وفي الحلقة الأخيرة قام الإرهابيون بإخفاء 17 علبة من هذا الغاز في منشأة لتوزيع الغاز الطبيعي تقع في وسط مدينة لوس أنجلوس، ضمن خطة تهدف إلى قتل الآلاف من المواطنين الأميركيين، ما لم يتمكن بطل المسلسل وهو العميل الخاص \"جاك بوير\"، الذي يؤدي دوره الممثل (كايفر سازرلاند\" من إحباط المؤامرة في الوقت المناسب. \r\n وباستثناء بعض الانتقادات التقنية القليلة التي يمكن توجيهها إلى المسلسل، ومنها على سبيل المثال أن غاز الأعصاب في الولاياتالمتحدة لا يتم تخزينه في علب معدنية مكيفة الضغط ومغلقة بأقفال مشفرة وإنما في صواريخ، وقنابل، وقذائف مدفعية، فإنه يمكن القول بشكل عام إن المسلسل مقبول ومقنع كما يحظى موضوعه بالمصداقية خصوصا بعدما أعلن أسامة بن لادن عن نية تنظيم \"القاعدة\" الحصول على أسلحة دمار شامل، وحقيقة أن العناصر الكيماوية ستكون هي الأسهل منالاً واستخداماً مقارنة بباقي الأسلحة (النووية والبيولوجية). \r\n مع ذلك يمكن القول إن حبكة مسلسل\"24\" مضللة، على الأقل في جانب مهم وهو ذلك المتعلق بمصدر الأسلحة الكيماوية. فالسيناريو جعل الإرهابيين يسرقون علب غاز الأعصاب التي كانت قد أنتجت سرا للقوات المسلحة الأميركية وتم تخزينها في أحد ملاجئ الطائرات في حين أن المعروف هو أنه ومنذ الحادي عشر من سبتمبر، تحتفظ السلطات العسكرية الأميركية المختصة بمخزونات فترة الحرب الباردة من الصواريخ الكيماوية، والقنابل والقذائف التي تنتظر التدمير، في سبع مستودعات عسكرية موزعة في مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة ومؤمنة جيداً في معظم الأحوال من خلال وضعها في ملاجئ خرسانية مبنية تحت الأرض ومحمية بشكل صارم الأمر الذي يجعل من سرقتها احتمالاً صعب التحقيق. \r\n المواد والأسلحة الكيماوية المعرضة لخطر السرقة بشكل أكبر هي تلك الموجودة في مستودعات في روسيا، وهي الدولة التي يوجد لديها أكبر مخزون للأسلحة الكيماوية في العالم حيث يقدر هذا المخزون ب400 ألف طن متري من هذه المواد. علاوة على ذلك فإن روسيا تتأخر بفترة كبيرة عن الجدول الزمني الموضوع للتخلص من تلك الأسلحة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيماوية التي وقعتها الولاياتالمتحدةوروسيا وقامتا بالمصادقة عليها. \r\n ويذكر في هذا السياق أن كلا من الولاياتالمتحدة، وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي قد قامت بتخصيص 2 مليار دولار تقريبا لمساعدة روسيا على تدمير أسلحتها الكيماوية، ولكن البرنامج عانى من التأخير لأسباب عديدة. وعلى الرغم من أن الحكومة الروسية تزعم أن جميع الأسلحة الكيماوية الموجودة لديها سيتم التخلص منها قبل حلول عام 2012 فإن بعض المراقبين يعتبرون هذا التاريخ غير واقعي. \r\n حتى الآن لم يتم سوى تدمير كمية صغيرة للغاية لا تتجاوز 1.143 طنا متريا من الغازات المسببة للتقيحات الجلدية مثل غازي ليويسايت Lewisite والخردل، بالإضافة إلى قيام الحكومة الروسية بإنشاء وحدة أخرى للتخلص من العناصر الكيماوية المسببة للتقيحات في مدينة \"كامباراكا\" وهي وحدة بدأت عملياتها بالفعل. \r\n وهناك موقعان آخران للتخزين في مدينة\" شوشوشايا\" المتاخمة للحدود مع كازاخستان ومدينة \"كيازنر\" التي تقع على بعد 650 ميلا شرق موسكو وهما موقعان يحتويان على الملايين من مواد الذخيرة المعبأة بغازات الأعصاب التي لن يتم البدء في تدميرها قبل ديسمبر2008 على أقرب تقدير. \r\n وبحسب السيناتور الجمهوري \"ريتشارد لوجار\"، ممثل ولاية \"إنديانا\" في مجلس الشيوخ الأميركي، فإن بعض قذائف المدفعية المخزنة في \"شوشوشايا\" صغيرة للغاية لدرجة أنه يمكن تهريبها في حقائب سفر بسهولة تامة. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة قد أنفقت 2 مليون دولار على تعزيز الإجراءات الأمنية في الموقعين، فإنها لم تجر أي متابعة روتينية كما لم تقم بأي عملية تفتيش للتأكد من أن الموقعين لا يزالان آمنين. \r\n ويمثل الأمن غير الكافي مشكلة دائمة في باقي مستودعات الأسلحة الكيماوية الموجودة في روسيا، والتي تحتوي على قرابة 28 ألف قطعة ذخيرة معبأة بالغازات المسببة لتقيحات جلدية تؤدي إلى الموت، وكذلك غازات الأعصاب والمخزنة في مستودعات متداعية موضوعة فوق سطح الأرض ومحاطة بأسلاك صدئة. وهذه الأسلحة يمكن أن تعتبر صيداً ثميناً للعصابات الإجرامية ناهيك بالطبع عن الجماعات الإرهابية. \r\n ورغم هذه الشواهد فإن السلطات الروسية تقول إنها عالجت نواحي القصور، لكنها لم تسمح لأي فرق أجنبية مختصة بالتأكد من صحة تلك المزاعم. \r\n ومساعدة روسيا على التخلص من مخزوناتها الضخمة من الأسلحة الكيماوية من الموضوعات التي تمثل أهمية قصوى لوزارة الأمن الداخلي، والوكالات والأجهزة المختصة بمكافحة الإرهاب داخل الولاياتالمتحدة. وعلى الرغم من ذلك فإن الشيء الملاحظ هو أن التزام واشنطن بهذه المسألة يتقلص تدريجيا على الرغم من أنها لم تنته بعد من تنفيذ هذه المهمة الحرجة. \r\n لذلك، يستدعي الأمر من الكونجرس أن يقوم بالموافقة على تخصيص المزيد من الأموال لإنفاقها على تحديث وتطوير الإجراءات الأمنية في مستودعات الأسلحة الروسية المعرضة للتهديد، وكذلك في منشأة تخزين غاز الأعصاب الواقعة في مدينة \" كايزنر\". \r\n \r\n بول إف. ووكر \r\n باحث مختص بشؤون التهديدات البيئية والأمنية الروسية بمؤسسة \"جلوبال جرين\"- الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n جوناثان تراكر \r\n زميل أول بمركز دراسات عدم الانتشار النووي ومؤلف كتاب: \"حرب الأعصاب.. الحرب الكيماوية من الحرب العالمية الثانية وحتى القاعدة\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"