نيسان تشارك ب4 سيارات سيدان ودفع رباعي ب«معرض بكين».. لن تصدق مواصفاتها    لندن تستدعي سفير روسيا احتجاجا على نشاط خبيث على أراضيها    إبراهيما نداي قبل مواجهة دريمز الغاني: لن نخذل جماهير الزمالك    الحماية المدنية تسيطر على حريق داخل محطة محولات كهرباء بمدينة المنيا    كلام نهائي.. موعد امتحانات نهاية العام وبدء الأجازة بالجامعات    هل انفصل أحمد السقا عن زوجته مها الصغير؟.. رسالة غامضة تثير الجدل على فيسبوك    دينا فؤاد: «نور الشريف تابعني كمذيعة وقال وشها حلو.. وأرفض أي مشهد فيه فجاجة»    توب مكشوف.. هنا الزاهد تغازل جمهورها في أحدث ظهور    سميرة أحمد تكشف سر خلافها مع وفاء صادق    ذوي الهمم والعمالة غير المنتظمة وحماية الأطفال، وزارة العمل تفتح الملفات الصعبة    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    محافظ القاهرة: تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال بكل حزم    الزراعة: إصلاح الفدان الواحد يكلف الدولة 300 ألف جنيه    وزيرة التخطيط: الفجوة التمويلية في الدول النامية تصل إلى 56%    برلماني: استرداد سيناء ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    كرم جبر : الرئيس السيسي رفض الرد على نتنياهو أكثر من مرة    اختفاء دول.. خبير أبراج يتوقع مرور العالم بأزمات خطيرة    مفتقداكي يا خيرية.. سميرة أحمد تبكي على الهواء بسبب شقيقتها    جماعة الحوثي تشن 5 هجمات ضد السفن في البحر الأحمر.. فيديو    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    الأونروا: قطاع غزة يشهد موجة حر غير عادية فاقمت الأزمة المعيشية    كرم جبر: الجهود المصرية تركز على عدم اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية    وزيرة «التخطيط» تشارك بمنتدى التمويل من أجل التنمية بالأمم المتحدة    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى فاقوس المركزي ويحيل مشرف التغذية للتحقيق    الاحتفاء بالشاعر عيد صالح في العودة إلى الجذور بدمياط.. الاثنين المقبل    صلاح ضمن التشكيل الأفضل للدوري الإنجليزي    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    تكثيف أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحي بمحافظات القناة    مصرع طفل سقط في مصرف زراعي بالفيوم    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مؤتمر تين هاج: تطورنا بطريقة جيدة للغاية.. وهذا ما طلبته من اللاعبين    رضا العزب: شيكابالا مش أسطورة    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    الوكالة اللبنانية: الجيش الإسرائيلي قصف عناصر دفاع مدني أثناء إخمادهم حريقا    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    أول تعليق من كلوب بعد تقارير اتفاق ليفربول مع خليفته    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا استمرت بصمة أتاتورك؟، مخاوف تاريخية وراء التردد في ضم تركيا للاتحاد الأورو
نشر في التغيير يوم 06 - 03 - 2005


\r\n
كما انها دولة منفتحة تجتذب الملايين من السائحين والألوف من رجال الأعمال الأجانب والمئات من الباحثين، وجميعهم يتمتع بكرم الضيافة التركي وبجمالها الطبيعي وتراثها التاريخي إلا انهم يجدون صعوبة في رسم صورة متكاملة عن طبيعة هذه الدولة.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذا الكتاب الذي نناقشه هنا، والذي يحمل عنوان «الأتراك اليوم» للمؤلف أندرو مانغو يحاول رسم مثل هذه الصورة المتكاملة لتركيا، من خلال استعراض مسيرة تطورها منذ رحيل مؤسسها والقاء مزيد من الضوء على طبيعة الشعب التركي ومجتمعهم النابض بالحياة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي ضوء المساعي التركية للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، وبعد موافقة الأخير على بدء مفاوضات العضوية مع أنقرة، فإن هذا الكتاب الصادر أخيرا عن دار «أور لوك» الأميركية يلقي مزيدا من الضوء، عبر صفحاته التي تقترب من الثلاثمئة صفحة، على طبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركية في مستهل الألفية الثالثة.
