\r\n \r\n \r\n \r\n فبعد أربعة أشهر على توقيع ما وصف باتفاق السلام التاريخي بالعاصمة النيجيرية أبوجا، تشن القوات الحكومية غاراتها الجوية على القرى وتنفذ هجوماً برياً، وهو ما أرغم المتمردين على التقهقر، وأجبر في الوقت نفسه عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح إلى مخيمات ضاقت بسكانها الأوائل. وفي غضون ذلك، هددت الحكومة قوة الاتحاد الأفريقي المكلفة بالمراقبة، والمكونة من 7000 رجل، بالطرد، والتي يرتقب أن تنتهي مهمتها في دارفور بنهاية الشهر الجاري. كما قامت العديد من المنظمات الإنسانية بتقليص أنشطتها هناك بسبب الأخطار التي يشكلها الاقتتال الجديد هناك. \r\n \r\n ويرى مراقبون دوليون أن التقدم الجديد للقوات الحكومية وحالة عدم اليقين التي تلف جهود حفظ السلام قد تنتج تحولا جوهريا في الاقتتال بدارفور، حيث حصدت الأمراض وأعمال العنف أرواح ما لا يقل عن 450000 شخص وشردت نحو مليونين. إذ تقول منظمات الغوث الدولية إن الإصابات المدنية وعمليات النهب انتشرت على نحو أكبر في الأسابيع الأخيرة؛ حيث تدفق عشرات الآلاف من سكان دارفور على المخيمات، مصوتين بذلك باقدامهم ضد اتفاق سلام يعتبره الكثيرون هناك حافلاً بالعيوب. \r\n \r\n وقال زعيم المتمردين أبو بكر حامد نور متحدثاً بالهاتف من شمال دارفور، التي شكلت مركز الاقتتال الأخير، \"ليس ثمة أي سلام على الإطلاق، بل مرحلة جديدة من الفظاعات. إن ما قاموا به في أبوجا ليس سلاماً دائماً\". \r\n \r\n ويقول زعماء المتمردين إنهم ينفذون هجمات مضادة عندما يكون ذلك ممكناً، غير أنهم اعترفوا أنهم باتوا يفقدون المزيد من الأراضي عوض مواجهة الآلاف من الجنود الحكوميين المدججين بالأسلحة الثقيلة والذين حلوا محل الميليشيات غير النظامية التي كانت تقاتل بالوكالة في معظم مراحل النزاع. كما أن بعض المتمردين السابقين باتوا يحاربون اليوم إلى جانب الحكومة والميليشيات، وهو ما يمنح القوات المتضافرة قوة نارية غير مسبوقة إلى جانب معرفة دقيقة ومفصلة بتضاريس المنطقة. \r\n \r\n ويرى محللون أن الهجوم الحكومي الأخير ترك القوات المناوئة للحكومة في وضع هش، ولاسيما في وقت قلت فيه إمدادات الوقود والمؤونة من تشاد المجاورة. وفي هذا الإطار، يقول تيد دين، المحلل المتخصص في الشؤون الأفريقية بواشنطن، \"الواقع أنهم قد يتعرضون للهزيمة عسكرياً هذه المرة\"، وأضاف \"إن ميزان القوة سيصبح لصالح الحكومة التي تسعى إلى تغير الواقع على الأرض لجعل نشر مسألة قوة دولية أمراً غير مناسب\". \r\n \r\n ومما يذكر أن مجموعة واحدة فقط من المجموعات المتمردة الثلاث هي التي وقعت اتفاق السلام في مايو الماضي، في حين عقدت المجموعتان اللتان تعهدتا بمواصلة القتال حلفا ضد الحكومة. أما المجموعة التي وقعت الاتفاق، والتي يقودها ميني ميناوي، فقد انقسمت على نفسها وتفرق أعضاؤها؛ حيث بات بعضهم يقاتل باسم الحكومة في حين اختار آخرون القتال ضدها. أما ميناوي، فقد انضم إلى حكومة البشير وعُين مسؤولاً كبيراً. \r\n \r\n والواقع أن الانشقاق الذي أصاب المجموعات المتمردة كان كبيراً ومعقداً إلى درجة أن أقرب المراقبين للنزاع يقولون إنه لم يعد من الممكن معرفة أي جهة تسيطر ميدانياً في إقليم شاسع من حجم ولاية تكساس الأميركية. \r\n \r\n ويقول الكولونيل فيرديناند إيز، المستشار العسكري لقائد بعثة الاتحاد الإفريقي إلى السودان، إن مدن دارفور جميعها خاضعة لسيطرة الحكومة التي عززت قواتها هناك بآلاف الجنود الجدد في الأشهر الأخيرة. كما أن القوات الحكومة تستطيع استعمال طائرات الهيلوكبتر العسكرية، وعدد متزايد من الشاحنات العسكرية، والأسلحة الثقيلة، وطائرات أنتينوف روسية الصنع التي تستعملها في تنفيذ غارات جوية. \r\n \r\n الهجوم الذي تشنه الحكومة، والذي بدأ في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، يمثل أطول قتال وأكثره تنسيقاً في دارفور خلال العام الماضي. وبالمقابل، يتوفر المتمردون على أسلحة ثقيلة وقدرة كبيرة على التحرك والتنقل بسرعة في منطقة مترامية الأطراف، مضيفا \"إنهم قادرون على القتال. ولكن ما لا يستطيع المرءُ الجزم به هو الى كم من الوقت\". \r\n \r\n وقد اتهمت الولاياتالمتحدة الحكومة السودانية بارتكاب حرب إبادة لما يقال عن دورها في دعم الميليشيات المسلحة التي أرعبت القرى والبلدات في المنطقة. كما تبحث المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب مفترضة في النزاع. وأمام تزايد الضغوط الدولية، أصبح المسؤولون السودانيون أكثر ميلاً إلى التصعيد، رافضين الموافقة على بعثة لحفظ السلام إلى دارفور، ومهددين بمهاجمة الجنود الأممين الذين يتم نشرهم هناك. \r\n \r\n كريغ تيمبورغ \r\n \r\n \r\n مراسل \"واشنطن بوست\" في الخرطوم \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n