\r\n \r\n وحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية, نجحت ايران في تضليل مفتشي الوكالة تدريجياً, ومنعتهم من الوصول الى المواقع الحساسة باستمرار, ورفضت بشدة الاجابة على اسئلة تتعلق بالروابط المشكوك فيها بين البرنامج النووي المدني والعسكري لايران. \r\n \r\n وبينما تنفي ايران قيامها بأية محاولة سرية لانتاج اسلحة نووية, فمن الواضح انها تستند الى لعبة بلد قام بالشيء نفسه, وهو كوريا الشمالية. وحتى الان, تمادت ايران, وربما بالغت, في التفاخر بجبروتها النووي, وذلك بغاية اقناع الغرب بأن برنامجها متعذر ايقافه. \r\n \r\n وقد وصف غلام رضا اغازاده, رئيس منظمة الطاقة الذرية, وغيره من المسؤولين الايرانيين, وصفوا برنامجهم النووي بأنه »لا رجعة عنه«, وقالوا ان على الولاياتالمتحدة ان تقبل ذلك بكل بساطة, تماما مثلما هي تقبل الان بأن الباكستان والهند لن تتخليا عن التكنولوجيا النووية. وقال الرئيس الايراني الناري, محمود احمدي نجاد ان التخلي عن التخصيب »هو خطنا الاحمر, ولن نتجاوزه ابداً«. \r\n \r\n اما في واشنطن, فقد اتخذ كبار المسؤولين في ادارة الرئيس بوش موقف المعارضة في اقصى الجهة الاخرى. فحسب كلمات روبرت جوزيف, كبير المسؤولين عن انتشار الاسلحة في وزارة الخارجية, فان الادارة مصممة على ضمان عدم وجود »طارد مركزي واحد« في ايران. \r\n \r\n وفي مقابلات اجريت معهم مؤخراً, وصف هؤلاء المسؤولون خطة لتحويل »مطالب« مجلس الامن الدولي, بأن توقف ايران تخصيب اليورانيوم, الى مطالب تفرض بالقوة. ومع هذا, فان ما ثبط عزيمة الصينيين والروس وبعض الاوروبيين, اصرار الادارة على النظر على ايران وفقاً »للمادة 7« من ميثاق الاممالمتحدة, التي تجيز استخدام العقوبات. فان لم يكن ذلك ملائماً, فالبقوة العسكرية. \r\n \r\n ليس هذا بالامر التنازعي بين الدول النووية بعد - اذ لا يعتقد بأن ايران تمتلك سلاحاً نووياً وتذهب تقديرات اجهزة المخابرات الى ان ايران تبعد عن ذلك خمس الى عشر سنوات, مفترضة عدم وجود محاولات سرية لم يتحقق منها احد. \r\n \r\n وعوضاً عن ذلك, هناك محاولة من الولاياتالمتحدة, ومن بعض الدول الاخرى, لاعادة صياغة الاحكام النووية بطريقة حديثة. اذ تريد هذه الدول ان تعلن بأنه حتى لو كان حق ايران مشروعاً تماماً, وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي, في تخصيب اليورانيوم لاغراض مدنية, فانه لا يمكن الثقة بالرئيس احمدي نجاد لان يقوم بذلك فهو بخداعه للوكالة النووية عن نشاطات ايران النووية, يقول الرئيس بوش, والمسؤولون البريطانيون والفرنسيون والالمان, بأن ايران تخلت عن كل الحقوق التي تمنحها اياها المعاهدة. كما اعترف الرئيس بوش كذلك بأن مصداقية الولاياتالمتحدة قد تضررت كثيراً من اخطاء الاجهزة المخابراتية حول العراق, وحاول التخفيف من مشاعر القلق حيال سيره على الطريق نفسها التي استخدمها لاضفاء الصفة القانونية على الغزو الذي شنه قبل 37 شهراً, فقال للصحافيين »هناك فرق بين البلدين«, بينما يساور القلق حلفاءه الاوروبيين بشأن اوجه الشبه في الاستراتيجية الامريكية. \r\n \r\n ولاول مرة, تعلن الادارة على الملأ, تماما مثلما فعلت في العراق, بأنه اذا اخفق مجلس الامن في القيام بعمل, فان الرئيس بوش سيعمل على دفع »الدول ذات التفكير المماثل« للبدء بفرض العقوبات. وقال, في هذا الخصوص, نيكولاس بيرنز, الذي يوجه المباحثات الدبلوماسية نيابة عن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس, »اننا لن نسلم حالياً ولا في المستقبل بالامر بأن تصبح ايران دولة ذات اسلحة نووية« وشدد بيرنز على ان ايران تخطىء ان هي اعتقدت بأن ادارة الرئيس بوش ستسمح لنشاطها النووي بالاستمرار ابداً - وهو ما حدث في كوريا الشمالية على مدى السنوات الثلاث الماضية, بينما شارفت المفاوضات على الانهيار. وقال بيرنز ايضاً »يتمثل الفرق بين الوضعين في ان ايران تقع في اكثر مناطق العالم تفجراً, وحيث تشكل ايران فيها البنك المركزي الرئيسي للاعمال الارهابية. اما الامر الذي لا تستطيع الاعتماد عليه, فهو توافر مجتمع دولي منقسم ومطواع«. ولم تؤد هذه الاستراتيجيات الا الى تصليب موقف الطرف الاخر. \r\n \r\n لقد