\r\n
\r\n
\r\n
أما مؤلف الكتاب أندرو مانغو فقد ولد في اسطنبول واستكمل معرفته باللغة التركية من خلال دراسته للغتين الفارسية والعربية بمدرسة الدراسات الشرقية في لندن. وخلال الفترة من عام 1947 حتى عام 1986 عمل في هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» وتركها بعد أن تولى رئاسة قسم جنوب أوروبا واللغة الفرنسية. ومنذ ذلك الوقت كرس كل وقته لدراسة الشؤون التركية ومن أهم مؤلفاته كتاب «أتاتورك ... سيرة حياة مؤسس تركيا الحديثة». ويقيم الكاتب الآن في لندن.
\r\n
\r\n
\r\n
أحزان الريف التركي
\r\n
\r\n
يوضح المؤلف انه على الرغم من محاولات أتاتورك للوصول إلى مستويات الحضارة المعاصرة، فإنه عندما توفي في العاشر من نوفمبر 1938 كانت المناطق الريفية البعيدة عن المدن الرئيسية، مثل اسطنبول والعاصمة الجديدة أنقرة وميناء أزمير المطل على بحر ايجه، تعاني حالة من الفقر والتخلف قد تكون أكبر مما كانت عليه تحت الحكم العثماني عشية الحرب العالمية الأولى.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعيدا عن شبكة السكك الحديدية، التي تم توسيعها مؤخرا، فإنه قد لا يمكن الوصول إلى القرى، بل حتى البلدات الصغيرة، سوى بالاستعانة بالحيوانات التي تستطيع وحدها اجتياز الطرق الوعرة. لقد نجح أتاتورك في إحداث التغيير بالمراكز الرئيسية والمدن الكبرى لكن القرى والمناطق الريفية لم تستفد حتى الآن من هذا التغيير.
\r\n
\r\n
\r\n
يشير المؤلف إلى ان إدارة أتاتورك حددت مجموعة من الأهداف لتحديث تركيا تعد بمثابة ثورة ثقافية. إلا ان إحداث التغيير والتحول للدولة التي كانت تعاني من الفقر والتخلف تأخر حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما تضافرت الجهود المحلية مع المساعدات الأجنبية لتدفع بتركيا إلى صفوف العالم الحديث، لتصبح اليوم جزءا من هذا العالم. إلا ان تركيا لا تزال تتخلف عنه كثيرا في العديد من المجالات.
\r\n
\r\n
\r\n
ففي 2001 جاءت تركيا في المركز ال 96 بين 175 دولة بقائمة التنمية البشرية التي وضعها برنامج الأمم المتحدة للتنمية. وبينما جاءت تركيا في الترتيب المتوسط للمجموعة الثانية من الدول التي حققت معدلا متوسطا للتنمية البشرية، فقد جاءت دول جنوب أوروبا، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهي ايطاليا واسبانيا واليونان والبرتغال، في المجموعة الأولى بقائمة الدول الثماني والاربعين. كما حققت الدول التي وعد الاتحاد الأوروبي بمنحها العضوية الكاملة من بولندا وحتى قبرص اليونانية مراكز متقدمة بالقائمة.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذه العلاقة بين عضوية الاتحاد الأوروبي والتقدم في مجال التنمية البشرية تفسر السبب الذي دفع غالبية الأتراك نحو 70% وفقا لاستطلاعات للرأي أجريت في 2003 للاعراب عن رغبتهم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وربما يكون الفقر النسبي الذي تعاني منه تركيا هو السبب الرئيسي وراء عدم شعبية تركيا في أوروبا، إذ يعزز هذا الفقر صورة الأتراك كغرباء في الغرب.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان الاحساس السائد بين العديد من الاوروبيين والغربيين الآخرين بأن الاتراك ينتمون الى حضارة وثقافة مختلفة يؤجج العديد من المشاعر المتناقضة في نفوس الاتراك.