سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غزة تموت جوعًا | انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة
البطون خاوية، والأعين ذابلة، والوجوه شاحبة.. لم يعد الجوع في غزة مجرد شعور، بل صار وجعًا دائمًا ينهش الأجساد الصغيرة، بينما يقف الآباء عاجزين عن إنقاذ أبنائهم. لم تعد غزة تواجه الحرب وحدها، بل صار الجوع عدوها الحقيقي، يحاصر أرواح المدنيين وسط صمت العالم، وصرخات أمهات لا تجد من يسمع، وأطفال يموتون، لا بالرصاص، بل من الجوع. هنا، أصبح الشعار مرًّا وواضحًا "إما أن يصل الغذاء... أو يصل الموت أولًا". مؤشرات المجاعة: أرقام تنذر بكارثة شاملة أصدرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي تحذيرات متكررة من مجاعة وشيكة، مؤكدين أن أكثر من 470 ألف شخص في قطاع غزة باتوا في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، أي في حالة جوع "كارثي". ويعيش جميع سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، في درجات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. من المتوقع أن يحتاج نحو 71 ألف طفل و17 ألف أم إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد، وهو ارتفاع مقلق مقارنةً ب60 ألف طفل مطلع العام. وأكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، أن: "عائلات غزة تتضور جوعًا، بينما يبقى الطعام الذي يحتاجونه محاصرًا على الحدود". من جانبها، حذرت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، أن الجوع لا يظهر فجأة، بل هو نتاج تراكمات حين تمنع المساعدات، وتنهار الأنظمة الصحية، ويترك الأطفال دون أدنى وسائل للبقاء. المعابر المغلقة: المساعدات تقف على الأبواب منذ 2 مارس 2025، تعيش غزة تحت حصار خانق تسبب في توقف كامل تقريبًا لتدفق المساعدات، ونتيجة لهذا الحصار، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يصل إلى 3000% في بعض الحالات، ما جعلها خارج متناول معظم الأسر. أعلن برنامج الأغذية العالمي في 25 أبريل نفاد مخزوناته، وتوقفت المخابز المدعومة عن العمل بعد نفاد دقيق القمح ووقود الطهي، وحتى طرود الإعاشة التي تكفي لأسبوعين استنفدت في نفس الأسبوع. كما أعلنت اليونيسف عن نفاد مخزونها من العلاجات الوقائية للأطفال، وسجلت نقصًا حادًا في مخزون علاج سوء التغذية الحاد، مضيفة أن هناك أكثر من 116 ألف طن متري من الغذاء، وهي كمية تكفي لإطعام مليون شخص لأربعة أشهر، لا تزال عالقة في الممرات الإنسانية، بانتظار فتح المعابر. الزراعة في مهب الحرب: الأرض لا تنتج والماشية تنفق أفادت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن 93% من سكان غزة في وضع غذائي حرج أو أسوأ، فيما يواجه 12% نحو 244 ألف شخص خطر المجاعة الفعلية. فضلًا عن تدمير 75% من الأراضي الزراعية، وخرجت 83% من آبار الري عن الخدمة، ونفق عدد كبير من الماشية، مما ساهم في فقدان أي قدرة محلية على إنتاج الغذاء. صرخات من الداخل: جوع يغمى له الأطباء في تصريح صادم، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أن الوضع في غزة أشبه ب"جحيم على الأرض"، لافتًا أن الأطباء والعاملون في المجال الإنساني يغمى عليهم من الجوع والإرهاق. وأعلنت الأونروا أن أكثر من 1000 شخص لقوا حتفهم جوعًا منذ نهاية مايو، خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات، خلال منشور لها على حسابها في فيسبوك، قائلة: "حتى موظفينا يتضورون جوعًا". وأكدت منظمة اليونيسف أن الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية بين الأطفال، وقالت إن الوصول للمساعدات محدود جدًا ومحفوف بالمخاطر، والمياه النظيفة دون مستوى الطوارئ. المساعدات تحت النار: الموت في طوابير الغذاء ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 20 شخصًا توفوا خلال يومين فقط نتيجة مضاعفات سوء التغذية، بينهم رحيل محمد رصرص (32 عامًا)، والطفل عبد الحميد الغلبان (14 عامًا). ولم يسلم منتظرو المساعدات من الرصاص، حيث قُتل 73 شخصًا وأُصيب أكثر من 150 آخرين أثناء انتظارهم عند نقاط توزيع الغذاء، وفق ما نقلته وزارة الصحة وتقارير طبية محلية. وفي 10 يوليو، لقي 14 طفلًا مصرعهم بعد استهداف مركز لتوزيع المكملات الغذائية في غزة، في واحدة من أبشع الهجمات التي وثّقتها المنظمات الإنسانية. تحذيرات دولية ونداءات أخيرة: الوقت ينفد تجمع منظمات الأممالمتحدة على أن الكارثة لا تزال تتفاقم، وتحذر من أن استمرار الحصار سيؤدي إلى مجاعة شاملة يصعب السيطرة عليها. وطالبت الأونروا، واليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمي ب: * رفع الحصار فورًا * إدخال المساعدات الغذائية والدوائية دون قيود * الالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي الساعة تدق، والمجاعة لم تعد احتمالًا، بل أصبحت واقعًا، فهل ينتظر العالم إعلان "المجاعة رسميًا" كي يتحرك؟ أم أن أرواح المدنيين في غزة لا تكفي لفرض تحرك عاجل يوقف هذا الانهيار الإنساني؟