات الجوية, وافضل الاسعار التي نحصل عليها\". ويؤكد الصانعون الامريكيون على ان التكنولوجيا الغربية متقدمة على الطائرات ونظم التسليح الروسية التي تستعملها الهند الان, او التي قد تشتريها. \r\n \r\n ان من شأن الانتقال الى المعدات الغربية سيمكن الجيش الهندي من \"الحصول على تكنولوجيا جديدة اكثر قدرة واسرعها على الحمل, وذات دقة اكبر في الاصابة\", على حد قول كيركلاند. فان اختارت القوات الجوية الهندية مقاتلة لوكهيد, فستتمكن من القيام بمناورات مشتركة مع القوات الجوية الامريكية, وتلك التابعة لثمانية عشر بلدا آخر يستعمل هذه المقاتلة. ومع كل هذا, لا اوهام لدى المقاولين الامريكيين عن منافسيهم الروس. وفي هذا الخصوص, قال راندي بيلوت, الناطق باسم شركة نورثروب غرومان, ان \"من الصعب ازاحة منافس قائم فعلا\". \r\n \r\n \r\n \r\n