\r\n بيد أن الموافقة على هذه الخطوة لا تزال تواجه احتمالات وتحفظات عديدة داخل حلف \"الناتو\", الذي يبدي مخاوف من أن يؤدي انشغاله بجبهة جديدة في دارفور, إلى الانصراف عن مهامه التي بدأها في أفغانستان منذ عدة سنوات خلت. وحتى في حال المصادقة عليها داخل الحلف, فإن مداها لن يصل مطلقاً إلى ما دعا إليه البعض وتوقع حدوثه, مثل إرسال قوات برية تابعة للحلف إلى الإقليم, أو تنظيم دوريات وطلعات جوية مهمتها حماية قوات حفظ السلام المرابطة هناك, فضلاً عن حماية مواطني الإقليم أنفسهم من عمليات القصف الجوي التي تستهدف حياتهم وقراهم. وعلى حد تصريح أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية, فقد جرى استبعاد هذه الخيارات الأخيرة في الوقت الحالي, بعد أن وصفت بأنها ليست ضرورية في هذه المرحلة. وعلى العموم فإن من رأي مسؤولي الإدارة أن الهدف الرئيسي من هذه المبادرة, هو التصدي للنقائص ومظاهر الضعف الملازمة لأداء قوات حفظ السلام الإفريقية, دون تهميش دورها أو إثارة مشاعر الغضب الشعبي في إقليم شديد الحساسية, ضد أي وجود لقوات غربية في أراضيه. \r\n \r\n وحتى هذه اللحظة, فإن الخطط الأميركية الجارية في هذا الاتجاه, ترمي لإرسال أقل من 500 مستشار من حلف \"الناتو\". والفكرة هي أن يتم إلحاقهم بوحدات القيادة العامة للقوات الإفريقية, وأن يقدموا مساعداتهم في المهام اللوجستية والاتصالات والاستخبارات, وكذلك في مهام القيادة والتحكم, دون المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية نفسها. وأضاف المسؤولون أنه سيتم تحديد عدد المستشارين الأميركيين لاحقاً في إطار إكمال الخطة وبلورتها. وتحدث مسؤول أميركي –رفض ذكر اسمه نظراً لحساسية الخطة نفسها- قائلاً إنها تستهدف دعم عمليات حفظ السلام التي يتولاها الاتحاد الإفريقي, وليس الحلول محل الاتحاد. كما أوضح أن هذا النشر المتوقع لمستشاري \"الناتو\", إنما قصد منه أن يكون إجراءًَ مؤقتاً إلى حين التمكن من إرسال قوة دولية أكبر, وذات تفويض أوسع من التفويض الحالي الذي تتمتع به قوات الاتحاد الإفريقي, إلى الإقليم. \r\n \r\n وعلى الرغم من أن التفاوض الدولي حول إرسال قوة كهذه قد بدأ منذ عدة أشهر, فإنه يواجه مصاعب جمة, ناتجة عن تصاعد رفض الحكومة السودانية لأي وجود عسكري للأمم المتحدة في أراضيها, علاوة على عدم توصل الأطراف المتنازعة في الإقليم لاتفاق سلام فيما بينها بعد. على أن ذلك لم يمنع مسؤولي الأممالمتحدة من التحذير من درجة خطورة الأوضاع في الإقليم. تأكيداً لذلك قال هدي عنابي -وهو مسؤول أممي رفيع المستوى في مجال حفظ السلام- إن شهر أبريل الجاري, يشهد تصعيداً جديداً للمواجهات ولموجة العنف في الإقليم. ورد ذلك خلال اجتماع تنويري مغلق لمجلس الأمن الدولي, عقد يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي. \r\n \r\n ومن جانبه كان الأمين العام للأمم المتحدة, كوفي عنان, قد ناشد حلف \"الناتو\" في شهر مارس الماضي, بتعزيز دور قوات الاتحاد الأفريقي الرامي للسيطرة على الجماعات المسلحة, وضمان سلامة مواطني الإقليم المدنيين. إلى ذلك تعكف اللجنة العسكرية للناتو الآن, على إعداد مسودة خطة بهذا الخصوص, يتوقع عرضها على الهيئات السياسية للحلف بنهاية الشهر الجاري. أما الرئيس بوش, فكان قد أعلن عن تشكيل لجنة جديدة للتصدي لأزمة دارفور قبل نحو شهرين, مردفاً ذلك الإعلان, بدعوة منه لإرسال قوة دولية معتبرة, إلى