\r\n وساد في حينه شعور بأنه لن يكون بوسع العالم تفادي حدوث حرب مروعة كالحرب العالمية الثانية التي قتل فيها 50 مليون شخص إلا بمساعدة كيان دولي إنساني متخط للحدود القومية. ثم تم الاتفاق على إنشاء مجلس للأمن يتمتع بصلاحيات كبيرة ليضيف قوة التنفيذ إلى القرارات الدولية وتفادي قصور عصبة الأمم الميتة التي أثبتت عقمها في وجه العدوان الفاشي. \r\n \r\n \r\n وهذه المرة سيكون موقع مقر الكيان الدولي في عقر أميركا في مانهاتن بنيويورك، ليرمز هذا إلى التزام أميركي بالتحكيم العالمي بعد أن كانت الولاياتالمتحدة أكثر ميلاً إلى الانعزالية في السابق. \r\n \r\n \r\n حسناً، ها نحن ذا في 2005 بعد مرور نحو 60 عاماً على تأسيس الأممالمتحدة، ولقد قتل من الناس في الحروب التي نشبت منذ 1945 أكثر مما قتل في الحرب العالمية نفسها. \r\n \r\n \r\n والأميركيون الآن لا يثقون بسجل الأممالمتحدة بقدر إعجابهم ربما بمبادئها المثالية نظرياً.. لماذا؟ \r\n \r\n \r\n لقد تسببت سياسات الكتلة السوفييتية على مدار نصف قرن بتسميم هذا الكيان الدولي. فالأنظمة الديكتاتورية التي كانت قد قتلت ملايين الناس من شعوبها حظيت بأصوات في المنظمة الدولية لا تقل عن أصوات العديد من الديمقراطيات الغربية. \r\n \r\n \r\n والتزمت بلدان العالم الثالث الصمت حيال ذبح 80 مليون شخص على أيدي ستالين وماو تسي تونغ، وقتل ملايين آخرين في الحروب الطائفية والقبلية في أفريقيا وآسيا. \r\n \r\n \r\n إن الحكومات المنتخبة قد حلّت محل الحكام الاوتوقراطيين في كل من بنما ونيكاراغوا وصربيا وأفغانستان والعراق، بفضل التحركات الأميركية فقط، وليس بفضل مقررات الأممالمتحدة. وفضيحة الفساد في برنامج النفط مقابل الغذاء قزّمت فضيحة إنرون، مع أن كليهما تشتركان في نفس أعراض إساءة استغلال النفوذ والتلاعب بالوثائق والحسابات. \r\n \r\n \r\n ويبدو أن وصفة الأممالمتحدة لمعالجة الفقر العالمي تقوم على إعادة توزيع الثروات، وليس تعزيز الثروات. وكأن البلدان الفقيرة مثل المكسيك أو نيجيريا أو فنزويلا ليس لديها ثروات طبيعية، أو كأن اليابان وسويسرا الغنيتين تزخران بالثروات الطبيعية. \r\n \r\n \r\n إن الفكرة الليبرالية الغربية بأن العقل الجمعي يتفوق على القوة هي فكرة تصلح للديمقراطيات، لكن كيف يمكن إقناع ديكتاتور مثل بول بوت أو كيم يونغ ايل أو صدام حسين بالتوقف عن تقتيل شعبه والشعوب الأخرى بدون اللجوء إلى شكل من أشكال التهديد الموثوق أو الردعي الفعال؟ وإذا كانت السلطة الأميركية بفروعها التشريعية والقضائية والتنفيذية تمارس المساءلة والمحاسبة على بعضها البعض، فمن أو ما الذي سيراقب الأممالمتحدة؟ \r\n \r\n \r\n لماذا لا يتم الإصرار على وجود دستور ديمقراطي كشرط مسبق لتأهيل أي دولة لعضوية الأممالمتحدة؟ \r\n \r\n \r\n لماذا تستحق فرنسا مقعداً دائماً في مجلس الأمن، وليس اليابان أو الهند، خاصة وأن تأسيس الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يترجم في فيتو أوروبي واحد في الأممالمتحدة؟ ولماذا يتم ترقية موظفي الأممالمتحدة القدماء مثل كورت فالدهايم أو كوفي عنان، في حين أن هناك شخصيات عالمية خارج الأممالمتحدة لها سجلات حافلة بالإنجازات الحقيقية والاستقامة مثل فسلاف هافيل أو إيلي ويزل يمكن أن تشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة بصورة مشرّفة؟ \r\n \r\n \r\n ثم هناك موضوع موقع المقر الرئيسي للأمم المتحدة بحد ذاته في تيرتل باي. إن الدبلوماسيين هناك يعيشون حياة مانهاتن المترفة فيما تفصلهم محيطات عن الأزمات التي يفترض بأنهم يعالجونها في أفريقيا وآسيا. كما أن التغطية الإعلامية العالمية في الاستديوهات المجاورة «بث حي من نيويورك» توفر بوقاً الكترونياً مجاناً للأصوات المتماشية مع موضة معاداة أميركا. \r\n \r\n \r\n والكثير من هؤلاء المندوبين يتمنون في قرارة أنفسهم العيش في أميركا لأطول فترة ممكنة، في حين أنهم يصرحون علناً بكرههم لها. \r\n \r\n \r\n يجب نقل مقر الأممالمتحدة إلى بوليفيا أو الكونغو أو الضفة الغربية، حيث يمكن مراقبة الجوع والحرب والنزاعات ومعالجتها بشكل مباشر. صحيح أنه يجب على الولاياتالمتحدة الاحتفاظ بعضويتها ودفع التزاماتها المالية، وهو الأمر الذي تبني عليه سلسلة كاملة من الإصلاحات الهيكلية الجذرية في الأممالمتحدة. \r\n \r\n \r\n لكن في هذه الأثناء، ولكي يتمكن هؤلاء الأفلاطونيون الأثرياء من استعادة عاصمتهم الرمزية المفقودة، عليهم أن يمارسوا مهنتهم في الأماكن التي تجري فيها أزمات العالم، بدلاً من الاسترخاء في نيويورك والاكتفاء بالخطب المنمقة السهلة. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» خاص ل «البيان» \r\n \r\n