\r\n يشير خبراء الاقتصاد إلى أن العالم سيصبح أغنى إذا قامت كل دولة ببيع السلع والخدمات التي تتمتع بميزة إنتاجها أرخص من غيرها. بيد أن تلك الحقيقة تخفي أكثر مما تكشف. فبالنسبة للدول الفقيرة كان مفهوم «أرخص» يعني استخدام العمال الأقل أجوراً، وبالنسبة للدول الغنية كان استخدام العمليات الأكثر فعالية. ومع وجود التقنية المتقدمة المتاحة للجميع بصورة متزايدة فإن دمج العمال الأقل أجوراً والتقنية المتقدمة يغزو العديد من الصناعات. \r\n \r\n ردود الفعل المتعلقة بالطبيعة والسياسة على الجانبين الثريين للمحيط الأطلسي اتخذت أشكالاً عديدة مسببةً بذلك مشكلات مختلفة. وفي المجتمع الأميركي الذي درج على المخاطرة فإن البراعة في إدارة المشاريع احتفظت بميزة نسبية في مجالات مثل تقنية المعلومات والتقنية البيولوجية و الترفيه و التمويل المتقدم. وأصبحت العوائد كبيرة جدا بالنسبةً لأصحاب المشاريع والمدراء. \r\n \r\n ظلت فرص التوظيف عالية وذلك لأن التقنيات الجديدة أتاحت الكثير من الوظائف وخصوصاً في مجالات دعم مؤسسات العمل والخدمات الشخصية. ولكن العديد من هذه الوظائف رواتبها أقل من رواتب العمل في الصناعة. فالتكاليف بالنسبة للولايات المتحدة متمثلة في الافتقار للأمن و المساواة، و هو الوضع الذي فاقمه تدهور البنية التحتية العضوية و الاجتماعية. \r\n \r\n في معظم دول أوروبا استخدم «مجتمع الأمان» أنظمة وبرامج باهظة الثمن وضرائب عالية للإبقاء على الخدمات، والترفيه والمساواة إضافةً إلى الأمان. وقد تمثل ثمن ذلك في تراخي النمو و البطالة العالية (ولكن الكثير من العاطلين عن العمل ظلوا في وضع مريح). \r\n \r\n لا يمكن الإبقاء على أي من النمو الأميركي أو الراحة الأوروبية عند المستويات الراهنة في مواجهة العولمة. فبالنسبة إلى أوروبا يجب أن يكون هذا واضحا، فالنمو المتراخي الذي يتفاقم سنويا سيتركز وراء الولاياتالمتحدة وفي نهاية المطاف وراء جانب كبير من آسيا، إلى أن تصبح أوروبا الغربية أقرب إلى فينيسيا جذابة بشكل كبير وذلك بدعم من السياحة. \r\n \r\n غير أن أميركا تواجه خطرا مماثلا. استناداً إلى رئيس مجلس إدارة بنك الاحتياط الفيدرالي بن بيرنانكي « يقوم مجتمعنا على الفرص، ويقوم على المرونة من حيث أسواق العمالة وأسواق المنتجات، ويقوم على التجارة الحرة و النزيهة. وكل هذه الأمور ستصبح في خطر في حال شعر عدد متزايد من السكان بأنهم لا يحصلون على نصيبهم من فوائد هذه التغيرات». \r\n \r\n ما الذي يمكننا فعله لضمان أن العولمة لن تؤدي إلى انهيار إجتماعي في أميركا وانهيار اقتصادي في أوروبا؟ الجواب عن هذا السؤال يقع في اتجاهات متعارضة.إن وصفات العلاج الأميركية الحالية تركز على تحسين التدريب و التعليم من دون إجماع على ذلك، ولكن يفضل ألا تكون هناك زيادة في الإنفاق. \r\n \r\n قد تكون هذه الأمور مفيدة، ولكن يجب أن يتم دعمها بشكل أكثر كثافة بواسطة تجديد برامج الحماية للذين تخلفوا عن غيرهم، وإعادة بناء البنية التحتية الطبيعية والاجتماعية. وعلى الأميركيين التوقف عن خداع أنفسهم فهذا كله سيتطلب ضرائب أعلى. كل هذه الأمور ليست جديدة، \r\n \r\n \r\n ولكن هناك عنصرا واحدا يندر ذكره حتى من قبل علماء الاقتصاد المنفتحين وهو انبعاث حركة العمل الأميركية. قامت النقابات ببناء الطبقات الوسطى الأميركية في اقتصاد يركز بشكل متزايد على المتميزين الذين يشترون مؤسسات العمل والخدمات الشخصية من الجميع، إن الخدمات والنقابات ذات الصلة - التي تعتبر وظائفها غير قابلة للتصدير مثل وظائف النقابات الصناعية القديمة- يجب أن تحصل على نصيب أكبر من هذه الكعكة. \r\n \r\n بعكس ذلك، ففي أوروبا التي على الرغم من أن جذور المشكلة فيها تقع في الرغبة في إبقاء الأمور على ما هي عليها، فإن مقاومة النقابات لكل هذه التغيرات تجعل الأمور أكثر سوءاً. وإزاء هذه العولمة الراهنة يجب المبادرة بالقيام بشيء. و لو أن النقابات و المؤسسات المناظرة التي تمثل الزراعة و المشغلين قامت بإعطاء أولوية لما تراه الأقرب اليها في مواجهة التضحيات الأكثر سهولة فإن النتيجة قد تكون تدريجية و مخططة وفقا للعرف الأوروبي و ليست انطلاقا نحو حافة الهاوية على نحو يبدو ما ان الوضع عليه في فرنسا و غيرها من دول القارة. \r\n \r\n \r\n عن: «انترناشيونال هيرالد تربيون» \r\n \r\n