توصل رئيس الوزراء الهندي سينغ مانموهن والرئيس الأمريكي جورج بوش إلى اتفاقية غير مسبوقة حول التعاون النووي أثناء زيارة بوش إلى نيودلهي يوم الخميس. الصفقة ستسمح للهند، التي هي في أمس الحاجة إلى مصادر الطاقة، أن تمتلك مفاعلات نووية وكذا متابعة الوقود النووي. وهي في جانب منها، تطوير للاتفاقية الهندية مع إدارة بوش في يوليو الماضي، المرتبطة بالتقنية النووية المدنية، لكن تاريخ الهند في تطوير الأسلحة خارج حدود المعاهدة، ومخاوف الإشراف الدولي على برنامجها النووي، أجلا تقدما نحو التطبيق لشهور. ويبدو أوليا أن إعلان الخميس يعد فوزا كبيرا للهند، ذلك أن حكومة نيودلهي كانت تحت الضغط الحاد لضمان نجاح زيارة بوش، والرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، الذي زار الهند مؤخرا، يعتقد بأنه لعب دورا فعالا في مساعدة نيودلهي لتمهيد الطريق للاتفاقية. ورغم ذلك لازال هناك عمل كبير لإتمام الصفقة، خاصة في واشنطن. وتركزت نقطة الخلاف الرئيسية في إصرار واشنطن على أن تفصل الهند بين برامجها النووية المدنية والعسكرية منفصلين، مقابل رفض نيودلهي الأولي لتصنيف المفاعلات السريعة ضمن محطات القوة المدنية، الأمر الذي يجعلها عرضة للتفتيش الدولي. ولم يكشف إلى الآن عن تفاصيل اتفاقية بوش سينغ، لكن بعض التسريبات تفيد بأنه في الوقت الذي تُخضع فيه 14 من مفاعلات الهند المدنية النووية للوقاية الدولية، فإن مفاعلات أخرى ستُستعمل فقط لأغراض عسكرية، ولذا لن تكون خاضعة للتفتيش. علاوة على ذلك، زعمت الهند بأن نيودلهي ستكون مسئولة عن تصنيف أي مفاعلات تبنى في المستقبل، ومعنى هذا أنها يمكن أن تستخدم إما لأغراض مدنية أو عسكرية في أي وقت كان. مساومة الهند هذه لم تأت بسهولة. عسكريا، تريد نيودلهي الاحتفاظ بحقها في الردع نووي، وكذا بقدرتها في ترقية قابليات الأسلحة النووية حسب الضرورة لمواجهة التطورات في البرامج الصينية والباكستانية. وهكذا، بعد أن منحت بعض التنازل في مسألة التفتيش الدولي، تريد الهند تأمينا من واشنطن برفع الحظر عن التقنية النووية، وهو ما يمكنها من إجراء اختبارات الأسلحة مستقبلا بدون خوف من التلويح بالعقوبات من قبل إدارة جديدة في واشنطن عندما يغادر بوش. الآن، المعركة ستبدأ في الكونغرس، حيث تعهد بوش شخصيا بأن يعرض الصفقة على الكونجرس للتصديق، لكنَ المهمة لن تكون سهلة. وقد حشد اللوبي الهندي في الكونغرس -المدعوم بقوة من قبل الإسرائيليين- التأييد للاتفاقية النووية، من خلال نجاحه البارز بلعب ورقة الصين، إذ تحتج الهند بأنها تشكل كتلة إستراتيجية ضرورية لمواجهة الصين وقدراتها الاقتصادية المتزايدة. على أية حال، المجموعة المعارضة للاتفاقية في الكونغرس، ترى بأن إدارة بوش لا يعنيها الموافقة على مساعدة التطوير النووي في بلد لم يوقع على معاهدة عدم الانتشار، في حين لا يبدو أن الاعتبارات السياسية في واشنطن تعني الشيء الكثير بالنسبة للهند. المصدر العصر