أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    الخارجية الفلسطينية تُرحب بقرار الأمم المتحدة بتمديد ولاية وكالة الأونروا    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    تطورات غزة تلقي بظلالها على إسرائيل: ضغوط داخلية وتحذيرات أمنية في القطاع    رئيس لبنان: نعتمد خيار المفاوضات مع إسرائيل لوقف الأعمال العدائية    غرامة على إكس، معركة دبلوماسية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي على المحتوى المضر    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    تايكوندو - معتز عاصم يتوج بذهبية بطولة العالم تحت 21 عاما    يورتشيتش يكشف عن قائمة بيراميدز لمواجهة بتروجت في قمة مؤجلة بالدوري الممتاز    لارا أبوسريع تحصد الميدالية الذهبية في كأس مصر للجمباز    أبو ريدة عن مجموعة مصر في كأس العالم: متوازنة لكنها ليست سهلة    كرة سلة - الأهلي يستهل مشواره بالفوز على جمعية الأصدقاء الإيفواري في بطولة إفريقيا للسيدات    محامي ضحايا مدرسة "سيذر" يكشف تفاصيل إحالة القضية إلى النيابة العسكرية    فضيحة جديدة في "سيذر"| إعادة موظف مفصول سابقًا بسبب وقائع لا أخلاقية    قارئ قرآن فجر نصر أكتوبر: «دولة التلاوة» يحتفي بالشيخ شبيب    المدير التنفيذي لمعرض الكتاب يوضح سبب اختيار شعار «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» للدورة المقبلة    لأول مرة.. زوجة مصطفى قمر تظهر معه في كليب "مش هاشوفك" ويطرح قريبا    رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الأسبق: ما حدث بحق قحطان الشعبي حماقة.. وأجندات خارجية وراء الصراعات    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    مي عز الدين تخطف الأنظار بأحدث ظهور مع زوجها    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    غلق وتشيمع 10 مقاهي شهيرة بمحطة الرمل سط الإسكندرية    هيئة المتاحف تطلق المرحلة الأخيرة من معرض روايتنا السعودية فى جدة    الصين: نساعد في تحسين الوضع الإنساني في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني    صحيفة المنتخب المغربية: مواجهة البرازيل بذكريات 98    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    مكاتب البريد تتيح إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    إصابة النائبة آيات الحداد ووالدها في حادث تصادم على طريق الواحات    بالأسماء.. تعرف على ال 6 متنافسين فى حلقة اليوم من برنامج دولة التلاوة    ننشر قسيمة زواج بوسي تريند البشَعة بالإسماعيلية ( خاص )    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    من بينهم ترامب.. 3 رؤساء حاضرون في قرعة كأس العالم    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    مصر تخطط لوصول الأسطول التجاري البحرى إلى 40 سفينة عام 2030    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    مواعيد مباريات الجمعة 6 ديسمبر 2025.. قرعة كأس العالم 2026 وبطولة العرب وقمة اليد    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان يطرق أبواب أوروبا باعتماد دبلوماسية مرنة
نشر في التغيير يوم 12 - 07 - 2004


\r\n
\r\n
ولو وافق الاوروبيون على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، فسيكون ذلك لسببين. الأول هو ان تركيا بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، دخلت مرحلة جديدة من تحول مدهش في عمقه. فمنذ تسلم اردوغان منصبه في مارس من العام الماضي، دفع تركيا مسافة أبعد على طريق الديمقراطية مما سبق لها ان قطعته على مدى ربع القرن الماضي. ومن عدة اوجه جوهرية، فقد اصبحت تركيا اليوم مختلفة جدا عن تركيا التي عشت فيها منذ اربع سنوات فقط. والقادة الاوروبيون بدأوا يعترفون بأن تركيا اصبحت ديمقراطية بما يكفي لتدخل ناديهم.
\r\n
\r\n
السبب الثاني الذي قد يدفع قادة اوروبا لقول نعم لتركيا، حينما يجتمعون في هولندا نهاية هذا العام هو ان قولهم لا قد يكون خطراً.
\r\n
\r\n
حيث ان المتشددين الاسلاميين يقولون ان على المسلمين ان يلتفتوا للداخل لان باقي العالم يريد منهم ذلك. وهذا الطرح قد تعزز الى حد بعيد نتيجة الغزو الاميركي للعراق، والقادة الاوروبيون تواقون لمجابهته. فالاتحاد الاوروبي مهتم جداً بارساء الاستقرار في منطقة كبيرة من العالم وهم لا يستطيعون تحمل المجازفة برؤية القلاقل التي قد يعقب رفضهم انضمام تركيا بعدما فعلت كل ما فعلته ما اجل اكتساب العضوية في ناديهم.
