\r\n واذا لم تتراجع الولاياتالمتحدة عن مطالبها ، فمن شبه المؤكد انه لن تكون هناك اتفاقية نووية رسمية جاهزة على التوقيع حالما يصل الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش إلى دلهي في الثاني من مارس القادم ، إذ ان من شأن زيارة عقيمة لرئيس أميركي ان تكفل الموت البطيء للاتفاق الذي كان يمثل بيان نوايا لتعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية. ومنذ إعلانه في يوليو الماضي ، واجهت المفاوضات المكثفة للتوصل إلى اتفاق رسمي بعقبات كؤود حول جهود الولاياتالمتحدة لتعديل الاتفاق مما أثار رد فعل هنديا. وقد عبر رئيسا البرنامج النووي الهندي الحالي والسابق عن حنقهما علنا من أهداف التفاوض الاميركية ، وشهد القلق في واشنطن من تفكك صفقة يوليو التعبير عنه بطريقتين متعارضتين ، احداهما انتقاد غير دبلوماسي من السفير الاميركي لدى الهند ادى إلى استدعائه إلى مكتب وزارة الخارجية الهندية لتوجيه اللوم له ، ثم التلويح بجزرة جديدة.\r\n ولإنقاذ الصفقة ، تعرض ادارة بوش حاليا تقديم وقود مفاعلات واستعادة الوقود المستنفد لاحقا لمنع استخدامه في صنع اسلحة ، وتبدو الخطة المريبة تعتمد على تقنية مفاعل تبقى في الوقت الحالي عرضة لاشتعال النار ومكلفة اقتصاديا ، فضلا عن ان الكونغرس لن يغير على الارجح القانون ليسمح بإغراق نفايات نووية اجنبية. وعلى اي حال ، تبقى دعوة الهند رهنا بنجاح المفاوضات لتنفيذ اتفاق يوليو الماضي ، لكن هذه المفاوضات دخلت في خلافات حول مطالبة الولاياتالمتحدة للهند بوضع الكثير من برنامجها النووي المستقل تحت تفتيش دولي دائم. وكانت نيودلهي قد وافقت بشكل متبادل في يوليو على قبول سلسلة من الواجبات الملزمة قانونا تشمل فصل المدني والعسكري في برنامجها النووي. بيد انه ما ان تم توقيع الاتفاق حتى تنكر نيكولاس بيرنز مساعد وزير الخارجية الاميركي لمبدأ التبادل معلنا ان الاتفاق يجب تطبيقه من جانب الحكومة الهندية ثم نسعى -أي الاميركيين- إلى ان نحصل على هذه التغييرات من الكونغرس. واذا كان الاتفاق ينص فقط على أن الهند ستبدأ تحديد وفصل المنشآت والبرامج المدنية والعسكرية بصورة مرحلية ، فإن واشنطن أضافت شرطا معينا بأنه يجب ان تكون خطة الفصل معقولة وشفافة ويمكن الدفاع عنها. وبصراحة فإن الولاياتالمتحدة جعلت من نفسها محكما يتعين على الهند الرجوع إليه. على النقيض ، أكد مانموهان سينغ رئيس الوزراء أمام البرلمان الهندي ان الهند هي التي تقرر بشكل مستقل ما هو المدني وما هو العسكري. \r\n كما حاولت واشنطن ايضا النكوص في البند الرئيسي للاتفاق القاضي بان تضطلع الهند بنفس المسئوليات والممارسات وتحصل على نفس الفوائد والمميزات مثل الدول الرئيسية الاخرى التي تمتلك التقنية النووية ، و تصر واشنطن الان على انه ليس بوسع الهند انتهاج نفس الممارسات التي تقوم بها القوى النووية الخمس القائمة والتي تعرض المواد والمنشآت النووية لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقابل تفتيش رمزي من الوكالة. كما تشدد الولاياتالمتحدة ايضا على فصل مدني عسكري لا لبس فيه في الهند ، على عكس ما تمارسه القوى النووية الاخرى ، والتي لم تسع اي منها ولو ظاهريا لوضع هذا الفصل موضع التنفيذ. \r\n علاوة على ما سبق ، عندما يسعون لتطبيق التفتيش الدولي على منشآت تخصيب اليورانيوم والبيريلينيوم الهندية والبرنامج ثنائي الغرض ، يكون المفاوضون الاميركيون يسعون إلى الحد من قدرات الهند العسكرية النووية قبل أن تتمكن نيودلهي من بناء رادع محدود معقول ضد خصمها الرئيسي ، الصين. \r\n ان هذه المقاربة الاميركية توضح انها ستقبل بالهند في احسن الاحوال كقوة نووية من الدرجة الثانية ، والهند على الارجح لن تقر بذلك ، والطريقة الوحيدة التي يمكن بها كسر المأزق هي عن طريق التدخل السياسي على أعلى مستوى ، والعودة إلى المبادئ التي تضمنها اتفاق يوليو الماضي. \r\n براهما تشيلاني \r\n استاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسة ، نيودلهي \r\n خدمة هيرالد تريبيون - نيويورك تايمز - خاص ب(الوطن)