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعتقد البعض ان ذلك يمثل دليلاً على القصور التركي، خاصة في مجال التعليم الحديث والهياكل الاجتماعية، بينما يرى الكثير ممن يسيرون على نهج مصطفى كمال اتاتورك «والذين يعرفون بالكماليين منذ عام 1919» انه يتعين على بلادهم ان ترتقي لمستوى الحضارة المعاصرة، وعندما يتحقق ذلك ويصبح شعبها أكثر ثراء وتعليماً، فإن الغرب سيقبل دخولهم في حظيرته.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا ان آخرين اقنعوا انفسهم بأن تحفظات الغرب حيالهم هي نتاج لعداء لا يمكن استئصاله، متجذر في تاريخ الحروب بين الغرب المسيحي والعثمانيين المسلمين. وهؤلاء لايزالون يعتقدون ان الغرب وحضارته يسعيان للقضاء على تركيا.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقيس مؤشر التنمية البشرية متوسط الاعمار والتعليم والوظائف ومؤشرات اخرى عن مستويات المعيشة ومدى جودتها، اما العوامل الخاصة بمدى انتشار روح المبادرة الفردية والتلاحم الاجتماعي فهي عوامل من الصعب قياسها، على الرغم من انها تشكل الاساس لثراء الامم. ويبدو ان تركيا تحتل ترتيباً متقدماً في هذا الصدد. فمواطنوها منفتحون للمعارف الجديدة وعلى استعداد لتسخيرها بما يخدم مصالحهم، كما انهم يتلاحمون في أوقات الشدائد رغم الانقسامات التي تفصل بين آرائهم ومواقفهم في الاوقات العادية.
\r\n
\r\n
\r\n
وتتطلع تركيا الى الانضمام لأوروبا، إلا انه على الرغم من موافقة الاتحاد الاوروبي على البدء في التفاوض بهذا الشأن فإنه من غير المرجح ان يتم ذلك قبل عام 2010. وبحلول ذلك ستكون أوروبا وتركيا قد شهدتا تغيرات كبيرة، وسيكون اكبر تغير في العنصر الديمغرافي.
\r\n
\r\n
\r\n
ففي منتصف عام 2002 اشارت تقديرات رسمية الى ان عدد السكان في تركيا بلغ 69 مليوناً و757 الف نسمة. وعلى الرغم من ان معدل النمو قد انخفض لادنى من 16 لكل ألف «مقابل 29 لكل الف خلال الفترة بين 1955 و1960»، فإن تركيا ستشهد نمواً بشرياً بمعدل مليون نسمة تقريباً كل عام، وذلك في المدى المتوسط، نتيجة للعدد الكبير من النساء اللائي في سن الانجاب.
\r\n
\r\n
\r\n
وبحلول عام 2010، وهو أقرب موعد لامكانية انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، من المتوقع ان يتجاوز عدد الاتراك 78 مليون نسمة، وذلك مقابل 84 مليون نسمة في المانيا التي تعد اكبر الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي من حيث التعداد السكاني. ووفقاً للاتجاهات الحالية، فإن تركيا ستتجاوز المانيا بحلول عام 2020 ليصل عدد سكانها الى 89 مليون نسمة مقابل 85 مليوناً لالمانيا.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن الارقام التركية وحدها لا تعكس الحقيقة بكاملها، فإيران، المجاورة لتركيا سيصل تعدادها السكاني الى 70 مليون نسمة بحلول عام 2010، ومن المتوقع ان يتجاوز 80 مليوناً بحلول عام 2020، اما المؤشرات السكانية بالنسبة لمصر فهي أعلى، اذا من المتوقع ان يصل عدد المصريين في 2010 الى 75 مليون نسمة ثم الى 85 مليوناً بعد ذلك بعشرة أعوام. إلا انه من غير المرجح ان تصل ايران ومصر الى معدل النمو التركي.
