\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n يقول مارك ريجي, الناطق باسم وزارة الخارجية, \"السياج مشروع ناجح, فهو يحمي حياة الناس. وفي المناطق التي ارتفع بنيانه, توقفت عمليات التغلغل الانتحارية بنسبة 90 بالمئة تقريبا. فخلال عام 2006 , كان عدد العمليات الناجحة اقل منها في اسبوع واحد من عام ,2002 وذلك بفضل السياج الى حد كبير\". \r\n \r\n وردا على معلومات جديدة تشير الى ان طريق الجدار كان مدفوعا بالصراع الديموغرافي الذي يشكل احد أسس الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني, يقول ريجيف انه لامر طبيعي ان يكون مخططوه اخذوا هموم اسرائيل بعين الاعتبار, من حيث تزايد عدد السكان العرب. مضيفا بان \"تحديد الحكومة لمواقع السياج بحسب الحساب للوقائع الديموغرافية والطوبوغرافية, والهموم الامنية. فالهدف من هذا السياج هو حمايته لاكبر عدد ممكن من المواطنين الاسرائيليين\" ويمضي قائلا انه بصرف النظر عن خط الجدار, فان اسرائيل محكومة بان تكون موضع انتقاد محليا. \r\n \r\n ويقول ريجيف ايضا: \"لو كان هذا السياج مشروع اغتصاب ارض,لكنّا شملنا به كل منطقة شعفاط. انظري الى القدس, لو وضعنا مناطق القدسالشرقية داخل السياج, لاتُهمنا بضم القدس. ولو تركنا هذه المناطق خارجه, لقطعنا صلة الفلسطينيين باخوانهم على الجانب الآخر منه. انني لاعتقد بان الجدال حول خط السياج ينزع الى ان يكون مخادعا\". ثم يقول \"ان خط السياج يمكن ان يتغير وسيأتي يوم يُزال فيه عندما يتحقق السلام. فهو السياج المصمم لابعاد منفذي التفجيرات الانتحارية, ونحن ملتزمون بالسماح للناس ان يمروا عبره, ولهذا فتحنا فيه بوابات\". \r\n \r\n ويقول ريجي: ان الحكومة الاسرائيلية تسمي هذا الحاجز سياجا, لان اكثر من 90 بالمئة من خطه من الشمال الى الجنوب, مقام بالأسيجة. اما الصعوبات التي يخلقها واهية بالمقارنة مع النجاحات التي يحققها. \"اننا نتفهم الآثار السلبية التي تركها على نوعية حياة الناس, لكننا ملتزمون بالعمل بكل ما هو بوسعنا لتقليص ذلك الى الحد الادنى. اننا نتحدث الآن عن قضية جودة الحياة, في حين ان القضية في جانبي السياج هي قضية حياة وموت\". \r\n \r\n \r\n \r\n الجدران الجديدة - مشي طويل الى المدرسة \r\n \r\n كان احمد المالحي على بعد 25 قدما من باب مدرسته, عندما اوقفه الجنود الاسرائيليون وطلبوا هويته. وكانت تلك نقطة التفتيش الثالثة, التي واجهها خلال رحلة يومية تأخذه من احد جانبي الجدار الامني في القدس الى جانبه الآخر. \r\n \r\n واشار اليه الجنود باليد الى الوجهة التي عليه السير فيها. فانفرجت أساريره. كان عليه تقديم امتحان تاريخ عن الحرب العالمية الاولى, وآخر شيء يمكن ان يخطر بباله, هو التأخر ثانية عن موعد الامتحان. وفي وقت لاحق, قال احمد, \"أمرّ الآن في مرحلة في غاية الاهمية, فان لم اتمكن من الوصول في الوقت المحدد, فكيف سأجتاز امتحان التخرج?