\r\n اصبح من الشائع اليوم القول ان قرار حل جيش صدام حسين كان غلطة, وانه جاء بالضد من مخططات امريكا التي سبقت الحرب, وانه كان قرارا اتخذته انا شخصيا, لكن الواقع هو ان هذا الموقف قد درس بعناية من قبل كبار الاعضاء المدنيين والعسكريين في الحكومة الامريكية وقد كان قرارا صائبا. \r\n \r\n عندما سقطت بغداد في التاسع من نيسان 2003 كان الجيش العراقي قد انحل بالفعل. في ايجاز مسجل بالفيديو وجهات نظر المسؤولين في واشنطن يوم 17 نيسان ذكر الجنرال جون ابي زيد انه \"لم تعد هناك وحدة عسكرية عراقية منظمة\". وقد حول اختفاء جيش صدام حسين القديم كل الخطط السابقة للحرب حول استخدام ذلك الجيش الى كلام غير وارد. ولهذا كان السؤال المطروح هو ما اذا كان على سلطة التحالف المؤقتة ان تحاول استدعاءه او العمل على بناء جيش جديد مفتوح امام مشاركة اعداد تتم تزكيتها من منتسبي الجيش القديم والمتطوعين الجدد على حد سواء. وقد فضل الجنرال ابي زيد الاختيار الثاني. \r\n \r\n في الاسابيع التي تلت توصية الجنرال ابي زيد, بحث ولتر سلوكومب, مستشار الامن القومي في سلطة التحالف, الاختيارات المطروحة مع كبار المسؤولين في البنتاغون بمن فيهم وكيل وزير الدفاع بول ولفوويتز. وقد رأوا ان اعادة استدعاء الجيش القديم كانت استحالة عملية لان عمليات النهب التي اعقبت الحرب دمرت جميع القواعد. \r\n \r\n يضاف الى ذلك ان المكلفين بالخدمة العسكرية واغلبهم من الشيعة ما كانوا سيستجيبون لدعوة استدعاء الجيش القديم التي ستصدر عن قادتهم السابقين واكثرهم من الشيعة. كما تم الاتفاق على ان اعادة استدعاء الجيش ستشكل كارثة سياسية لان ذلك الجيش يمثل بالنسبة للاغلبية الساحقة من العراقيين رمز السيادة السنية القديمة بقيادة حزب البعث. \r\n \r\n في الثامن من ايار عام ,2003 وقبل ان اغادر الولاياتالمتحدة متوجها الى العراق اعطاني دونالد رامسفيلد وزير الدفاع مذكرة حملت عنوان \"مبادىء لمؤشرات السياسة العراقية\". وقد نصت تلك المذكرة على ان التحالف \"سوف يعارض بنشاط ادوات تنفيذ اوامر صدام حسين القديمة وهي حزب البعث, وفدائيو صدام.. الخ\" و\"اننا سوف نوضح ان التحالف سوف يصفي بقايا نظام صدام\". في اليوم التالي, اخبرني رامسفيلد انه ارسل ورقة \"المبادىء\" الى مستشارة الامن القومي ووزير الخارجية. \r\n \r\n في هذه الاثناء, اظهرت استشارات ولتر سلوكومب مع المسؤولين الامريكيين في واشنطن وبغداد بانهم يدركون بان المسار الصالح الوحيد هو بناء قوة احترافية جديدة مفتوحة امام مشاركة افراد من الجيش القديم بعد ان تتم تزكيتهم. وقد كتب سلوكومب مسودة امر يقضي بتنفيذ هذه الاهداف. وقد قمت بارسال مسودة اولية لهذا الامر الى ولفوويتز, والى وكيل وزير الدفاع لشؤون السياسة دوغلاس فيث, والى رئيس القيادة المركزية الجنرال تومي فرانكس والى اعلى مسؤول مدني في سلطة التحالف في حينه جاي غارنر وطلبت منهم جميعا ابداء تعليقاتهم. \r\n \r\n في 13 ايار, عندما كان في طريقه الى بغداد, اطلع سلوكومب كبار المسؤولين