اخفقت حتى الان محاولة قعقعة السلاح العارضة لواشنطن - من التصريحات الغامضة للرئيس بأن »جميع الخيارات« مطروحة على الطاولة اذا فشلت المساعي الدبلوماسية, الى النقاش العام المتصاعد حول اذا كان هو ام الاسرائيليون سيختار القيام بالضربة العسكرية. \r\n \r\n اما الايرانيون فردوا على ذلك بتهديداتهم الخاصة بهم, مدركين بانه حتى شبح المواجهة يربك اسواق النفط, ويرفع الاسعار الى مستويات جديدة, ويثري ايران, ويزيد من الآم الرئيس بوش والمستهلكين الامريكيين. ولعل الايرانيين هم ايضاً بالغوا في قوتهم وتأثيرهم. ففي حين يتمسكون بأن انشطتهم الحالية تقع ضمن احكام المعاهدة, فانهم ينكرون ما توصلت اليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية, بأن طهران اخفت عنها بعض انشطتها على مدى عقدين من الزمن, بل ان التقرير الاخير للوكالة يتهم ايران بالاستمرار في اخفاء بعض المعلومات. \r\n \r\n على ان هذا النزاع يدور حول ما هو اكثر من الشفافية, انه يدور حول كبرياء ايران وتمسكها بالاكتفاء الذاتي والاستقلال. ولعل هذا يساعد في تفسير الاسباب التي جعلت ايران تحتفل بالتخصيب بالراقصين بالثياب التقليدية, الذين غطوا شاشات التلفزيون الوطني وهم يمسكون بعلبة صغيرة, قيل انها تحتوي على ثمار جهودهم النووية. \r\n \r\n واكد تقرير المفتشين على ان ايران نجحت في تخصيب اليورانيوم على مستوى متدن, ولكنها ستقوم بالمزيد من هذه العملية على نحو هام وبارز, وبالمزيد من المعدات وحل المشاكل لانتاج وقود القنبلة, كما ان صناعة رأس حربية سيستغرق وقتاً اطول, ومخاطرة التحدي. \r\n \r\n في وقت سابق من هذا العام, قال غاري سامور, الذي اشرف على جهود حظر انتشار الاسلحة النووية في عهد الرئيس كلينتون, ويواصل بحوثه الان عن البرنامج الايراني, »ان الصراع الحقيقي لا يكمن فيما اذا كانوا يملكون سلاحاً نووياً, بل حول فيما اذا كانوا قادرين على خلق خيار سلاح نووي. وهذه هي لعبة الدخان والمرآة التي تقنع الجميع بأن لديهم هذه القدرة«. \r\n \r\n هذا هو اشد ما يقلق كبار المسؤولين داخل ادارة الرئيس بوش. ويلاحظ بعض المسؤولين المتعاملين بالاستراتيجية النووية, بأن هناك تخمينا واسع الانتشار الآن, بامتلاك كوريا الشمالية الى ما يصل الى 10 اسلحة نووية - هذا على الرغم من ان الكوريين الشماليين لم يجروا ابداً اية تجربة نووية. وفي هذا الصدد, قال احد كبار المسؤولين, الذي رفض ان ينسب اليه حديث خاص بقضية الاستراتيجية النووية, »اننا نعتقد بأن الايرانيين نظروا الى الكوريين وتعلموا درساً«. \r\n \r\n ان التقرب من هذه القضية مختلف كثيراً عن ذلك الاسلوب الذي اتبعه الروس اواخر الاربعينيات, او الصينيون اوائل الستينيات, او الهنود والباكستانيون اواخر التسعينيات, حيث جميعهم اجروا تفجيرات نووية كي يبرهنوا على قدراتهم. ومع الاخذ بالاعتبار لمحدودية حرية وصول واقتراب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية, يقول مسؤولون في واشنطن و ينا بأنه ما من وسيلة للتحقق من مزاعم ايران او دحضها ولهذا, اتخذ الرئيس بوش الموقف بأن على ايران التخلي عن كل شيء. مضيفاً بأنه »لا يجوز للايرانيين ان يمتلكوا سلاحاً نووياً, ولا القدرة على انتاجه, ولا معرفة كيف يصنع هذا السلاح«. \r\n \r\n اما الروس والصينيون فينظرون الى ذلك بأنه غير واقعي, اذ قال احد المسؤولين الروس الكبار, انه آن الوقت »للانفراج« مع ايران, وهو مصطلح مستل من الحرب الباردة. \r\n \r\n وفي ينا, اوضح محمد البرادعي, المدير العام للوكالة الذرية, في احاديث له اجراها مع دبلوماسيين, بأنه يعتقد بأن البراغماتية ستملي في النهاية بأن يسمح لايران بشكل محدود من التخصيب, وتحت الرقابة الدائمة من وكالته. \r\n \r\n ومع ذلك, هناك خوف في واشنطن و ينا بأن الوكالة لا ترى الا جزءاً من البرنامج, وان الاجوبة التهربية عن اسئلتها تخفي الانشطة السرية في مكان ما من الصحراء. واذ تقيد طهران عمليات التفتيش الدولية, فستصعب معرفة فيما اذا كان برنامجها يشبه كثيراً البرنامج الفعلي في الباكستان, التي باع علماؤها التكنولوجيا لايران, او تشبه السراب النووي في العراق, اما الولاياتالمتحدة فترفض العرض بالتفتيش. \r\n