\r\n جاء بلير الى السلطة بقوة عام 1997 وهو عازم على إعادة صياغة بريطانيا لكن نجمه بدأ في الأفول نتيجة دخوله في مغامرات سياسية خاسرة ابتداء من حرب العراق التي قوبلت برفض شعبي كبير وانتهاء بمواضيع مضحكة مثل عدد أسرة العمليات في المستشفيات والمدارس التي رسب تلاميذها في الامتحانات‚ ولإعداد المسرح للفوز بولاية ثالثة وليتقدم على ابن حزبه ومنافسه القديم غوردون براون لا يحتاج بلير الى الفوز فقط بل الى الفوز بقناعات الناخبين‚ ولتحقيق ذلك عليه استعادة ثقة تلك الأعداد الكبيرة من الناخبين التي لم تعد منبهرة بأدائه الدبلوماسي على المسرح الدولي‚ ولعل بلير قد أدرك هذه الحقيقة‚ ففي خطابه في مؤتمر الحزب الذي عقد في فبراير الماضي قال للشعب البريطاني «الآن يجب ان تجلسوا وتفكروا وان تقرروا هل انتم راغبون في ان تستمر هذه العلاقة» ويبدو ان استقراره العائلي الذي استخدم بدهاء كبير في حملاته الانتخابية السابقة لكسب أصوات النساء لم يعد يجدي نفعا‚ ففي احدث استطلاع لمعهد «موري» في شهر فبراير المنصرم انخفضت نسبة التأييد النسائي له الى أقل من نقطتين مقابل عشر نقاط في استطلاع اكتوبر الماضي‚ وفي احد الاستطلاعات قالت غالبية النساء انهن لا يثقن فيه‚ وأسوأ من كل ذلك ان تؤدي معاركه البرلمانية المتكررة وعثرات مستشاريه السياسيين الى اضعاف الفكرة السائدة عن الحزب الذي لا يقهر‚ \r\n \r\n \r\n كتب بولي توينبي في صحيفة الغارديان الموالية لليسار «لا أحد يتوقع خسارته لهذه الانتخابات» قاصدا بذلك مؤيدي بلير من حزب العمال‚ وأضاف «لكن وللمرة الأولى بامكانهم ان يتخيلوا ذلك» وهذا يدل بوضوح على سقوط بلير وانهيار شعبيته منذ 1997 عندما قاد حزبه الى السلطة بعد ثماني عشرة سنة في مقاعد المعارضة‚ وفي 2001 انتخب لولاية ثانية بنصر هزيل مقارنة بفوزه الأول‚ ومنذ ذلك التاريخ وما تلاه من غزو العراق والنغمة المتصاعدة عن عدم استقرار حزب العمال‚ وعدم قدرته على الايفاء بوعوده حول النهوض بمستوى التعليم والخدمات الصحية على المستوى القومي قد احدثت شرخا كبيرا في ثقة البريطانيين‚ وأثارت كثيرا من الاسئلة حول قيادة بلير‚ \r\n \r\n بدون أدنى شك شكلت الحرب العراقية أعمق الجراح السياسية فقد بنى سياسته الخارجية على تحالف غير مسبوق مع الولاياتالمتحدة وتبنى علانية قناعات بوش حول تجريد صدام حسين من اسلحته والتي أصر على انها أسلحة دمار شامل وتشكل تهديدا مباشرا‚ الزعم الذي تبدد بعد انتهاء الحرب مسببا شرخا كبيرا في مصداقيته كقائد لأمة خاصة بين ناخبيه الذين يعارضون بشدة دخول الحرب‚ \r\n \r\n وقال استاذ أنظمة الحكم في جامعة إيسيكس البروفيسور انتوني كيتنغ‚ من الواضح ان عددا كبيرا من الناس اداروا ظهورهم للحكومة بسبب الحرب‚ وان نسبة كبيرة منهم تحولت الى معاداة الحكومة واستطرد متذكرا‚ وحتى قبل الحرب وجدت حكومة بلير متورطة في التلفيق والأكاذيب والتعامل بمعايير مزدوجة اضافة الى ان آلية الحزب الانتخابية قد أصابها الضعف نتيجة الانقسامات الداخلية في الحزب بين بلير وبراون في وقت بدأ فيه المحافظون يكتسبون بعض الثقة بقيادة مايكل هاوارد‚ وفي هذا الصدد كتب بيير مورغان المحرر السابق للديلي ميرور «مايكل هاوارد يفكر بجدية بانه سيكسب الانتخابات القادمة»‚ والشيء الغريب انني بدأت اتفق معه حول ذلك قد يبدو كل ذلك مجرد ارهاصات انتخابية تسبق الانتخابات الحقيقية‚ ولكن رغم محاولة المحافظين لاستغلال موضوع الحرب فانهم بحاجة الى تحول كبير لتحقيق ذلك‚ \r\n \r\n قد يعاني بلير من الملل الذي يصيب الناخبين في حالة مثل حالته الفوز بولايتين والإقدام على ذلك للمرة الثالثة لذلك بدأ في تجنب وسائل الإعلام التقليدية التي يراها معاونوه بانها اصبحت دائمة العداء واتجه الى اجراء سلسلة من المقابلات التليفزيونية العلنية التي تهدف للوصول الى فئات معينة من الناخبين خارج الحلقة السياسية التقليدية‚ ولقد ظهر في عدة مناسبات خلال الأسابيع السابقة في عروض تليفزيونية نهارية لتبادل الأحاديث الودية مع الجمهور والتي عرضته لغضب النساء وقسوة النقد مما يدل على ان كل الطرق التي سيلجأ اليها بلير لم تعد قادرة على دفعه من هذه السقطة‚ ومن أغرب الأمور أن معاونيه يصفون ذلك باستراتيجية الماسوشية اي تلذذ المرء بالاضطاد التي تهدف الى تفريغ شحنة غضب الناخبين قبل موعد الانتخابات الحقيقية‚ \r\n \r\n \r\n