\r\n ولأول مرة في تاريخ بريطانيا يدخل رئيس وزراء السباق الانتخابي معلنا أنها سوف تكون المرة الأخيرة له للترشح لمنصب رئاسة الوزراء‚ وكأن لسان حاله يقول للناخبين : انتخبوني هذه المرة فلن يطول بي المقام في المنصب وهذا الموقف من بلير يناقض تماما موقف تاتشر من قبل وهي رئيسة الوزراء الأخرى التي فازت بثلاث فترات متعاقبة‚ حيث أنها كانت تسعى حثيثا للاحتفاظ بمقعد رئاسة الوزراء ما وجدت إلى ذلك سبيلا رغم أن حزبها (المحافظين) كان يتأهب لإقصائها من رئاسة الحزب‚ \r\n \r\n وكانت هناك مفارقة أخرى غريبة واكبت الانتخابات الأخيرة تتشابه مع ما حدث في الولاياتالمتحدة فقد حقق بلير الفوز مدعوما بسجل الإنجازات الاقتصادية مع توقع أن يتولى غوردون براون وزير الخزانة ومهندس ذلك السجل زعامة الحزب بعد بلير غير أن إنجازات براون على صعيد الاقتصاد هي في الواقع انجازات هشة لأسباب يمكن أن نعزوها إلى انعكاسات التوسع الأميركي الضعيف في الوقت الحالي ففي كل من بريطانيا والولاياتالمتحدة يغطي النمو على هشاشة حقيقية تعاني منها الدولتان إلى جانب الانفاقات الحكومية التي لا يتوافر لها دعم حقيقي‚ \r\n \r\n ومن الوهلة الأولى يبدو الأداء الاقتصادي لحزب العمال مثاليا‚ فمنذ أن تولى الحزب السلطة قبل ثماني سنوات لم يمض ربع سنوي واحد دون تحقيق توسع اقتصادي‚ وظل التضخم بمنأى عن الأبصار وكان عدد الباحثين عن عمل قبل 20 عاما يمثل معضلة كبيرة تستعصي على الحل إلا أنه في ظل تولي العمال مقاليد السلطة انخفضت نسبتهم لتصل إلى ما دون 5% لتكون بذلك أفضل من نسبتهم في الولاياتالمتحدة وأقل من نصف المعدل الموجود في كل من فرنسا وألمانيا‚ \r\n \r\n غير أن ما تقدم ليس دليلا قاطعا على وجود قدرات خارقة ل «الطريق الثالث» ففي الولاياتالمتحدة نجح التوجه الاقتصادي لروبين فترة التسعينيات ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السياسات الصارمة التي تخلت عن الالتزام باللوائح خلال ولاية ريغان وقد تمخضت تلك السياسات عن وجود سوق عمل يتمتع بالمرونة لدرجة قللت إلى حد كبير من أعداد الباحثين عن عمل دون إثارة التضخم وبالمثل فقد جاء نجاح الطريق الثالث في بريطانيا ليعكس انقضاض حقبة مارغريت تاتشر على اتحادات العمال‚ \r\n \r\n بيد أن التشككات الحقيقية حول أداء حزب العمال الاقتصادي تكمن في كونه قد تشبث بما يشبه الفقاعة الضخمة للثروة‚ فقد ارتفعت أسعار العقارات في بريطانيا بنسبة 165 % خلال الثمانية أعوام الماضية وهو ما أرهق قدرة المشتري وبعد أن رأى البريطانيون أن قيمة منازلهم قد ارتفعت شعر معظمهم بالأمان بتوفيرهم 5% من الدخل على مدار الأعوام الخمسة الماضية وهو انخفاض عن نسبة 9‚4% عندما جاء بلير للسلطة عام 1997‚ والآن استقرت أسعار العقارات في بريطانيا ولذا فلربما يتغير نموذج تضخم الإنفاق وقلة التوفير وقد تكون المسؤولية القانونية هي مفتاح قوة للأداء الاقتصادي للعمال‚ \r\n \r\n كما جاء الإنفاق الحكومي ليمثل دعامة اقتصادية رئيسية لحزب العمال ففي فترة ولاية بلير الأولى كان هناك فائض كبير في الميزانية‚ إلا أنه ومنذ العام 2000 تقلصت الميزانية من فائض قدره 1‚6% لتهبط إلى عجز 2‚9% تلك الفورة في الإنفاقات قدمت دعما اقتصاديا كبيرا بيد أن موعد سداد تلك الفواتير قد حان الآن ومع تقلص سوق العقارات تكون المزية قصيرة الأمد متلازمة جنبا إلى جنب مع أزمة على المدى البعيد‚ \r\n