وبعد, فهل من الممكن أن يتكرر هذا الفصل من التاريخ نفسه مع قادة كل من حركة \"حماس\" و\"حزب الله\"؟ فالمعلوم عن كلا التنظيمين عداؤهما اللدود للاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين ولبنان, إلى جانب ما ينسب لهما من طموحات سياسية, مع ملاحظة أنهما أبليا بلاءًَ حسناً, في الانتخابات الأخيرة التي جرت في فلسطين ولبنان. يذكر أن هذا الموضوع تحول إلى مادة حوار مكثف في كل من إسرائيل ولبنان وأوروبا والولاياتالمتحدة الأميركية, إلى جانب ما يحظى به من اهتمام في أوساط ودوائر السلطة الوطنية الفلسطينية. غير أن المشكلة تكمن في أنه لا \"حماس\" ولا \"حزب الله\", تراجع قيد أنملة واحدة, عن مطالبته وتمسكه \"بتحرير كل شبر من أراضي فلسطين\" بما في ذلك تحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي. يوازي هذه المطالب, رفض عنيد في ذات الوقت لحق الدولة اليهودية في العيش والبقاء بين دول وحكومات الشرق الأوسط. وطالما بقي هذان التنظيمان على تمسكهما بإزالة إسرائيل وكنسها من الوجود, فإنهما لن ينالا الشرعية ولا الاعتراف مطلقاً من جانب الولاياتالمتحدة الأميركية وغيرها من كبريات الدول الأوروبية, ولن تنتفي عنهما تهمة الإرهاب. \r\n \r\n بيد أن السؤال الذي تجب إثارته هو, ما إذا كان الشعبان الفلسطيني واللبناني سيتمكنان من إقناع أو إكراه التنظيمين المذكورين, على التخلي عن أجندتهما السياسية المعادية لإسرائيل, فيما إذا تم حل وحسم القضايا الخلافية الرئيسية بين أطراف النزاع الثلاثة: إسرائيل, فلسطين ولبنان؟ فمن جانبه يزعم \"حزب الله\" اللبناني أنه الحركة السياسية الوحيدة في لبنان, التي تصدت لإسرائيل وقاومتها عسكرياً. وهذه حقيقة لا شك أو مراء فيها. وللسبب عينه, ظل حزب الله يحظى بالتقدير والاحترام حتى من جانب كل من المسلمين السنة والمسيحيين والدروز في لبنان. لكن ومع انسحاب إسرائيل إلى الحدود اللبنانية المتعارف عليها في شهر مايو من عام 2000, فلم تعد ثمة مشروعية لاحتفاظ \"حزب الله\" بمليشيات عسكرية كبيرة هناك مثلما نرى الآن. واليوم فإن المبرر الذي يقدمه الحزب لوجود هذه المليشيات, هو التحسب لأي عملية إعادة احتلال أو اعتداء إسرائيلي على أراضي الجنوب اللبناني, علماً بأن هذا الواجب هو من صميم عمل القوات المسلحة اللبنانية, التي ينبغي عليها إثارة حقيقة استمرار احتلال إسرائيل لأراضي مزارع شبعا اللبنانية. \r\n \r\n وفي المقابل فإنه لا مبرر لاستمرار حركة حماس في الحفاظ على جناحها العسكري, إلا في حال استمرار احتلال إسرائيل لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وفيما لو تم الانسحاب الإسرائيلي بسهولة, من القطاع حسبما هو مقرر له خلال الصيف الحالي, وتوصلت إسرائيل لصفقة انسحاب من أراضي الضفة الغربية في نهاية المطاف, فسوف ينتفي أي مبرر أو مشروعية لوجود الجناح العسكري للحركة, اللهم إلا إن كان للمرء أن يقبل فكرتها القائلة بإزالة الدولة الإسرائيلية نفسها من الوجود! \r\n \r\n والكرة الآن في ملعب الشعبين الفلسطيني واللبناني, اللذين عليهما أن يقررا مصير النشاط العسكري لهذين التنظيمين. فهل يفعلان؟