\r\n واليوم, ومع الالحاح على الامريكيين لتحمل مجرى الحرب على العراق, يعمل الرئيس بوش على تحدّي هذه الذاكرة التاريخية. ففي تذكيره للامريكيين بان الانسحاب من فيتنام في عام ,1975 اعقبته سنوات من الاضطرابات الدموية في جنوب شرق اسيا, قال في خطاب له, في 22/8/,2007 ان دروس فيتنام توفو لنا العبرة بضرورة الثبات في العراق, بدلا من الرحيل منه في وقت قريب وسريع. بهذا يكون الرئيس بوش قد اتهم ناقديه بشأن الحرب على العراق, بفقدان الذاكرة, خاصة ما يعرف بالخروج الكبير من الفيتناميين اللاجئين على متن \"باخرة الشعب\", والقتل الجماعي في كمبوديا الذي قضى على حياة الملايين من الناس. \r\n \r\n وحسب رأي المؤرخين, فان الرئيس بوش على حق عندما يصير الحديث عن تسجيل الوقائع. لكن العديد من هؤلاء المؤرخين يختلفون ايضا على تشبيهاته المستخلصة من الاسباب التي وقفت وراء ذلك الاضطراب كي يتنبأ بما يمكن ان يحدث في العراق, في حال انسحاب الولاياتالمتحدة منه. فيقول دييد هيندريكسون, الاختصاصي في شؤون السياسة الخارجية الامريكية في جامعة كولورادو, \"ما من شك في ان فشل امريكا في فيتنام ادى الى عواقب وخيمة في تلك المنطقة, غير ان هناك امرين بحاجة الى الدراسة والتمحيص. \r\n \r\n احدهما انه ما كان للخمير روج ان تأتي الى السلطة في غياب الحرب على فيتنام - ذلك ان تلك القوى الظلامية برزت من ظروف الحرب, وقد خلقتها تلك الحرب ان فسرت تفسيرا عميقا. والشيء نفسه يحدث الآن في الشرق الاوسط. ذلك ان الاحتلال الاجنبي للعراق قد خلق ارهابيين اكثر مما فعل لردعهم\". \r\n \r\n وتتصدر سجل الموت والتشريد, بعد الانسحاب الامريكي من فيتنام, قوائم المآسي التي وقعت في القرن الماضي.. بما يقدر 1.7 مليون كمبودي (خمس السكان تقريبا لاقوا حتفهم تحت حكم بول بوت), وما يقدر 1.5 مليون فيتنامي ومن سكان الهند الصينية الذين اصبحوا لاجئين. كما يتراوح عدد الفيتناميين الذين زج بهم في معسكرات الاعتقال بعد الحرب, بين 50000 - .400000 وتقول بعض التقارير ان عشرات الالوف قضوا فيها, وهو رقم استشهد به الرئيس بوش في خطابه المذكور امام المحاربين القدماء في الحروب الخارجية. ولم يقدم بوش, في ذلك الخطاب, اي حكم لما كان يمكن ان يحقق نصرا في فيتنام, او فيما اذا كانت تلك الحرب حربا خاطئة. وبدلا من ذلك, سعى بوش الى التشديد على الاخطار المترتبة على انسحاب متسرع من العراق. \r\n \r\n على ان الانسحاب الامريكي من فيتنام لم يأت بغتة, بل امتد فترة اطول كثيرا مما يتذكر الكثيرون. فقد بدأ ذلك الانسحاب, من الناحية الفعلية في عام ,1968 بعد \"هجوم تيت\", الذي يعتبر هزيمة للعصابات الشيوعية المسلحة وراعييها من الفيتناميين الشماليين, والذي اوضح ايضا هشاشة تحصن الولاياتالمتحدة وحلفائها الفيتناميين الجنوبيين. وعلى الرغم من مطالبة قادة الميدان الامريكيين هناك, بعد هجوم تيت. بعدة مئات الالوف من التعزيزات العسكرية, الا ان الرئيس جونسون رفض طلبهم. وبدأ الرئيس نيكسون عملية \"الفتنمة\", نُقلت فيها بالتدريج مسؤولية الامن لقوات عسكرية وامنية محلية, شبيهة بالاستراتيجية الحالية بعيدة المدى للرئيس بوش في العراق. \r\n \r\n استعملت