ونائب الرئيس \"ديك تشيني\" -بشكل خاص- أصبح أكثر تشككاً تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويبدي اهتماماً واضحاً بتبني نهج أكثر تصلباً في التعامل معه. وفي هذا الإطار قام تشيني باستدعاء بعض خبراء الشؤون الروسية إلى مكتبه الشهر الماضي للتشاور وطلب بعض المعلومات، كما طلب من مدير الاستخبارات القومية \"جون دي. نيجروبونتي\" أن يمده بمزيد من المعلومات عن المسارات المستقبلية المتوقعة لبوتين. \r\n أما وزيرة الخارجية \"كوندوليزا رايس\" التي سعت إلى الموازنة بين المخاوف المتعلقة بالتطور الديمقراطي في روسيا، وبين اعتبارات الشراكة البراغماتية بين الدولتين في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ومنها على سبيل المثال برنامج إيران النووي، فقد تعاملت مع الأمر من خلال عقد اجتماع مماثل مع مستشاريها للشؤون الخارجية. وقد نظر بعض المسؤولين المنخرطين في المداولات التي تتم داخل الإدارة بشأن هذا الموضوع، إلى هذه الخطوة من جانب \"رايس\" على أنها تمثل محاولة لمواجهة تشيني. ويقول هؤلاء المسؤولون إنه يوجد داخل الإدارة فريق مؤيد لبوتين، وفريق آخر مؤيد للديمقراطية في روسيا وأن الرئيس بوش و\"كوندوليزا رايس\" يتحكمان في الموازنة بين الفريقين. \r\n والاهتمام الحالي بروسيا يأتي على خلفية أنها ستستضيف للمرة الأولى اجتماعات الدول الثماني الصناعية الكبرى. والمفارقة هنا كما يراها الغرب هو أن الدول الثماني العظمى ينظر إليها على أنها بمثابة ناد يقود الديمقراطيات الصناعية في العالم، في حين أن روسيا ليست كذلك وإنما هي تملك اقتصاداً يماثل في حجمه اقتصاد هولندا، علاوة على أن الكريملن قام بالسيطرة على التلفزيون المستقل، وألغى انتخابات المحافظين في روسيا وقام بخنق المعارضة. \r\n والنقاد يرون أن قيادة بوتين لمؤتمر الدول الثماني العظمى يجعلها موضعاً للتهكم والسخرية، مما حدا ببعض المسؤولين في تلك الدول إلى القول بأن قمة سان بطرسبرج تمثل إحراجاً لباقي الدول العظمى، ودفعهم إلى عقد اجتماعات عديدة كي تتفادى دولهم من الظهور بمظهر الموافقين على قيادة بوتين. \r\n بيد أن ذلك قد لا يكون بالأمر السهل، خصوصا لو أخذنا في الاعتبار تحمس الرئيس بوش لبوتين منذ أن التقيا عام 2001 وإعلان الرئيس الأميركي حينها أنه قد استطاع النفاذ إلى جوهر روح الزعيم الروسي. وعلى الرغم من أن بوش قد اتخذ مواقف أقل تفاؤلا نحو بوتين منذ ذلك الوقت، فإنه مع ذلك ظل غير راغب في التخلي عن الرئيس الروسي، وخصوصاً بعد أن سمحت روسيا للقوات الأميركية بالدخول إلى مناطق آسيا الوسطى عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. \r\n ومن المتوقع أن يزداد الضغط على الإدارة مع اقتراب موعد القمة. وفي هذا الإطار ستقوم \"قوة الواجب\" التابعة ل\"مجلس العلاقات الخارجية\" والتي يقودها المرشحان السابقان على منصب الرئيس \"جاك كمب\" \"الجمهوري\" وجون إدوارد \"الديمقراطي\" بالتخطيط لإصدار تقرير مهم عن روسيا الشهر القادم. \r\n في الوقت نفسه سيحتاج بوش إلى مساعدة بوتين في مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل، عندما يقوم المجلس ببحث موضوع إيران النووي، ويعتقد مساعدو الرئيس الأميركي أن موسكو كانت شريكاً إيجابياً في هذا الموضوع. \r\n وقد ساهمت روسيا في رفع درجة القلق بشأن سياساتها من خلال التصرفات الأخيرة التي قامت بها. من ضمن هذه التصرفات قيام الكريملن بتفعيل قانون يحد من نشاط المنظمات غير الحكومية، وقيام الحكومة الروسية بإغلاق مقار بعض جمعيات حقوق الإنسان، واتهمت بعضها الآخر بأنها تعمل كواجهات لجواسيس أجانب. كما قامت موسكو أيضا ولفترة وجيزة بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوكرانيا في نزاع ذي خلفية سياسية، مما أفزع باقي أوروبا التي تحصل على ربع احتياجاتها من الغاز تقريبا من روسيا. \r\n وقد تحدثت \"رايس\" بشكل علني حول هذه الخطوات محاولة التخفيف من حدة النقد الموجه لموسكو، من خلال التأكيد على أن العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا هي الأفضل منذ مدة طويلة. وقالت: \"حسنا يمكننا أن نجلس ونقول إن كل شيء قد تدهور في روسيا، وإننا قد بدأنا نعود إلى تلك الأيام القديمة المريرة، ونقوم بناء على ذلك بعزل روسيا عن عضوية بعض المؤسسات مثل \"مجلس الناتو- روسيا\" أو مجموعة الدول الثماني العظمى. كما يمكننا أن نقول للروس بدلا من ذلك نعم نحن نريدكم معنا في هذه المؤسسات ولكننا نتوقع أن تكون تصرفاتكم منسجمة مع قواعدها وقيمها\". \r\n ولكن هناك مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية كانوا أكثر حدة في تعليقاتهم العلنية ضد روسيا في الفترة الأخيرة. فنجروبونتي على سبيل المثال قال إن تصرفات بوتين توحي بأن \"روسيا يمكن أن تصبح أكثر انكفاء على ذاتها وأكثر صعوبة في التفاوض معها وخصوصا بالنسبة للولايات المتحدة خلال السنوات القليلة القادمة\". \r\n وعلى الرغم من ذلك فإن بوش اقترح في الميزانية التي قدمها هذا الشهر بإجراء المزيد من الخفض في الأموال المخصصة لدعم الديمقراطية في موسكو من 44.2 إلى 31.6 مليون دولار، كما قام بإلغاء البرامج الروسية التي يتم بثها من صوت أميركا والتي كانت تروج للقيم الغربية في روسيا على مدار عقود طويلة. \r\n ومن جانبه رفض بوتين الانتقادات الغربية الموجهة إليه بأقوى العبارات واصفاً الدول التي وجهت إليه تلك الانتقادات بأنها لا زالت تفكر بعقلية الحرب الباردة وقال بالنص:\" إن من يوجهون الانتقادات إلى روسيا في هذه الدول لا يفهمون ما يجري في دولتنا ولا يفهمون العالم المتغير\". كما قال في مؤتمر صحفي عقد الشهر الماضي:\" إن تلك الدول تستحق إجابة موجزة جداً وهي: فلتذهبوا جميعا إلى الجحيم\". \r\n \r\n بيتر بيكر \r\n \r\n كاتب- واشنطن بوست \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست \r\n