لعل من المبالغة وصف ما يجري بانه نوع جديد من سباق التسلح العالمي ادواته انابيب النفط والناقلات بدلا من الطائرة والدبابة. لكن هناك شبه اجماع بان مسألة الوصول الى هذه الدرجة من التأزم مسألة وقت ليس الا حيث لم يعد بالامكان الفصل بين قضايا الطاقة والامن القومي. ويجادل المسؤولون الامريكيون استباق الوصول الى مرحلة التنازع المسلح على مصادر الطاقة بطرح سؤال استراتيجي مهم وهو: هل ينبغي لاسواق الطاقة ان تدار عبر التعاون الدولي ام المنافسة الدولية? واعتمادا على الحالة الصينية, وهو فاتحة المواجهة الجديدة, فان المنافسة تتعلق بالاستراتيجية بقدر تعلقها بالموارد. \r\n \r\n يقول ديفيد فيليب, خبير الطاقة في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك, ان دولا مثل الصين والهند تتحرك بنشاط من اجل تأمين منافذ جديدة للطاقة تدعم نموها الاقتصادي. وهو يدعو الولاياتالمتحدة الى وضع استراتيجية شاملة للطاقة تكون جزءا من الاستراتيجية الكلية للامن القومي الامريكي. \r\n \r\n يظل النفط الوقود الرئيسي اللازم للنقل والصناعة وتشهد الاسواق العالمية تصاعدا كبيرا في الطلب على الغاز الطبيعي, الذي تختص شركة يونوكال المعنية بالضجة بانتاجه. وتجهد الصين والهند, وهما اكبر دول العالم سكانا, في ارساء اسس الطبقة الوسطى المتوسطة في بلاديهما. ويشير النمو الاقتصادي المتزايد في البلدين الى ان الطلب على النفط سوف يتجاوز كميات العرض في المستقبل القريب. \r\n \r\n لقد كان تعطش اليابان للنفط احد الحوافز التي دفعت الى اشتباكها بالحرب مع امريكا قبل خمسة وستين عاما, وهذا الامر الذي حاول فرانك غافني, رئىس مركز السياسة الامنية, ان يذكر به اعضاء الكونغرس في شهادة القاها امامهم الشهر الماضي. وعلى الرغم من ان الصين لم تضمّن سعيها للحصول على الطاقة اي تحرك عسكري, فان غافني حذر الكونغرس من ان امريكا »تتجاهل خطورة سعي بكين للحصول على حق قانوني بعدد مصادر الطاقة«. \r\n \r\n ان مصادر القلق المتعلق بالامن القومي الامريكي في هذه الحقبة الجديدة تتعدى حدود الصين, وتذهب الى ما هو ابعد من الحصول على ملكية شركات امريكية او عالمية للنفط والغاز ودمجها بشركات صينية. فالهند الساعية بشدة لتأمين ما يحتاجه نموها الاقتصادي من وقود تعرض حاليا مدّ انبوب لنقل الغاز الطبيعي من ايران. وهو امر محظور بالنسبة لواشنطن الساعية الى عزل ايران بسبب المخاوف من حصولها على السلاح النووي. \r\n \r\n اما الشرق الاوسط فيظل المحور الجيوسياسي للقضية النفطية. وفي الشرق الاوسط وشمال افريقيا يوجد ثلثا الكمية المؤكدة من احتياطي النفط في العالم. \r\n \r\n وليس بالامكان القول ان الحرب التي تقودها امريكا في العراق حالياً وتلك التي سبق لها ان قادتها عام 1991 تمت بمعزل عن الحسابات الدقيقة لواقع السوق النفطية. \r\n \r\n يقول فرانك فيراسترو, خبير الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن, ان احد الافتراضات التي ظهر خطؤها هو »ان عراقاً محرراً او ديمقراطياً يمكن ان يكسر شوكة »اوبك« ويقدم المزيد من امدادات النفط للاسواق العالمية«. \r\n \r\n خبراء اخرون يرون ان اعتماد العالم على نفط السعودية ونفط اوبك يجب ان يدفع بالمشترين الكبار في سوق النفط مثل الصين والولاياتالمتحدة الى اعتماد مبدأ التعاون بدلاً من التنافس. تقول ايمي مايرز جاف, خبيرة الطاقة في معهد جيمس بيكر في هيوستن, انها دول لها نفس المصالح التي تدفعنا وهي وضع مصادر الطاقة المتنوعة في خدمة النمو الاقتصادي, ويمكن للتعاون في مجال الطاقة ان يتفاوت ما بين التطور التكنولوجي وابرام الاتفاقيات التي تنظم جدولاً للمناوبة بين الدول المستهلكة للنفط عند قيامها بشراء النفط لملء خزاناتها الاستراتيجية. \r\n \r\n كما ان استبدال التنافس بالتعاون يمكن ان يؤدي, في نظر الخبراء, الى تشجيع قيام سوق عالمية حرة ومفتوحة للطاقة. يقول خبير في مجلس العلاقات الخارجية الامريكية »اننا حين نعزل دولاً اخرى, نجعل مشاركة تلك الدول البناءة في تلبية احتياجات امريكا امراً اكثر صعوبة«. \r\n \r\n اما ثلاثة ارباع مصادر النفط في العالم تدار حالياً من قبل شركات خاضعة لسيطرة الدول. ومن بين المخاطر التي يمكن ان يقود اليها الوضع الراهن ان تستبدل الدول المعنية عملية بيع وشراء النفط في الاسواق المفتوحة بعملية التفاوض الثنائي بين دولتين محددتين على شراء النفط. \r\n \r\n ومن شأن المنافسة العالمية على النفط ان تتصاعد اذا تحولت الامدادات النفطية الى مادة للدبلوماسية بدلاً من كونها مادة اسعار في السوق العالمية. \r\n \r\n ينصح مختلف الخبراء المعنيين بضرورة تخفيف الاعتماد على النفط, على المدى البعيد, من خلال المحافظة على موارده واستخدامها بالطرق الامثل الى جانب السعي لايجاد مصادر بديلة للطاقة. \r\n \r\n وحتى ذلك الحين سيظل الجزء الاعظم من الاقتصاد العالمي معتمداً على النفط وسوف تواصل الصين والهند وغيرهما السعي لابرام صفقات نفطية جديدة كما كانت الحال عليه منذ اكثر من عشر سنوات. \r\n