\r\n
\r\n
\r\n
صحيح ان الانجازات التي يحققها المصريون والايرانيون على المستوى الفردي هي انجازات مدهشة وتتساوى مع انجازات الاتراك، إلا ان المجتمع في ايران ومصر يأتي في الترتيب بعد تركيا على صعيد التطور السياسي واستيعاب المهارات الحديثة، فالاقتصاد الايراني يعتمد اعتماداً كبيراً على البترول والغاز الطبيعي، بينما تعتمد حياة المصريين على الزراعة والصناعات المحمية.
\r\n
\r\n
\r\n
بينما نجد ان تركيا، على الجانب الآخر، قد نجحت في تطوير جبهة عريضة من التنمية فاقتصادها ينافس بصورة اكبر في السوق العالمية، وشركاتها اكثر عدداً واكبر خبرة، كما تجري اتصالات مع العالم الخارجي بشكل مكثف. وفي الوقت الذي ينتمي معظم الايرانيين في الخارج لمجتمع صفوة في المنفى، فإن الثلاثة ملايين ونصف المليون تركي في أوروبا هم في اغلبهم من العمال.
\r\n
\r\n
\r\n
وتتغلغل الثقافة الاوروبية في المجتمع التركي بدرجة تتجاوز بكثير ايران ومصر، ويبدو ان هذا يعد احدى ثمار الثورة الثقافية التي قادها اتاتورك الذي رأى انه يتعين على تركيا ان تفكر مثل الغرب اذا ارادت اللحاق بالغرب. وفي الواقع فإن مستوى تحضر الشعب التركي واصل الارتفاع، في العقود الأخيرة، وأصبح اعلى بكثير من المستوى السائد في الدول الاسلامية الاخرى، وأهم نقطة اختلاف هي ان المرأة التركية تتمتع بالقدرة على تحقيق طموحاتها وتطوير قدراتها بشكل افضل من نظيراتها في معظم الدول الاسلامية.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان تفوق تركيا في مواجهة جيرانها من الدول الاسلامية يبدو جلياً على مستوى التطور السياسي. صحيح ان المعوقات التي تواجهها الديمقراطية في تركيا عديدة وتتصدى لها وسائل الاعلام التركية وتنتقدها تقارير اللجنة الاوروبية والعديد من المنظمات غير الحكومية، إلا انه لابد من الاشارة الى ان هناك حرية بالاقتراع في الانتخابات التركية منذ عام 1950. وهذه الانتخابات تؤدي الى تغيير حكومات ويضع السياسيون في اعتباراتهم اصوات الناخبين، وبالتالي فإنهم يستجيبون لمطالبهم.
\r\n
\r\n
\r\n
ويمكن القول ان الاطار الدستوري والقانوني التركي يتماشى مع المستويات التي يحددها الاتحاد الاوروبي. ويتمتع النظام القضائي، على الرغم من كل عيوبه واحكامه التي لا يمكن التنبؤ بها، باستقلالية بعيداً عن الضغوط المباشرة، كما تتمتع وسائل الاعلام بحرية كبيرة في انتقاد المسؤولين والنظام السياسي، كما يمكن ان يحصل المواطنون على تعويضات نتيجة لتعرضهم للظلم والقرارات الادارية المتعسفة، رغم انه احياناً ما يتم ذلك من خلال اتصالات بأشخاص نافذين.
\r\n
\r\n
\r\n
ماذا عن حقوق الانسان؟
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان تركيا بلد مفتوح، وليس من الصعب رصد عيوب نظام الحكم وفضحها علناً. إلا أن الزعم بأن تركيا دولة تتعرض فيها حقوق الانسان للانتهاك بشكل منتظم، وهو الزعم الذي غالباً ما يردده أعداء تركيا، وأحيانا ما يستغل كتبرير من جانب المعارضين لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، هو زعم ليس له ما يبرره. فالمواطنون الاتراك يتمتعون بالحرية بالقدر نفسه الذي يتمتع به جيرانهم في البلقان، الذين لا يتعرضون لمثل الانتقادات التي تتعرض لها تركيا.