البريطانيين في لندن على الامر وقد اخبروه بانهم يعتبرون \"تسريح الجيش تحصيل حاصل\" وقد اضاف في تقريره قائلا \"لو كان هناك بعض المسؤولين او الضباط البريطانيين ممن يعتقدون بان علينا ان نحاول اعادة بناء الحرس الجمهوري القديم او اعادة تجميعه فانهم لم يقدموا اي تلميح الى ذلك اثناء لقاءاتنا. وقد وافقوا, في الواقع, على ضرورة اعتماد مبدأ اجتثاث البعث بشدة خصوصا في القطاع الامني\". \r\n \r\n على مدى الاسبوع التالي, واصل سلوكومب مباحثاته حول الامر المقترح مع كبار مسؤولي البنتاغون بمن فيهم فيث. في الوقت نفسه تلقى الجنرال ديفيد ماكيرنان, القائد الميداني السابق لقوات التحالف في العراق, مسودة الامر واجازها. من جانبي, قدمت ايجازات عن الموضوع الى الوزير رامسفيلد عدة مرات ثم مررت له المسودة النهائية للامر المقترح في 19 ايار كي يقترن الامر بموافقته. \r\n \r\n تلقى ولتر سلوكومب بالمحصلة تعليقات مفصلة على مسودة الامر ضمت وجهات نظر رئاسة الاركان المشتركة ومكتب وزير الدفاع واوضحت ان الاقتراح قد تمت مراجعته من قبل كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في البنتاغون اضافة الى القادة الميدانيين. \r\n \r\n امضى مستشار آخر في سلطة التحالف هو دان سونر ليلة الثاني والعشرين من ايار في تنسيق نص البيان مع مستشار رامسفيلد المقرب لورانس دي ريتا. وباستثناء صياغات ثانوية في النص, لم يصدر عن اي من المسؤولين المدنيين والعسكريين اي اعتراض على مقترح تشكيل جيش عراقي جديد او مقترح حل الجهاز الامني القديم التابع لصدام حسين. \r\n \r\n في 22 ايار بعثت الى الرئيس بوش, من خلال الوزير رامسفيلد, تقريري الاول منذ وصولي الى العراق. راجعت في التقرير نشاطاتنا منذ الوصول ومن ضمنها سياستنا في اجتثاث البعث. ثم لفت نظر الرئيس الى \"انني سوف اردف هذه الخطوة باجراء اشد قوة يقضي بحل مؤسسات صدام العسكرية والاستخبارية\". وقمت في اليوم نفسه بتقديم موجز عن الخطة الى الرئيس عبر دائرة فيديو مغلقة. وقد ارسل لي الرئيس ملاحظة مكتوبة في 23 ايار يشكرني فيها على تقريري ويقول لي \"لك كامل دعمي وثقتي\". \r\n \r\n لقد درس كبار المسؤولين في الحكومة الامريكية بامعان قرار عدم استدعاء جيش صدام حسين. ولم يكن هذا القرار موضع خلاف في حينه. وعندما عقد سلوكومب مؤتمرا صحافيا في بغداد في 23 ايار لشرح القرار لم يحضر المؤتمر سوى اثنين من المراسلين لم يكن ايهما امريكيا. وكانت المرة الاولى التي اسمع بها عن شكوك بشأن القرار في خريف عام 2003 عندما بدأت قوة التمرد في التصاعد, \r\n \r\n يضاف الى ذلك, اننا كنا محقين في بناء جيش عراقي جديد فعلى الرغم من جميع المصاعب التي واجهوها, فان جنود العراق المحترفين الجدد هم القوة الامنية الاكثر فاعلية والاجدر بالثقة في البلاد. في حين كانت شرطة العهد البعثي, التي اعدنا استدعاءها للخدمة, على النقيض من الجيش الجديد, غير موضع ثقة ولا يمكن الاعتماد عليها من قبل الشعب العراقي نفسه الذي يفترض انها موجودة لحمايته. \r\n