\". \r\n \r\n وصل احمد المدرسة في هذا اليوم, بعد ساعة مشي تقريبا, في رحلة تستغرق خمس دقائق بالتاكسي. وقبل بناء الحاجز, كان يمشي 20 دقيقة ليصل الى المدرسة. غير ان الواقع الجديد لاسرة احمد, وأُسر عدد كبير من المقدسيين الآخرين, يتمثل في مجموعة من الاجراءات الرامية الى زيادة الامن الاسرائيلي, والغالبية السكانية, عن طريق وضعهم خارج الجدار الاسرائيلي, هذا على الرغم من اصدار اسرائيل هويات لهم, تعرفهم بأنهم سكان قانونيون في القدس, ولهم حق التمتع بخدمات مشابهة لتلك التي تقدم للمواطنين الاسرائيليين. \r\n \r\n اما اليوم, فان الحصول على الرعاية الصحية, او التعليم, او الذهاب الى العمل, في العديد من الحالات, عملية طويلة معقدة بالنسبة للفلسطينيين, الذي يجبرون على العبور من خلال الحاجز - الذي يمر من شعفاط, وتحول من سياج الى جدار من الاسمنت المسلح - كي يصلوا الى بقية المدينة. انها عملية تعذيب تقول عنها جماعات حقوق الانسان, مثل \"بتسليم\" انها عبء ظالم على كاهل الفلسطينيين المقدسيين. مضيفة يتزايد حرمان السكان العرب في المدينة من الخدمات الاساسية لاهداف سياسية مقصودة, هي: زيادة الامن للاسرائيليين, وتقليص عدد الفلسطينيين, بمن فيهم حاملو بطاقات الاقامة الصادرة من اسرائيل. \r\n \r\n ليس هذا الواقع الجديد من خيار احمد او عائلته, بطبيعة الحال. فهو لم يطلب الالتحاق بمدرسة في \"ضاحية البريد\" \"وهي ضاحية في القدس تمتد مع الجدار\" بل تقرر له ان يدرس فيها من دائرة التربية والتعليم التابعة لبلدية القدس, التي تشرف على جميع المدارس في عموم المدينة. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان مدرسة احمد وبيته جزء من القدس فإنهما تنحشران وسط شبكة محيّرة من نقاط التفتيش. والمنطقة التي تقع فيها المدرسة, بعد تجاوز عدة نقاط تفتيش أمنية, اصبحت منطقة عبور مختنقة ومزدحمة على نحو غريب, فسياسة من الذي يسمح له بالمرور, ومتى, تتغير كل ساعة على ما يبدو. وفي مناطق اخرى في القدس وفي الضفة الغربية, تقوم \"نقاط تفتيش طائرة\" كما يسميها الفلسطينيون .. فهي تنشأ اليوم هنا, وتزال في اليوم التالي. \r\n \r\n قبل سنة, لم تكن الحياة على هذا النحو. كان ذلك قبل ان يبدأ الجدار بالالتفاف في هذه المنطقة, محدثا تغييرات ومبّدلا سياسات حول من يستطيع ومن لا يستطيع دخول القدس. وكان ذلك ايضا قبل وفاة عمر المالحي, والد احمد, عند نقطة تفتيش بالقرب من منزله. وتقول أسرته انه مات بسبب مضاعفات نوبة قلبية ولم يستطع الوصول الى المستشفى في وقت سريع. \r\n \r\n ويقول شهود ان سيارة الاسعاف جرى تأخيرها عند نقطة التفتيش. وفيما بعد, اطلق على والد احمد \"شهيد المحسوم\" او شهيد نقطة التفتيش. \r\n \r\n رحلة احمد اليومية \r\n \r\n ينطلق احمد معظم الايام الساعة السابعة الا ربعا تقريبا. وصباح هذا اليوم, كان متأخرا قليلا, ارتشف فنجان الشاي \"فهو يتناول فطوره في المدرسة, كما يقول\", ويودع والدته بقبلة \"وتفخر والدته بانه يهتم بتوسيع معلوماته\", ويهبط الدرج عند الساعة السابعة تقريبا. وعند الجادة الضيقة للمخيم, يتوقف احمد ليلقى ابن عمومته ثائر, وابن صفه في المدرسة, ويسيران مجهدين معا, ويتباحثان في اي الطريق افضل بين الطرق الثلاث يسلكانها, استنادا لحالات مرا بها في الاسابيع الاخيرة ويقول احمد, \"عندما يكون يومي صعبا في عبور نقاط التفتيش, تساورني مشاعر سيئة من اول النهار, ولا استطيع التركيز\". واحمد شاب نحيف وطويل ذو ملامح جادة. \r\n \r\n بعد عشر دقائق من السير, يصلان طريق عناتا, الشبيهة تقريبا بالطريق السريع, وتؤدي الى نفق, ومحاطة بجدران عالية على الجانبين, والطريق الاخرى الى اليسار من المعدن المموج, لتغطية الموقع الواسع الكبير لسكة حديد يجرى بناؤها حاليا. وفي اعالي التلال, تظهر بنايات \"النبي يعقوب\" الشاهقة, وهو ضاحية يهودية اضيفت بعد ان ضمت اسرائيل اليها القدسالشرقية, تعلو فوق الطريق, وهنا يشير