\r\n
\r\n
\r\n
كما يتمتعون بقدر من الحرية اكبر بكثير مما يتمتع به مواطنو أية دولة اسلامية اخرى. ويرى المؤلف أنه لا يتعين ان يشوه تسليط الضوء على ما يوصف ب «العجز الديمقراطي» في تركيا مجمل الصورة الديمقراطية لهذه الدولة.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا أن المؤلف يعترف بأن العلاقة بين الديمقراطية والحكومة النظيفة هي علاقة معقدة. ففي الوقت الذي تكشف الديمقراطية الفساد المتفشي، فإن سياسات الانتخابات الديمقراطية يمكن ان تشجع الاستغلال الوظيفي ومنح المراكز الوظيفية المهمة على أساس المحسوبية ففي 2002 وضعت منظمة الشفافية الدولية، التي تقوم بنشر قوائم للدول التي يتفشى فيها الفساد بالحياة العامة، تركيا في المركز الرابع والستين بين 102 دولة خضعت للدراسة.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن بين الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي، كانت رومانيا الوحيدة الأكثر فساداً.
\r\n
\r\n
\r\n
ومرة أخرى فإن الحملة ضد الفساد الذي استشرى في تركيا خلال السنوات الاولى من الالفية الثالثة قد تم استغلالها للكشف عن مفاسد وتلاعبات يتم التغاضي عنها واخفاؤها في أماكن اخرى. الا أن الفساد ليس قاصراً على النظام السياسي، فهناك الرشوة والمحسوبية اللتان تعرقلان جهود الاصلاح الاداري.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعتقد مؤلف كتابنا ان العلاج لا يكمن فقط في اضفاء الصبغة الديمقراطية على المجتمع بمختلف اطره، ولكن ايضا في قيام نظام حكم اكثر كفاءة وفعالية. ففي الوقت الذي تم دفع قضية الديمقراطية الى مقدمة القضايا الملحة، فإنه لا يتعين اغفال الحاجة لنظام اداري افضل وأبسط.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول إن تقاليد الدولة العثمانية القديمة، التي تكن كل احترام للدولة والتي ورثتها الجمهورية التركية، تمثل جزءاً من رأس المال الاجتماعي للدولة. ولكن يتعين تحديث وتطوير تلك التقاليد. ويمكن الاستفادة من تجربة الشركات التركية الخاصة التي تحقق نجاحاً في الوصول إلى المستويات الدولية لنظام الشركات الكبرى.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرجع هذا النجاح إلى انفتاح هذه الشركات وحصولها على المعرفة الكافية وتسخير المواهب الموجودة لخدمة التطور والرقي. ويمكن تطبيق هذه العوامل لتفعيل الإدارة العامة في تركيا.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول مانغو انه لا يمكن اختزال الحياة التركية لتصبح مجرد شؤون سياسية أو بيانات حسابية، فعلى الرغم من كل الصعوبات التي يتعرض لها الفقراء في تركيا، فإن الزائر لتركيا سيلحظ، منذ الوهلة الأولى، مدى حيوية الحياة الاجتماعية هناك. فقد أصبح المجتمع التركي أكثر انفتاحاً منذ وفاة أتاتورك، وبمعنى أدق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
\r\n
\r\n
\r\n
صحيح هناك ظلم اجتماعي وعدم مساواة، ولكن المجتمع يتحرك إلى الأمام تدفعه ثقة في النفس ونظرة متفائلة تجاه المستقبل. يبدي وداً تجاه الاجانب، لكنه لا يبدي خضوعاً لهم. إن أحد أهم التغيرات التي طرأت على المجتمع التركي منذ وفاة أتاتورك يتمثل في إعادة اكتشاف الماضي العثماني. وحتى يتمكن أتاتورك من تطبيق ثورته الثقافية، فقد أكد على وصول آسيا الوسطى للأتراك بينما قلل من شأن الإرث العثماني.
\r\n
\r\n
\r\n
أما الآن فإن العنصرين المكونين للكيان التركي يشكلان قوة الدفع الجديدة، فهناك اهتمام بآسيا الوسطى وبالدولة العثمانية التي حققت انجازات امبراطورية ونجح قادتها الذين ينحدرون من أصول عرقية متنوعة في إدارة دولة عثمانية مترامية الأطراف وهم جالسون في اسطنبول.
