\r\n كما أن من شأن تجربة كوريا الشمالية أيضاً إعطاء انطلاق لسباق تسلح في آسيا، في ظل الضغوط التي تُمارَس على اليابان وكوريا الجنوبية من أجل بناء أسلحة نووية لأغراض دفاعية. \r\n \r\n غير أن عدداً من المسؤولين الأميركيين الكبار قالوا سراً إنهم يرحبون بتجربة كوريا الشمالية، على اعتبار أنها حدث من شأنه أن ينهي إلى الأبد الجدل داخل إدارة بوش بخصوص ما إن كان ينبغي حل المشكلة عبر الدبلوماسية أو عبر تدابير صارمة تروم فك قبضة زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ إيل بالسلطة. وعليه، يُتوقع أن يعمل المسؤولون الأميركيون على الدفع بعقوبات شديدة بمجلس الأمن الدولي؛ كما يتوقع أن يبحثوا جملة من التدابير أحادية الجانب، ومنها إيقاف كل سفينة تدخل أو تخرج من كوريا الشمالية من أجل تفتيشها. \r\n \r\n عندما أصبح بوش رئيساً للولايات المتحدة عام 2000، كان مفاعل بيونج يانج مجمداً بمقتضى اتفاق 1994 مع الولاياتالمتحدة. وكان مسؤولو إدارة كلينتون يعتقدون أنهم جد قريبين من اتفاق يحد من صواريخ كوريا الشمالية إلى درجة أن بيل كلينتون كان يبحث في الأيام قبل انتهاء ولايته الرئاسية بشكل جدي إمكانية القيام بأول زيارة إلى بيونج يانج بالنسبة لرئيس أميركي. \r\n \r\n غير أن المحافظين لطالما كانوا متشككين من الاتفاق الذي يُجمد برنامج كوريا الشمالية – والمعروف باسم \"اتفاق الإطار المتفق عليه\"- لأنه دعا إلى إنشاء مفاعلين نوويين للماء الخفيف (يساهم في تمويلهما اليابانيون والكوريون الجنوبيون). وعندما قال وزير الخارجية حينها \"كولن باول\" علناً في أوائل عام 2001 إنه يفضل مواصلة مقاربة كلينتون، لم يسلم من انتقادات بوش. \r\n \r\n بعد ذلك وصف بوش كوريا الشمالية بأنها جزء من \"محور الشر\" الذي ضم إيران والعراق إبان حكم صدام حسين، وهو ما زاد من غضب بيونج يانج. ويقول المسؤولون الأميركيون إن بوش كان يكن كراهية كبيرة لكيم ونظامه الديكتاتوري وكثيراً ما كان يستاء من جهود مستشاريه الرامية إلى تخفيف لغته حول \"كيم\". \r\n \r\n انتهت المفاوضات مع كوريا الشمالية بخصوص الصواريخ، ولم تُعقد أي مباحثات بين مسؤولي الولاياتالمتحدة وكوريا الشمالية لسنتين تقريباً. وكان العديد من المسؤولين الأميركيين الكبار عاقدين العزم على قتل \"اتفاق الإطار\"؛ وهكذا أُتيحت لهم فرصة سانحة عندما اكتشفت المخابرات الأميركية أن لكوريا الشمالية برنامجاً سرياً لتخصيب اليورانيوم. \r\n \r\n وقد واجه وفد أميركي بيونج يانج بالبرنامج السري؛ وعمدت الولاياتالمتحدة بسرعة إلى قطع شحنات الوقود الثقيل الموعودة بمقتضى \"اتفاق الإطار\". ورداً على ذلك، قامت كوريا الشمالية بطرد المفتشين الدوليين واستأنفت مفاعلها النووي. كما قامت بيونج يانج بإعادة معالجة 8000 قضبان من الوقود المستنفد من أجل الحصول على البلوتونيوم الضروري للأسلحة النووية. \r\n \r\n من جهة أخرى، سعت إدارة بوش، التي كانت منشغلة بنزاعات داخلية، لتدشين جهود دبلوماسية لمواجهة كوريا الشمالية. وخلافاً لإدارة كلينتون، التي قالت لكوريا الشمالية إنها لن تتردد في مهاجمتها إن هي استأنفت إعادة معالجة البلوتونيوم. ومما يذكر هنا أن إدارة بوش لم ترسم يوماً \"خطوطاً حمراء\" على كوريا الشمالية ألا تتجاوزها. أما مسؤولو إدارة بوش، فقد جادلوا بأن من شأن ذلك ألا يؤدي سوى إلى دفع كوريا الشمالية إلى تجاوز تلك الخطوط. \r\n \r\n وإذا كان كلينتون قد توصل إلى \"اتفاق الإطار\" عبر محادثات ثنائية طويلة، فإن إدارة بوش رأت أن احتمال تنصل كوريا الشمالية من اتفاق مقبل سيكون صغيراً في حال ضم كذلك جيرانَها الإقليميين –أي الصين وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا. غير أن ترتيب الاجتماعات تطلب أشهراً كاملة –في وقت كانت كوريا الشمالية تشدد على رغبتها في عقد محادثات ثنائية مع الولاياتالمتحدة فقط. وعلاوة على ذلك، كان من الصعب تنسيق سياسات مع الأطراف الأخرى؛ فتعثرت المحادثات بعدما واصلت كوريا الشمالية إنشاء مخزونها من البلوتونيوم. \r\n \r\n بعد إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية، أطلقت وزيرة الخارجية الجديدة كندوليزا رايس جهوداً جديدة لإعادة إحياء المحادثات سداسية الأطراف، التي تمخضت العام الماضي عن \"بيان مبادئ\" قُصد به تشكيل إطار للمفاوضات المقبلة، ومنها إمكانية تقديم مساعدات اقتصادية كبيرة، وضمانات أمنية، وتطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدة في حال قامت كوريا الشمالية بتفكيك برامجها النووية. كما أشار البيان أيضاً إلى إمكانية أن تحصل كوريا الشمالية يوماً ما على مفاعلات الماء الخفيف، مثلما جاء في اتفاق كلينتون. \r\n \r\n غير أن الإدارة الأميركية أصدرت بياناً تقول فيه إن مشروع المفاعل توقف رسمياً -وإنه يتعين على كوريا الشمالية تجاوز عدة عراقيل قبل أن تتمكن من تخيل امتلاك مفاعل نووي مدني. ومن جهة أخرى، ركزت وزارة الخزينة على أنشطة التزوير السرية التي تقوم بها كوريا الشمالية، حيث استهدفت بنكاً في \"ماكاو\"، يحمل الحسابات الشخصية ل\"كيم\" وعائلته. كما بدأت بنوك عديدة عبر العالم ترفض التعامل مع شركات كوريا الشمالية، وهو ما زاد من غضب بيونج يانج. \r\n \r\n وعليه، فمع نهاية مسار المحادثات الذي يسجل قدوم العقوبات المحتمل، يُنتظر أن يختبر عملُ بيونج يانج اقتراحَ مسؤولي إدارة بوش الذين جادلوا بأن مقاربة المواجهة ستنجح في تركيع كوريا الشمالية. \r\n \r\n \r\n غلين كيسلر \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"الواشنطن بوست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n