ثائر الى آلة تصوير امنية, منصوبة على عمود يعلو الطريق, مبينا ان احد اصدقائه ضبطته هذه الكاميرا وهو يقذف الحجارة ويمشي الاثنان مع اقرانهما في الدراسة, بعضهم في سن المراهقة, وبعضهم اكبر قليلا من الصبيان.. وجمعيهم يحملون حقائب الظهر المدرسية, وبعضهم بالزي المدرسي, مروا عن نقطة التفتيش الثانية في ذلك اليوم, واذ رأيا تلامذة اخرين من فئة عمرهما متقدمين عليهما الى نقطة التفتيش, خفّا خطاهما على الطريق, فرفع احد الجنود ذراعيه, واوقفهما, واعاد توجيههما فرادى, في صف الواحد بعد الاخر, من اطفال صغار, ونحّاهم جانبا, و\"اين\"? مسألة احمد فردّ الجندي: \"نعم! اذهب الطريق من هنا\" مغلقة, فاطاع احمد اوامره, لاحقا الاطفال الاصغر سنا \"ولو تلفظت بكلمة اخرى, لاعتقلت\", قال احمد همسا. \r\n \r\n الخطة \"ب\" دائما متوافرة \r\n \r\n كانت الساعة 7.43 عندما وصل ثائر واحمد الطريق الرئيسية المؤدية الى شمالي القدس-ضاحية شعفاط, المختلفة تماما عن مخيم اللاجئين الذي ينقلهما الى مكان اقرب منها, ويوضح احمد ويقول ان نقطة التفتيش هذه تغلق احيانا امام حركة المرور كلها, وعندما يحدث ذلك, يراوغ التلاميذ عائدين الى الوراء, ثم يدخلون من الجانب الاسفل للضواحي المرتفعة على التلال, عبر منطقة تدعى \"عمارات نسيبة\", ويتسللون من حول نقاط التفتيش ليصلوا الى المدرسة. \r\n \r\n ويقول احمد, \"اصعد التلال, وامر بين البنايات السكنية, كي اصل المدرسة لكن الاسرائيليين يستعملون الان سيارات الجيب, لمطاردة اهالي الضفة الغربية الذين يلجأون الى هذه الطرق بغاية الوصول الى القدس, وفي بعض الاحيان, يصادفنا جنود لا يصدقوننا عندما نقول لهم ان الطريق مغلقة, ويجبروننا على العودة ادراجنا\". \r\n \r\n تأخر لبضع دقائق \r\n \r\n عند الساعة 8.06 كانا امام \"مدرسة سخنين للبنين\" متأخرين بضع دقائق, وبالقرب من بوابة المدرسة, يشير احمد وابناء صفه الى الجانب الاخر من نقطة التفتيش بقلق, ويقول احدهم انظر! ويقول احمد: \"انهم يمنعون الاستاذ من الدخول\" وكان التلامذة يرقبون ما يجري امامهم بينما يتناقش معلم التربية الدينية, صيام سامر, مع الجنود, الذين يرفضون السماح له بالعبور من نقطة التفتيش, لكن بعد شيء من التفاوض مع الجنود, والاشارة الى مدخل المدرسة حيث يقف التلاميذ يراقبون ما يجري, سمحوا له بالعبور \"هذه الامور تحدث يوميا, يقول متذمرا المعلم الملتحي لحية كثة وهو متجه الى الصف\" \"الكثيرون من التلاميذ لا ينجحون في الحضور الى المدرسة في الوقت الملائم, فالفترة الاولى من يوم التدريس تضيع دائما, لهذا فانني اكرر ما اعلمه للتلاميذ بصورة ثابتة\". \r\n \r\n اما مدير المدرسة, فؤاد الايام, فيصفق براحتيه تصفيقا خفيفا وسريعا, حاثا التلاميذ على الدخول الى الصفوف, قائلا, \"يا الله يا الله, ملحا على اولئك المتمهلين في مدخل المدرسة بالاسراع في مشيتهم وهو يخاف من ان يروي صحافي اي شيء على لسانه, انتقاديا او غيره فهو لا يريد مشاكل, فيندفع التلاميذ داخل الصفوف المكتظة باعدادهم, بينما لا يزال المتأخرون منهم يراوغون في الخارج وهم متجهون الى باب الصف. \r\n \r\n وعلى بعد 15 قدما من البوابة الخارجية للمدرسة, تتبختر سيارة جيب عسكرية باللون الاخضر الداكن, ومن ورائها, يبرز جدار الامن الرمادي, الملتوي قليلاً, فوق الضواحي, حاجزا منظر اشياء كثيرة غيره, وكأن هذه المنطقة زقاق غير نافذ في نهاية العالم. \r\n \r\n \r\n