لكن محللّين ومسؤولين يقولون انه بعد اشهر من الوعد باجراء الانتخابات في 17 تموز, يأتي التغير في موقف الرئيس الفلسطيني ليسلّط الاضواء فعلا على تعمق التوتر داخل صفوف حركته. ومن المتوقع الآن ان تجري هذه الانتخابات في الخريف. \r\n يقول عضو المجلس التشريعي من »فتح«, غازي حنانيا, »ان هذا الارجاء لم يكن سببه خوفنا من »حماس«, كما يرى الكثيرون, بل لاننا خائفون من انفسنا«. \r\n ويذكر هنا ان حركة »فتح«, التي اسّسها الراحل ياسر عرفات كمظلة حزب سياسي وحدّت المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل, استحالت الآن الى ائتلاف فضفاض من الكتل المتنافسة ملطخّة بمزاعم الفساد وسوء الادارة. ويقول محللون ان ارجاء الانتخابات ربّما يعطي عباس وقتا كافيا لاصلاح حزبه, ولتفادي انهيار في مواجهة »حماس« في الانتخابات التشريعية. \r\n لقد اتّضحت الازمة الماسكة بخناق »فتح« يوم الاحد الماضي في نابلس, عندما اقتحمت عناصر من جناحها المسلّح, »كتائب شهداء الاقصى«, مكاتب للحكومة الفلسطينية مطالبة بوظائف في اجهزة الامن التابعة للسلطة الفلسطينية, حسب ما ذكرت وكالة الاسوشيتد برس. \r\n أما »حماس«, فدانت هذا الإرجاء قائلة ان التزام الرئيس بعقد الانتخابات في شهر تموز, اعتبر ركناً اساسياً في اتفاق تم التوصل اليه في وقت سابق من هذا العام, بشأن الوقف المؤقت للهجمات على اسرائيل. \r\n ومع توكيد »حماس« مجددا على التزامها بالتهدئة الهشّة المستمرة منذ اربعة شهور, وانعشت الآمال بإحياء مباحثات السّلام, فإن ارجاء الانتخابات يتيح لها تلميع معطياتها الاساس كمعارضة مسؤولة لحركة »فتح«. وفي هذا الخصوص, قال الشيخ حسن يوسف, زعيم »حماس« في الضفة الغربية, »ان هذا التأجيل للانتخابات يضعنا في حالة عدم استقرار, ويترك المواطنين الفلسطينيين غير واثقين من مستقبلهم«. \r\n عاد عبّاس, الاسبوع الماضي, الى بلاده, بعد أقلّ من اسبوعين من التمتع بتسليط الاضواء الدولية عليه, اثر لقائه الرئيس بوش في البيت الابيض, ليجد نفسه عليلا من الناحيتين السياسية والصحية. وإذ خضع لعملية جراحية في الاردن, تضاربت اراء اعضاء المجلس التشريعي من »فتح« مع بعضهم بشأن تقرير مصير الانتخابات قبل اسابيع قليلة من اجرائها. \r\n وعلى الرغم من ان هذا الجدال ذو طبيعة فنية بالاساس, الا ان التشاحن بين هؤلاء الاعضاء يعكس عدم الارتياح والاستقرار ذاته داخل صفوف »فتح«, والذي ساعد »حماس« على انتزاع سلسلة من الانتصارات المفاجئة في ثلاث دوائر في الانتخابات البلدية التي جرت خلال الاشهر الاخيرة. \r\n وقال سعيد زيداني, احد المحللين السياسيين في رام الله, ان »فتح« »بحاجة الى ترتيب وضعها الداخلي. فهي حركة من دون ايديولوجية, ودون عزاء يصبغها, ودون زعيمها التاريخي. لذلك, عليها ان تتغير, والاّ ستواجه الانقسام«. \r\n ان ارجاء الانتخابات ينقل اجراءها الى ما بعد الانسحاب الاسرائيلي المقرّر من قطاع غزّة في 15 آب المقبل. ويقول زيداني في هذا الشأن, ان قرار الارجاء سيبعد الانتخابات عن حالة عدم الاستقرار المحتملة في الاسابيع التي تسبق جلاء الاسرائيليين من المستوطنات. \r\n ومع هذا, فيحذّر مراقبون آخرون من ان انسحاب الاسرائيليين قد يُبرِزُ قوى تزيد من تعقيد مقدرة الفلسطينيين على اجراء هذه الانتخابات. \r\n يقول سميح شبيب, أحد نشطاء »فتح«, انه من المرجح ان يكلل الخروج الاسرائيلي من غزة حركة »حماس« كقوة سياسية قائدة فيها, ويشجّع بعض المسؤولين الامنيين في أجهزة عباس على الانشقاق عن »فتح«. وفي الوقت ذاته, فإن الاتصال مع الضفة الغربية قد يزداد تقييدا. \r\n ويضيف شبيب ويقول »بعد الانسحاب, سينشأ عندنا واقع سياسي جديد, وستنقطع الصلة في القيادة بين غزة وبين القيادة السياسية المركزية«. \r\n كريستيان ساينس مونيتور