\r\n
\r\n
\r\n
تغيرات سكانية
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف إن نمط التطور قد تغير ليس على صعيد الشعب فقط، بل على شكل الدولة نفسها بالمقارنة مع أيام أتاتورك. فقد اتسعت مساحات المدن وذلك على حساب الريف. ففي عام 1940 أي بعد عامين من وفاة أتاتورك، كان 25% من سكان تركيا البالغ عددهم في ذلك الوقت 21 مليون نسمة يعيشون في المدن.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 2000 أصبح ثلثا السكان البالغ عددهم 68 مليون نسمة يقيمون في المدن. وليس هناك سوى ما يزيد قليلاً على ربع السكان يتركزون الآن في منطقة مرمرة التي تهيمن عليها مدينتا اسطنبول (التي يقيم فيها تسعة ملايين نسمة) وبورصة (التي يقيم فيها ما يزيد على المليون نسمة). وهناك 25% آخرون من السكان يقيمون على طول شواطئ بحر إيجة (ويتمركزون على ميناء أزمير الذي يحتضن نحو مليونين و250 ألف نسمة).
\r\n
\r\n
\r\n
وتعد مدينة أنطاكيا التي تمثل مركزاً سياحياً يطل على البحر المتوسط، أسرع المدن نمواً في تركيا، حيث شهدت معدل نمو بلغ 5% سنوياً على مدى السنوات العشر التي انتهت في عام 2000 عندما تجاوز سكانها رقم الستمئة ألف نسمة.
\r\n
\r\n
\r\n
أما المدن والمراكز ذات الأهمية السكانية في شبه جزيرة الأناضول (ومن بينها أنقرة، قونيه، ديار بكر وقيصرية) فقد شهدت حركة بناء ضخمة وأصبحت البنايات السكنية والمكتبية الضخمة من المعالم الرئيسية لهذه المدن التي تمتاز بشوارعها العريضة المصطفة بالأشجار على الجانبين وبالمراكز التجارية المزدحمة. ويشعر البعض بالأسى لاختفاء المناظر الطبيعية الجميلة في أماكن كثيرة لصالح المباني الاسمنتية الضخمة التي يمكن للمرء مشاهدتها في أي مكان بالعالم الآن.
\r\n
\r\n
\r\n
كما ازدهرت الحركة السياحية على طول شواطئ بحر إيجة والبحر المتوسط، وهي الشواطئ التي كانت مقفرة حتى الحرب العالمية الثانية. وأصبحت مسألة امتلاك منزل أو فيللا لتمضية العطلات علامة مميزة للحياة التي يطمح إليها أفراد الطبقة المتوسطة. وباختصار فإن الصورة التي أصبحت عليها المدن الآن تمثل رمزاً لدولة عصرية فتية.
\r\n
\r\n
\r\n
أما الطرز المعمارية الرديئة والتخطيط غير السليم للكثير من المدن فإنه يدلل على ان هذه الدولة لاتزال فقيرة نسبياً وتعاني من ادارة سيئة. فأساليب البناء السيئة في مناطق يتم تطويرها على عجل وبمواد خام مخالفة للمعايير تؤدي الى زيادة عدد ضحايا الزلازل والفيضانات والحرائق. ومثل هذه الكوارث تظهر مدى ضعف حكومة تجد من الصعب عليها تنفيذ لوائح خاصة بالبناء والتخطيط، في مواجهة ضغوط اجتماعية وسياسية.
\r\n
\r\n
\r\n
كما تغيرت القرى تغييراً جذرياً منذ ايام اتاتورك، فقد اختفت البيوت المبنية من الطين وحلت محلها بيوت من الحجر والاسمنت. كما اصبحت كل القرى تقريباً مرتبطة بشبكة الكهرباء لتربط جميع المناطق الريفية بالمدن، كما يتم تسجيل جميع اطفال القرى في المدارس الابتدائية المحلية، ومع ذلك فلاتزال هناك قرى متخلفة وفقيرة، خاصة في الجبال الواقعة بشرقي تركيا، لكن سكان هذه القرى لا يعيشون في عالم منعزل، فالحكومة القوية والاقتصاد القومي والاذاعة والتلفزيون تصل الى كل المناطق النائية.
