\r\n * هل اصبحت الاممالمتحدة فائضة عن الحاجة? \r\n \r\n - كلا. لقد صدعت حرب الخليج الثانية مكانة مجلس الامن الدولي التي كانت, اصلا, مهزوزة. وادان الصقور المجلس لاخفاقه في مباركة الحرب. وادانه معارضو الحرب لاخفاقه في منع وقوعها. ومع ذلك, هرولت الولاياتالمتحدة وبريطانيا, بمجرد توقف المعارك الرئيسية, للحصول على تخويل من المجلس يجيز احتلالهما المشترك للعراق ويؤذن برفع العقوبات, ويمنحهما الحق في تسويق النفط العراقي. \r\n \r\n اي نوع من الدروس سوف يفرزه الصراع على العراق? هل ستقر كل من فرنسا وروسيا والصين, على مضض, بالهيمنة الامريكية. وتبدي ما يكفي من التعاون لمنع الولاياتالمتحدة من التجاوز الروتيني لمجلس الامن? ام انها ستلجأ الى تشكيل معسكر معارض يشل المجلس? وهل ستمضي الولاياتالمتحدة قدما تحت نشوة الانتصار? ام انهما سوف تتوصلان, تحت تأثير مختلف انواع الصراع التي يجلبها لهما العراق, الى الاستنتاج بأن شن الحرب من دون تأييد من مجلس الامن كان خطأ من الاساس? \r\n \r\n لدى الجانبين من الاسباب ما يكفي للتحرك باتجاه التعاون. يحصل كل من الفرنسيين والروس والصينيين على تأثير لا يتناسب مع حجومهم نتيجة كونهم اعضاء دائمين في مجلس الامن الدولي. وهم يعتبرون المجلس اداة للتخفيف من وطأة الهيمنة الامريكية ولا يريدون ان يقوم البيت الابيض باعلان وفاته. اما المسؤولون في ادارة بوش, فانهم على الرغم من ميولهم الانفرادية, سوف يرحبون باسناد المجلس عندما يتصدون لمحاربة الارهاب والدول المارقة في المستقبل. وعلى الرغم من ان المجلس ما كان ولن يكون ذلك الحكم المتنفذ فيما يتعلق بالحرب والسلام كما يتمنى له انصاره, فانه يظل المصدر الاوسع قبولا للشرعية الدولية- والشرعية ما تزال تمتلك بعض المعنى حتى بالنسبة للامبراطوريات لهذا السبب قام كل من الرئيس جورج بوش ووزير خارجيته كولن باول بتقديم مطالعتهما المدافعة عن الحرب امام جمهور المستمعين الدوليين في الاممالمتحدة. \r\n \r\n فيما عدا مجلس الامن, ما زالت فائدة الاممالمتحدة واضحة في اعمال اكثر من عشرين منظمة تشكل بمجموعها منظومة الاممالمتحدة. في عام 2003 وحده ابلغت وكالة الطاقة الذرية الدولية عن قيام ايران بتصنيع مواد نووية منتهكة بذلك التزاماتها بموجب معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية, وحاكمت المحكمة الجنائية الدولية في يوغسلافيا السابقة الزعيم اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش بتهمة الابادة الجماعية, ونجحت منظمة الصحة العالمية في تنسيق الاستجابة العالمية لمكافحة مرض السارس. في هذه الاثناء, يقوم برنامج الغذاء العالمي باطعام اكثر من 70 مليون شخص سنويا وعلى مدى الاعوام الخمسة الماضية, وتقدم المفوضية العليا للاجئين عصب الحياة للمشردين والمبعدين, وشن صندوق الطفولة التابع للامم المتحدة حملة لانهاء زواج الاطفال القسري, ويساعد صندوق السكان التابع للامم المتحدة العوائل في تنظيم اسرهم, كما يساعد الامهات في البقاء على قيد الحياة والاطفال في النمو الصحي وسط افقر الاماكن واشدها بؤسا في العالم. قد تبدو الاممالمتحدة عديمة الفائدة في نظر الاقلية الشبعى وضيقة الافق وقاسية القلب. لكنها بالنسبة لغالبية سكان العالم تظل مفيدة حقا. \r\n \r\n - »لقد كانت العلاقة بين الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة متدنية على الدوام«. \r\n \r\n - هذا قول بعيد عن الواقع. \r\n \r\n ان التوتر القائم بين دول الشرق ودول الغرب من جهة وبين دول الشمال ودول الجنوب, من الجهة الاخرى قد حول الجمعية العامة الى منطقة معادية للولايات المتحدة طوال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وقد استحق سفراء الولاياتالمتحدة الى المنظمة الدولية امثال دانييل موينيهان وجين كيركباتريك مخصصات معارك لقاء عملهما في صد الهجمات التي يشنها عليهما مبعوثو الدول الاخرى في ذروة الانفعالات المعادية للسامية او المؤيدة للماركسية. وبلغ الحال الدرجة الدنيا عندما اقرت الجمعية القرار الذي يساوي الصهيونية بالعنصرية. \r\n \r\n في تسعينات القرن الماضي, قام انصار الحركة المسماة »التعاقد مع امريكا« بقيادة الناطق باسم الكونغرس نيويت