هناك نادٍ تم إنشاؤه وفقا لقواعد مماثلة.. وكل الفرق بينه وبين الأندية السابقة هو أنه مخصص للحكومات فقط. هذا النادي اسمه الأممالمتحدة ويضم 191 عضوا، وهو نادٍ خاص أيضا لأن التقدم لعضويته يقتصر على الأمم فقط، وعندما تتقدم أمة ما لعضويته فإنها تتعهد بمراعاة قواعد النادي الدولي. \r\n وعندما تحصل دولة ما على سيادتها (بعد التحرر من دولة مستعمرة أو عقب انقسام دولة كبرى إلى عدة دول أصغر كحالة الاتحاد السوفيتي السابق على سبيل المثال) فإن ذلك وحده لا يعطيها الحق، ولا يجب أن يعطيها الحق، في أن تحصل تلقائيا على عضوية النادي الدولي. فالعضوية تمنح فقط للدول \"المحبة للسلام\" التي تلتزم عن طيب خاطر بالمبادئ الواردة في ميثاق الأممالمتحدة. \r\n وشرح هذه المبادئ يعتبر مهمة صعبة إلى حد ما، حيث لا يمكنني في هذا المقال تناول جميع الشروط المطلوب توافرها في العضو الجديد بسبب قيود المساحة.. بيد أن ما يتوجب قوله مع ذلك هو أن الميثاق ينص على ضرورة قيام كل دولة من الدول الأعضاء بمساعدة مجلس الأمن الدولي على صيانة السلام والأمن الدوليين كما ينص على ضرورة أن تكون جميع الدول حتى الصغيرة منها جاهزة لتوفير الموارد وحقوق النقل، والشؤون اللوجيستية (الإمداد والتموين وغير ذلك) اللازمة لعمليات فرض السلام. \r\n \r\n كما تتعهد كل دولة بأن تقوم بالدعوة إلى، والتشجيع على، احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تفرقة من ناحية العنصر، والنوع، واللغة، والدين حسب نص المادة (1) الجزء ( 3) من الفصل الأول من ميثاق الأممالمتحدة. \r\n \r\n هذه هي قواعد النادي الدولي، التي يجب على أية دولة أن تلتزم بها وألا تحاول التهرب منها. \r\n \r\n ولكن ماذا يحدث عندما لا يلتزم عضو من أعضاء النادي الدولي بهذه القواعد؟ \r\n \r\n هنا أيضا نجد أن ميثاق الأممالمتحدة واضح، حيث ينص على طرد الدولة الخارجة على هذه القواعد من الأممالمتحدة إلى الأبد، وفقا للمادة رقم (6) من الفصل الثاني من الميثاق. \r\n \r\n جميع الدول التي انضمت إلى نادي الأممالمتحدة وافقت على تلك المادة تلقائيا وبالتالي فنحن نتساءل هنا: ألم يحن الوقت بعد كي تقوم تلك الدول بأخذ تعهداتها على محمل الجد، والوفاء بها؟ ألم يحن الوقت لمجلس الأمن والجمعية العمومية كي تقوم بطرد الدول التي تتحدى مبادئ الأممالمتحدة السامية، أو كي تقوم على الأقل بتعليق عضويتها. \r\n \r\n إن هذه الأساليب والأساليب المشابهة لها هي التي يمكنها إعادة الهيبة والاحترام للمنظمة الدولية التي تم إنشاؤها في سان فرانسيسكو منذ 60 عاما من الزمان أو يزيد من أجل تحقيق آمال وطموحات الشعوب. \r\n \r\n ومن السهل معرفة من هي أوائل الدول المرشحة للطرد من الأممالمتحدة بمجرد إلقاء نظرة على تقارير منظمات مثل منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والصليب الأحمر الدولي، وأطباء بلا حدود، وأجهزة الأممالمتحدة المنوط بها مراقبة خروقات حقوق الإنسان. \r\n \r\n ليس من الضروري هنا أن نقوم بعملية طرد جماعي، بل دعونا نتخلص أولا من الأنظمة سيئة السمعة بسبب سياساتها الداخلية الوحشية. إننا لو قمنا بذلك فإن أنباء هذا الطرد ستنتشر في العالم مثل موجات الصدمات الكهربائية.. ولكن هذا لن يحدث للأسف، لماذا؟ يرجع هذا جزئيا إلى الجبن المعنوي للدول، حتى تلك التي تمتلك سجلا جيدا في احترام مبادئ الأممالمتحدة وخوفها من اتخاذ موقف ضد دولة زميلة في عضوية المنظمة الدولية.. \r\n \r\n ولكن السبب الرئيسي لذلك هو خشية بعض الدول الكبرى من التداعيات التي يمكن أن تترتب على ذلك بالنسبة لها، وخصوصا أنها هي ذاتها عجزت عن الالتزام بمبادئ ميثاق الأممالمتحدة، أو بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948. \r\n \r\n خذوا مثلا قائمة الدول التي ستعترض على طرد تلك الدول: الكثير من الدول الأفريقية التي قامت في فترات مختلفة ولا زالت تقوم بخروقات لحقوق الإنسان بدعوى أن الكثير من دول الإمبريالية الجديدة الغربية تقوم بهذه الخروقات أيضاً. والكثير من الدول الموجودة في العالم الإسلامي والتي تقوم بتقييد الحقوق السياسية لمواطنيها وخصوصا من النساء، سوف تشعر بعدم الارتياح لهذه الدعوة. فلاديمير بوتين سوف يعارض ذلك أيضا. وفرنسا قد تعترض أيضا لأنها وإن كانت تدعو علنا لحقوق الإنسان إلا أنها تقوم سراً بمساعدة الأنظمة الفاسدة. كما أن حكومة بكين وهي من كبريات الحكومات المدافعة عن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية لدولة من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة وفقا للمادة ( 2) الجزء (7)، الفصل الأول، سوف تسارع إلى استخدام حق الفيتو ضد طرد أو إيقاف أي دولة عضو مهما كانت تجاوزاتها وخروقاتها... فلماذا توافق على شيء قد يعيق سير الأمور حسب رغبتها؟ \r\n \r\n وبعد ذلك تأتي الولاياتالمتحدة، المهندس الرئيسي لميثاق الأممالمتحدة، والدولة التي تعلن ليل نهار أن سياستها الخارجية تهدف إلى نشر الديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان. \r\n \r\n هذه بلا شك أهداف نبيلة في حد ذاتها ولكن ليس من السهل علينا أن نوصل إلى الجمهور الأميركي ولا إلى بعض الساسة الأميركيين الكبار تلك الحقيقة البسيطة: أن هناك احتقارا شديدا في أجزاء واسعة من المعمورة لما ينظر إليه على أنه نفاق أميركي بسبب إصرار واشنطن على استثناء نفسها من النقد الأخلاقي الذي توجهه للآخرين، وأن هناك أيضا كراهية أشد للغطرسة الأميركية الاستعمارية. \r\n \r\n في كل مكان سافرت إليه في العامين الماضيين كنت أواجه بأسئلة من قبيل: وماذا عن انتهاكات حقوق الإنسان في جوانتانامو؟ وفي أبوغريب؟ وما رأيك في معارضة أميركا للمحكمة الجنائية الدولية؟ ولماذا تحتفظ أميركا بعقوبة الإعدام في حين أن العديد من الدول المتحضرة قد تخلت عنها؟ وماذا عن دعمها للأنظمة القمعية؟ وماذا عن تقويضها للأمم المتحدة؟ \r\n \r\n بعد فترة مللت من تقديم الإجابات عن تلك الأسئلة ولكن النقطة التي أود أن أشير إليها هي أن أي محاولة لطرد الأنظمة القمعية سيئة السمعة فعلا من الأممالمتحدة سوف تقابل بثورة من كثير من الدول الأعضاء فيها، والتي ستقول إن الدولة الأولى التي يتوجب عقابها في العالم هي الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n وهكذا نجد أنفسنا ندخل القرن الحادي والعشرين بخطى متعثرة ونحن نعرف - ونشعر بالضيق لأننا نعرف ذلك- أن هناك أنظمة مخادعة، وغير ديمقراطية يمكن أن تتولى - حسب نظام الدور المعمول به- رئاسة لجنة مثل لجنة حقوق الإنسان دون أن نستطيع أن نفعل شيئا للحيلولة دون ذلك. إنه لشيء مشين أن يتم إنقاذ دول مثل هذه من الطرد من الأممالمتحدة بواسطة دول أخرى هي نفسها موضع شكوك أخلاقية. \r\n \r\n لقد آن للمحافظين الجدد الذين طالما دأبوا على الحديث عن تلك السخافات المتعلقة بالانتهاكات وأمور مثل هذه أن يتوقفوا عن ذلك. \r\n \r\n فهؤلاء الذين يسكنون في بيوت من زجاج، يجب ألا يلقوا الحجارة على بيوت الآخرين. كما أن الأعضاء الكبار في أندية الصفوة يجب أن يراعوا إلى أقصى درجة قواعد النادي الدولي الذي قاموا هم بإنشائه. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"تريبيون ميديا سيرفيس\" \r\n \r\n