\r\n
\r\n
\r\n
تركيا الأخرى
\r\n
\r\n
\r\n
يتحدث بعض الاصلاحيين الاجتماعيين عن «تركيا الاخرى»، تركيا الفقيرة ذات المستقبل الفقير، إلا ان الحراك الاجتماعي يشهد معدلات مرتفعة وتمثل طبقة متوسطة دنيا كبيرة حلقة الوصل بين تركيا الفقيرة وتركيا الغنية. وأصبح القروي التركي الآن مدركاً لحقوقه كمواطن في الجمهورية.
\r\n
\r\n
\r\n
وخلال النصف الأخير من القرن الماضي نجحت تركيا بشكل أو آخر في خوض غمار مشوار التحديث. إلا أن سوء التخطيط أدى في بعض الأحيان إلى استمرار الهياكل الاجتماعية والاقتصادية غير الملائمة. ولم تنجح اللوائح والعلاقات التي تتسم بها المجتمعات المعاصرة في أن تحل محل شبكات العلاقات الشخصية التي تسيطر على المجتمع التركي.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن تركيا ليست فريدة في هذا المجال، فتشاركها في ذلك دول أخرى في جنوب أوروبا، إلا أن عضوية هذه الدول بالاتحاد الأوروبي ساعدتها في تصحيح أوضاعها والتوفيق بين القوانين الأوروبية وشبكة المصالح الشخصية، وسواء دخلت تركيا في عضوية الاتحاد الأوروبي أو لم تدخل فإنه يتعين عليها أن تقلل من درجة تسامحها تجاه التراخي وعدم انتهاج قوانين محددة تساير المفهوم العصري للتقدم.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول الكاتب ان الخلط الواضح في تركيا بين مفهومي التحديث والتقدم يلخص طبيعة المجتمع التركي اليوم. وهناك مثل صغير يلخص مثل هذا الخلط، فالزائر الذي تهبط طائرته بمطار أتاتورك بمنشآته العصرية في اسطنبول، بامكانه أن يحجز بطريقة اليكترونية مقعداً في أحد الباصات التي تقدم خدمات متطورة للركاب المتوجهين إلى مختلف المدن التركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقود مثل هذه الباصات سائقون على مستوى عال من التدريب، إلا أنهم قد يصطدمون بجرار زراعي يقوده مزارع على الجانب الخاطئ من الطريق أو بسيارة خاصة لا يحترم سائقها إشارات المرور المتعارف عليها. وقد يحاول البعض إظهار شجاعتهم النادرة في الخروج من المواقف الحرجة إلا أن ذلك يكون على حساب القوانين التي تتسم بالحذر والتي تنتهجها المجتمعات الحديثة. وعلى سبيل المثال، كانت أسوأ كارثتين في تاريخ الخطوط الجوية التركية بسبب طيارين جسورين صمموا على إظهار براعتهم في الهبوط وسط ظروف جوية سيئة.
\r\n
\r\n
\r\n
أما إذا واجه طيارون غربيون أكثر حذراً مثل هذا الموقف، فإنهم لن يترددوا في العودة بطائراتهم، ولن يجازفوا بالهبوط وسط هذه الأجواء.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى صعيد التعليم، يقول المؤلف إن عدد النساء في نظام التعليم العالي التركي يتزايد بمعدل سريع، ويكاد يقترب الآن من عدد الرجال، كما أن نسبة النساء في معظم الوظائف الليبرالية مرتفعة. ومع ذلك فإنه في القرى والبلدات لا تزال المرأة ضحية لجرائم الشرف. ولذلك فإن رأيي الشخصي في الأتراك وتركيا يعتمد إلى حد كبير على معرفته لمختلف الطبقات والمناطق في هذه الدولة ذات الأوضاع المتضاربة.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا أن هذا التضارب بين مناطق وأخرى في الدولة وبين شريحة وأخرى في المجتمع لا يعني أنه ليس هناك تغيير. فتركيا على الرغم من كل تناقضاتها وتعقيداتها، تتجه نحو الغرب ونحو الحضارة المعاصرة التي بشر بها أتاتورك شعبه.