جنجريتش بانتقاد دور الاممالمتحدة في حفظ السلام, وحجبوا دفع مستحقات المنظمة من الاموال الامريكية, وسخروا من برامج الاممالمتحدة. وتحدث السيناتور الجمهوري جيسي هيلمز باسم الكثير من اليمينيين عندما وصف الاممالمتحدة بكونها »عدوة ملايين الامريكيين«. \r\n \r\n اختلفت الامور الان. يفيد استطلاع لمؤسسة »بيو« ان المواطنين الامريكيين يعتبرون كوفي انان, الامين العام للامم المتحدة, رابع الشخصيات الاكثر جدارة بالاحترام بعد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, ورئيس الولاياتالمتحدة جورج بوش, ورئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون (حسب التسلسل الوارد). وقد دفعت الولاياتالمتحدة الجزء الاعظم من مستحقاتها المتأخرة. وتقاربت المواد المدرجة على اجندة الاممالمتحدة في المصالح الامنية الامريكية. حيث ان ميثاق الاممالمتحدة لا يأتي على ذكر اهمية الحكومة المنتخبة.. الا ان بعثات الاممالمتحدة باتت ترعى التحولات الديمقراطية وتراقب الانتخابات وتشجع قيام المؤسسات الحرة. ويحرم الميثاق صراحة تدخل الاممالمتحدة في الشؤون الداخلية لاية حكومة, بينما نجد ان المندوب السامي لحقوق الانسان, وهو المنصب الذي اوجد عام 1993 نزولا عند الحاح الولاياتالمتحدة, لا عمل له سوى حث الحكومات على التصرف السليم ازاء مواطنيها. ولم يخطر لمؤسسي الاممالمتحدة ان يأتوا على ذكر الارهاب, لكن المنظمة الدولية تشجع اليوم جميع الحكومات على التصديق على المواثيق المعادية للارهاب, وتجميد ارصدة الارهابيين, وتشديد الاجراءات الامنية برا وبحرا وجوا, وتكشف استطلاعات الرأي باستمرار عن ان اغلبية واسعة من المواطنين الامريكيين يعتقدون بأن على بلادهم الحصول على تخويل من الاممالمتحدة قبل استخدام القوة وان عليها التعاون مع بقية الدول من خلال الاممالمتحدة. \r\n \r\n - ان مبدأ الضربة الاستباقية الذي تتبناه ادارة بوش غير مرخص به في ميثاق الاممالمتحدة. \r\n \r\n - وماذا يهم ذلك? ان ميثاق الاممالمتحدة يدعو الدول الى تصفية نزاعاتها بالطرق السلمية وان ترجع الى مجلس الامن لاتخاذ الاجراء المناسب في حالة فشل محاولاتها السلمية. وتنص المادة 51 على ان ما من شيء في الميثاق »يمكن ان يعيق حق الافراد او الحق الجماعي في الدفاع عن النفس في حالة وقوع هجوم مسلح ضد دولة عضو في الاممالمتحدة لحين قيام مجلس الامن باتخاذ الاجراءات الضرورية للمحافظة على الامن والسلام الدوليين«. \r\n \r\n قارن هذه الفقرة بالمقطع التالي من خطاب الرئيس بوش حول استراتيجية الامن القومي عام 2002 »عند الاخذ بنظر الاعتبار اهداف الارهابيين والدول المارقة, لا تستطيع الولاياتالمتحدة ان تعتمد على مواقف رد الفعل وحدها كما كانت تفعل في الماضي. ان عدم القدرة على ردع المهاجم المحتمل, والطبيعة الملحة للتهديدات الحاضرة, وضخامة الضرر المتوقع الذي ينتج عما يختاره خصومنا من اسلحة, لم تعد تسمح لنا بالاختيار. اذ لم يعد بوسعنا ان نسمح لاعدائنا بتوجيه الضربة الاولى«. \r\n \r\n ان مبدأ الضربة الاستباقية لن يعتبر خروجا على منطوق الفقرة 51 او على الممارسات الامريكية السابقة الا عندما يطبق بطريقة عدوانية لا تكترث بالمقدمات ولا تهتم بالمعلومات اللازمة لتبرير العمل العسكري. لان تجاوز هذه الاعتبارات يثير التساؤل عما اذا كانت الولاياتالمتحدة تضع نفسها فوق القانون او انها باتت تقر ضمنا بحق كل دولة في اتخاذ الاجراء العسكري ضد التهديدات التي لا تخرج عن دائرة الظن والشبهات. لقد سلكت الولاياتالمتحدة هذا الطريق عندما اجتاحت العراق. لكن التشويش لحق بالقضية بسبب الحجج الكثيرة التي قدمت لتبرير النزاع: تطبيق قرارات مجلس الامن, والدفاع عن النفس, وتحرير البلاد. والامر يتعلق اليوم بما اذا كانت الولاياتالمتحدة ترغب اليوم بتوجيه ضربة استباقية الى الدولة الراغبة بالحصول على الاسلحة النووية مثل ايران وكوريا الشمالية واذا كانت كذلك, فما هي الادلة التي تقدمها? وهل انها ستسعى الى استنفاد الوسائل الاخرى اولا?0 \r\n \r\n (.. يتبع) \r\n \r\n * وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ومندوبة امريكا لدى الاممالمتحدة سابقا \r\n \r\n عن مجلة فورن بوليسي \r\n \r\n \r\n \r\n