\r\n \r\n \r\n وفي مقدمة الجهات المنافسة هيئة الإذاعة البريطانية \"بي.بي. سي\"، وهيئات الإذاعة المماثلة التابعة لألمانيا وفرنسا والصين وإيران والمنخرطة كلها في نقل صورة بلادها ووجهات نظرها وثقافاتها عبر الأثير إلى أكبر جمهور ممكن. أما التحدي الثاني فهو أن تقنية الاتصالات دائمة التغير، فعلى رغم أن أجهزة الراديو ذات الموجة القصيرة لا تزال تصل إلى آذان الملايين من البشر، إلا أن هناك زيادة هائلة في استخدام بعض أجهزة الاتصال الأغلى ثمناً مثل التلفزيون والإنترنت، والتي يمكنها أن تصل إلى قطاعات أوسع بما لا يقاس من الجمهور. والتحدي الثالث: أن الإذاعات الحكومية الأميركية تواجه في الوقت الراهن عقبات تمويلية بسبب الضغوط المتزايدة التي تمارسها الحكومة عليها من أجل إعداد برامج جديدة لتوجيهها إلى قطاعات مستجدة وأكثر أهمية من المستمعين في دول ومناطق مثل إيران والشرق الأوسط على سبيل المثال لا الحصر. \r\n قد أجد نفسي في هذا السياق مضطراً للكشف عن بعض ولاءاتي التي أخشى أن تجعل مني معلقاً لا يخلو من تحيزاته الخاصة. يتعين عليًّ مثلاً أن أكشف أنني كنت ولفترة طويلة من الزمن من أشد المعجبين بإذاعة \"صوت أميركا\" التي تعتبر محطة الإذاعة الأولى في قائمة محطات الإذاعة الأميركية الموجهة إلى الخارج. فعندما كنت أعمل مراسلاً خارجياً كانت إذاعة \"صوت أميركا\" بمثابة حبل إنقاذ شخصي لي، حيث كنت أستمد منها الكثير من المعلومات التي أحتاج إليها عندما كنت أعمل في دول تفرض رقابة مشددة على التدفق الحُر للمعلومات. \r\n وبعد ذلك بسنوات قدر لي أن أعمل مديراً ل\"صوت أميركا\" حيث كنتُ أتلقى دائماً بحكم منصبي فيضا من الرسائل المرسلة لي من أشخاص يعيشون في دول خاضعة لأنظمة حكم ديكتاتورية يرجون فيها مني عدم حجب أي معلومات أو أخبار ترد إلى \"صوت أميركا\"، والعمل على أن تبقى هذه الإذاعة غير خاضعة لرقابة الأجهزة المختصة في الولاياتالمتحدة، حتى يستطيعوا معرفة الحقيقة سواء عن أميركا أو عن بلادهم على رغم حقيقة أن استماعهم لتلك الإذاعة كان يعرضهم لبعض المخاطر المتمثلة في ملاحقة الأجهزة الأمنية لهم في بعض الأحيان. \r\n وفي فترة لاحقة عملت رئيساً للجنة رئاسية كانت مكلفة بقياس وتقويم مدى فائدة \"راديو أوروبا الحُرة\"، و\"راديو الحرية\" الموجهتين للمستمعين في روسيا ودول أوروبا الشرقية، بعد أن انتهت الحرب الباردة. وقد قررتُ بعد إجراء البحوث والاستطلاعات اللازمة أن مهمة تينك المحطتين يجب أن تستمر. وفي فترة لاحقة ترأست أيضاً لجنة تابعة للكونجرس وتضم أعضاء من الحزبين الرئيسيين في الولاياتالمتحدة اضطلعت بمسؤولية تدشين \"راديو آسيا الحُرة\". علاوة على ذلك فإنني لابد أن أذكر في هذا السياق أيضاً أن زوجتي كانت موظفة كبيرة في \"راديو مارتي\" وهي إذاعة حكومية أميركية موجهة لكوبا. \r\n بعد أن اعترفتُ بتلك الولاءات والارتباطات السابقة فإنني أعتقد أنه يمكنني الآن أن أخاطب الكونجرس، وأطلب منه أن يكون أكثر جسارة وتجديداً فيما يتعلق بتقرير السياسات التي يجب اتباعها بشأن محطات الإذاعة الحكومية الموجهة إلى الخارج، خصوصاً وأنه يناقش في الوقت الراهن مسألة إقرار الميزانية السنوية لتلك المحطات والبالغة 668 مليون دولار منها 178 مليون دولار لإذاعة \"صوت أميركا\" وحدها. \r\n والحجة التي استند إليها في هذه المطالبة هي أن صورة أميركا تتعرض إلى التشويه في الوقت الراهن على نطاق واسع وخصوصاً في الدول الإسلامية، وأن تصحيح هذه الصورة وتقديم صورة جيدة عن أميركا وعن سياساتها يستلزمان إعطاء أولوية كبرى لهذه الإذاعات خصوصاً، إذا ما عرفنا أن إجمالي المبلغ المطلوب كميزانية إجمالية لها لا يعد شيئاً بالمقارنة مع الإنفاق الهائل على العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان. \r\n ومن الأنشطة المعرضة للإلغاء لدى مناقشة ميزانية الإذاعات الموجهة للخارج برامج تعليم اللغة الإنجليزية (وغيرها من اللغات) في إذاعة \"صوت أميركا\". فهناك مقترحات بإلغاء تلك البرامج وتوفير تكلفتها التي تزيد على 26 مليون دولار من أجل تخصيص هذا المبلغ لبرامج جديدة سيتم توجيهها لإيران والشرق الأوسط. وعلى رغم أن الحجة التي يعتمد عليها الداعون لإلغاء تلك البرامج قد تكون مُقنِعة بسبب الظروف الحالية التي تواجه أميركا، إلا أن الحقيقة هي أن هذه البرامج بالذات لا تزال تلقى إقبالاً كبيراً حتى الآن. \r\n إن الدبلوماسية الشعبية أو العامة، التي دشنتها أميركا من أجل كسب عقول وقلوب الشعوب، والتي تلعب فيها الإذاعة دون أدنى شك دوراً محورياً، تتطلب إذا أريد لها أن تنجح أن تقوم الولاياتالمتحدة حكومة وشعباً بالتواصل مع شعوب الدول الأخرى، سواء الشعوب الصديقة أو تلك التي تقف منها موقفاً مُعادياً، وهو ما لا يمكن أن يستمر بدون تدعيم دور الإذاعات الموجَّهة. لذا فإنني أرى أنه يجب على الكونجرس العمل على عدم تقليص المبالغ المخصصة للإذاعات الموجَّهة، أو إلغاء بعض برامجها التي لا تزال الحاجة إليها قائمة، وألا يسمح بأي حال من الأحول لبعض التنافسات البيروقراطية أن تؤثر على طبيعة المهمة التي افتتحت بها إذاعة \"صوت أميركا\" موجهة إلى ألمانيا النازية عملها عام 1942 والتي تم تلخيصها آنذاك في عبارة بالغة الدلالة وهي: \"قد تكون الأنباء طيبة وقد تكون سيئة، ولكننا في جميع الأحوال سنلتزم بإطلاعكم على الحقيقة\". \r\n \r\n جون هيوز \r\n مساعد وزير الخارجية الأميركي في إدارة ريجان والمدير السابق ل\"صوت أميركا\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n