القوة الجوية الامريكية لمساعدة حكومة فيتنام الجنوبية, لكنه في الوقت الذي نشرت فيه الصورة الشهيرة للامريكيين وهم ينقلون جوا من على السطوح في سايغون عام ,1975 لم يبق من القوات الامريكية المقاتلة في فيتنام الا القليل. وفي هذا الصدد, يقول اندرو باسييتش, قائد احدى السرايا في فيتنام, ويعمل حاليا استاذا للعلاقات الدولية بجامعة بوسطن, \"لم يكن ذلك انسحابا متهورا, بل فك ارتباط مقصود\". \r\n \r\n وفيتنام اليوم دولة موحدة ومستقرة, لا تشكل حكومتها الشيوعية خطرا كبيرا على جيرانها, وتعمل على اقامة علاقات طيبة مع الولاياتالمتحدة. وفي تشرين الثاني الماضي, زارها الرئيس بوش, ورد الزيارة هذا الصيف, الى الولاياتالمتحدة, الرئيس الفيتنامي نغوين مينه تريت, في اول زيارة يقوم بها رئيس فيتنامي لواشنطن منذ الحرب. ويضيف باسيفيتش ويقول \"ان المقارنة مع فيتنام يجب ان تدعونا للتفكير الاكثر صوابا, في كيفية تقليص عواقب الفشل العسكري. فان كان هناك من هو قلق بشأن الشعب العراقي, وبالمصير الذي ينتظرهم بينما هذه الحرب تأخذ منعطفا واضحا في مجراها, فينبغي علينا ان نكون جادين في مسألة فتح ابوابنا, والترحيب في الولاياتالمتحدة بأولئك العراقيين الذين ايدونا, وعرضوا انفسهم وعائلاتهم للخطر\". \r\n \r\n الى هذا, ألح بعض اعضاء الكونغرس, وبعض منظمات حقوق الانسان, على الرئيس بوش وادارته, باسقاط الحدّ من اللاجئين العراقيين المقبول دخولهم الى الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n وسعى بوش في هذا الخطاب, الى استدرار التأييد مجددا لاستراتيجيته في العراق, باستذكار سنوات التضحية الوطنية خلال الحرب العالمية الثانية, والالتزام المطلوب لاعادة بناء اثنتين من اعتى الخصوم عدوانية وحذف القانون, هما المانيا النازية واليابان الامبراطورية, وتحويلهما الى حليفين يعتد بهما ويتحملان المسؤولية. \r\n \r\n ويلاحظ المؤرخون بأن المانياواليابان كانتا دولتين قوميتين متجانستين, ذات هويتين قوميتين واضحتين, ولا وجود فيهما لاحتراب داخلي بين الفصائل او الطوائف.. الامر الذي يتعارض بشكل صارخ مع العراق اليوم. \r\n \r\n ان مقارنة العراق بالمانياواليابان امر \"وهمي\", كما قال ستين سايمون, احد الاعضاء البارزين في \"مجلس العلاقات الخارجية\". وبين ان الجيوش الامريكية والحليفة قضت على حكومتي اليابانوالمانيا, واية معارضة بقيت بعدهما. ثم قامت بلمّ شمل قوات احتلال التي كانت تشكل, بالتناسب, اكثر من ثلاثة اضعاف القوات الامريكية الموجودة حاليا في العراق, وتقدر بحوالي 160000 جندي. \r\n \r\n وقال سايمون في هذا الخصوص, \"هذا هو مستوى القوات المطلوب للسيطرة على الوضع. فاحتلال المانياواليابان استمر سنوات, ولم يقتل فيهما جندي امريكي واحد على ايدي رجال المقاومة\". \r\n \r\n وقال ضباط امريكيون كبار, في جلسات خاصة, ان العناصر الاساسية التي حققت النصر في الحرب العالمية الثانية - اي الالتزام الكلي من الشعب الامريكي والحكومة الامريكية, والعرض الاقتصادي المذهل لاعادة بناء الدولتين العدوتين المهزومتين - لا تتوافر بالنسبة للحرب على العراق, بما فيها زيادة الضرائب والتجنيد الاجباري.0 \r\n