\r\n
\r\n
\r\n
الخط الأكثر أهمية
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان كثيراً من الغربيين يرون ان الدين هو الخط الفاصل الرئيسي بين تركيا والغرب، بل قد يكون خط المواجهة الأول بين الجانبين. فمنذ بضع سنوات أشار بول هينز، وهو خبير أميركي محنك في الشؤون التركية، إلى ان الأغلبية العظمى من الاتراك هم مسلمون، مثلما هي الحال بالنسبة للأغلبية العظمى من الأوروبيين والأميركيين الذين يعتنقون المسيحية.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا أنه يرى أن الدين الإسلامي في تركيا اليوم يماثل الدين المسيحي الأوروبي في القرن التاسع عشر، وبالتالي فإن تزايد عدد بناء المساجد في تركيا منذ عام 1950 يماثل إلى حد كبير انتشار الكنائس في بريطانيا الصناعية خلال العصر الفيكتوري.
\r\n
\r\n
\r\n
كما تعكس المناقشات الساخنة والجدل الدائر حول التعليم الديني في تركيا اليوم صدى الصراع الذي دار من قبل بين المؤسسة الدينية والمؤسسة العلمانية في فرنسا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد استلهم أتاتورك النموذج الفرنسي عندما قرر إعلان الجمهورية التركية كدولة علمانية، وبعد وفاة أتاتورك، وخاصة منذ عقد الخمسينات من القرن الماضي، شهدت هذه الدولة العلمانية ما يمكن وصفه بتعبير «النهضة السنية الإسلامية»، وأدى ذلك إلى قيام عالم الانثروبولوجيا البريطاني الشهير ديفيد شانكلاند بمقارنة هذه الصحوة الدينية في تركيا بالتراجع الديني في أوروبا مشيراً إلى ظهور قوى دينية تسعى إلى تولي مقاليد الحكم في تركيا.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد عدة أشهر من نشر آراء العالم البريطاني، تم انتخاب حزب العدالة والتنمية، ذي الميول الدينية ليتولى مقاليد الحكم في تركيا. إلا أنه بعد الانتخابات مباشرة، أعلن الحزب الفائز عن ميله للنظام الجمهوري العلماني، وطالب بعدم اعتباره حزباً إسلامياً، والنظر إليه على أنه حزب سياسي يمثل يمين الوسط، ويمكن اعتباره مناظراً لأفكار ومباديء الديمقراطيين المسيحيين في غرب أوروبا.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن كان على الحزب ان يثبت هذا الطرح. وجاء تعيين رجل دين مسلم ليبرالي، درس الفلسفة في انجلترا، في منصب وزير الدولة للشؤون الدينية ليؤكد جدية سعي الحكومة الجديدة للسير على نموذج أوروبا الغربية.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان هذه الصحوة الإسلامية في تركيا تأتي كرد فعل على العلمنة المتواصلة للمجتمع التركي، مثلما تطورت الحركة الدينية ابان العصر الفيكتوري على خلفية علمنة المجتمع البريطاني، ويعتقد مانغو ان هذه الظاهرة ليست دلالة على صدام مقبل بين الحضارات، ولكنها سمة مشتركة في تطور الحضارة العالمية.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد شهدت الديمقراطية والعلمانية والحكومة والإدارة اللتين لا تعتمدان على علاقات شخصية تطوراً تدريجياً في إطار مجتمع مدني نشط في الغرب، حيث تمتد جذورها، وعلى النقيض من ذلك، فإن تركيا تسير على طريق صعب نحو الحداثة وهو طريق رسمه أتاتورك وتعزز بعد وفاته ليس فقط على أيدي مصلحين آخرين، بل نتيجة لقوى العولمة أيضاً.
\r\n
\r\n
وبصورة عامة فإن تركيا تتوق إلى الحداثة، وتتطلع إلى الاعتراف بها كدولة عصرية، وإلى احترام الآخرين لها كدولة عضو في أسرة الدول المتقدمة.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.