جانب توسيع مهام ودور حلف \"الناتو\" هناك. ومن رأي بعض مسؤولي إدارة بوش, أن الإعلان المنسوب للرئيس بوش بتاريخ السابع عشر من شهر فبراير الماضي, إنما كان مرده إلى شعوره بالإحباط والسأم, من عجز الحكومة السودانية والمجموعات المتمردة في الإقليم, عن التوصل لاتفاق سلمي فيما بينهما. \r\n \r\n هذا ويعود تاريخ النزاع الأخير إلى عام 2003, حين حملت مجموعات متمردة السلاح في وجه الحكومة السودانية, متهمة إياها بممارسة التمييز ضد المجموعات الأفريقية السوداء في الإقليم. ورداً منها على ذلك التمرد المسلح, شنت القوات الحكومية حملات قصف جوي لقرى الإقليم, بهدف إرغام المتمردين على مغادرتها, إلى جانب ما نسب إليها من تأليب وتسليح لمليشيات الجنجويد العربية, ضد قرى المجموعات القبلية السوداء, وحرق بيوتها ونهبها وسلبها. وتشير التقديرات إلى مصرع ما يتراوح ما بين 100 إلى 400 ألف مواطن من مواطني الإقليم, جراء العنف والهجمات والمواجهات المسلحة, بينما بلغ عدد النازحين والفارين من جحيم تلك الأحداث, ما يزيد على مليوني مواطن, وفقاً لتصريحات مسؤولي الأممالمتحدة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. \r\n \r\n إلى ذلك أعرب جوان مينديز مستشار الأممالمتحدة الخاص لدرء التطهير العرقي, عن شعوره بخيبة الأمل جراء ما وصفه الأسبوع الماضي, بفشل القوى العظمى الدولية عن القيام بما يكفي, للجم العنف ووقفه في الإقليم. ومضى المتحدث قائلاً إن المجتمع الدولي اكتفى خلال العامين الماضيين, باتخاذ أنصاف الحلول والخطوات, التي لم تكن كافية لوضع حد للعنف من ناحية, إلى جانب بروز بعض المؤشرات التي تشير إلى احتمال انفراط عقدها وإرادتها من الناحية الأخرى. أما قوات الاتحاد الأفريقي التي جرى إرسالها للإقليم في عام 2004, فتعد مشاركتها بمثابة أول اختبار من نوعه لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد. وعلى الرغم من نمو وزيادة هذه القوات إلى ما يصل إلى نحو 6 آلاف جندي, فإنها تظل غير كافية للقيام بكافة المهام التي يتطلبها إقليم تساوي مساحته, مساحة ولاية تكساس الشاسعة تقريباً. ليس ذلك فحسب, بل لقد كشفت ثلاث مراجعات دولية مختلفة لأداء هذه القوات, عن نقاط ضعف وعيوب رئيسية في قدرة تلك القوات, على إدارة مواردها وتنظيم عملياتها على النحو المطلوب. \r\n \r\n وتعليقاً منه على تصاعد المعارضة التي تبديها حكومة الخرطوم لأي دور للأمم المتحدة في الإقليم -بما في ذلك منعها جان إيجلاند– أحد كبار مسؤولي المساعدات الإنسانية بالأممالمتحدة -من زيارة دارفور الأسبوع الماضي, قال جون بريندرجاست, رئيس القسم الإفريقي بمجموعة الأزمات الدولية, إن حكومة الخرطوم تخشى من أن تستخدم القوات الدولية في الإقليم, لاعتقال عدد من كبار مسؤوليها الذين يخضعون للتحقيقات الآن أمام محكمة الجزاء الدولية, بسبب الاتهامات المنسوبة إليهم, بإصدار الأوامر بارتكاب الفظائع التي شهدها الإقليم. ولذلك فهي لا تريد وجود أي قوات مؤهلة حقاً, خشية من تحولها إلى \"حصان طروادة\", ينتهي إلى تقديم عدد من كبار قادتها ومسؤوليها إلى محاكمات دولية, لها صلة بارتكاب جرائم حرب, وجرائم ضد الإنسانية. \r\n \r\n كولن لينش \r\n \r\n مراسل \"واشنطن بوست\" في مقر الأممالمتحدة بنيويورك \r\n \r\n برادلي جراهام \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"واشنطن بوست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n