\r\n
\r\n
في اكثر بقليل من عام واحد، أثبت رئيس الوزراء التركي انه اكثر التزاماً بالديمقراطية من اي من الزعماء الذين يصفون انفسهم بأنهم «علمانيون» والذين اساءوا حكم تركيا طوال عقد التسعينيات من القرن الماضي. فقد ضمن تمرير تشريعات لتعديلات دستورية تلغي عقوبة الاعدام والمحاكم الامنية التي يسيطر عليها العسكر. كما الغى القيود المفروضة على حرية التعبير السياسي وأعاد الميزانية العسكرية الى السيطرة المدنية لاول مرة في تاريخ تركيا. كما وافق على البث التلفزيوني باللغة الكردية.
\r\n
\r\n
وأنهى ثلاثين عاماً من التعنت التركي في التعامل مع القضية القبرصية، مثلما انهى التوتر التركي اليوناني بفاعلية كبيرة حتى انه زار اثينا في مايو الماضي، وجعل رئيس الوزراء اليوناني كوستاس كارامانليس يؤكد ان البلدين يتمتعان الآن «بعلاقة تعاون تقوم على الثقة المتبادلة».
\r\n
\r\n
هذا البرنامج الاصلاحي مهم بشكل خاص لان رئيس الوزراء التركي الذي يقوده بحماس ونشاط كانت له حياته السياسية الطويلة كناشط اسلامي. فهو يحرص على اداء الصلاة في وقتها كما ترتدي زوجته الحجاب. ومع التزامه بهذا الثبات بالاسلام، فيما يدفع ببلاده نحو الديمقراطية، فهو يزعزع الزعم القائل بأن الاثنين لا يلتقيان.
\r\n
\r\n
تصويت ديسمبر المقبل مهم لاوروبا ايضا بقدر اهميته لتركيا، حيث يشكل فرصة للأوروبيين ليواجهوا مخاوفهم من الآخرين، والخروج من قرون من العداء والشكوك الموجهة ضد المسلمين.
\r\n
\r\n
امل العضوية الاوروبية هو السبب الحقيقي الذي يجعل تركيا تتحرك بهذا العزم نحو الديمقراطية، وهو ما يعني ان اوروبا كان لها بالفعل تأثير ايجابي كبير في الحياة التركية. وهذا يعتبر مثالا مهما على كيفية تأثير الدول الديمقراطية وممارستها لنفوذها من اجل دعم قضية الحرية خارجها. يقول شاهين ألباي المحاضر في العلوم السياسية في جامعة اسطنبول «فيما القوة الصلبة التي تمارسها اميركا تدمر العراق فإن القوة الاوروبية اللينة تعمل على تغيير تركيا».
\r\n
\r\n
قلة من الأوروبيين لا يزالون يشككون في ان تركيا ستدخل ناديهم. وهؤلاء يشيرون الى ان تركيا بلاد كبيرة بمناطق واسعة تفتقر للتنمية الكافية بحيث تستطيع امتصاص قدر كبير من الاموال الاوروبية لكل شيء من الزراعة وحتى المشروعات التربوية. تركيا بلد فقير يمكن للكثيرين من مواطنيها ان يندفعوا غربا مسببين الاضطراب في سوق العمل الاوروبي، مثلما انها بلد اسلامي لم يسبق لها ان عاشت عصر النهضة ثم عصر التنوير او غيرهما من التجارب التاريخية التي توحد اوروبا.
\r\n
\r\n
الساسة في عدة دول اوروبية يردون على هذه المخاوف بدعم حملة «لا لتركيا» او حث الاتحاد الاوروبي على ان يعرض شيئا اقل من العضوية الكاملة في الاتحاد على تركيا.
\r\n
\r\n
في مارس الماضي وبعد عام في السلطة، فاز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه اردوغان بتصويت قوي على الثقة في الانتخابات المحلية. زرت مدينة غاز عنتاب في شرقي الاناضول، تلك المدينة الصناعية الناهضة التي كان دورها في الحضارات الحثية والأشورية والفارسية والرومانية، لاعرف سبب شعبية هذا الحزب الكبيرة. كان جلال دوغان محافظ مدينة غاز عنتاب طوال 15 عاما، وهو زعيم سياسي من حزب الشعب الجمهوري المتشدد في العلمانية.
\r\n
\r\n
لا شيء يمكن ان يحدث بدون رضاه، لقد اقام الحدائق ومد شبكات المياه والصرف، بل وادار فريق كرة القدم المحلي ومع ذلك اصبح دوغان معزولا على نحو متزايد، وعلى الرغم من الاتهامات المتزايدة بالبزخ والفساد، فقد سيطر على غاز عنتاب حتى ان الكثيرين اعتقدوا انه لا يهزم. ومع ذلك فقد تعرض لهزيمة كبيرة في مارس الماضي على يد طبيب مغمور كان مؤهله الوحيد هو انه مرشح حزب اردوغان.
\r\n
\r\n
أردوغان ورفاقه يصرون على انهم ليسوا اسلاميين وانما «ديمقراطيون محافظون» وهم يعنون بذلك انهم على الرغم من كونهم متعلقين بالقيم الآناضولية التقلدية بدلا من نخب المدن، فإنهم لا يسعون الى توسيع نطاق النفوذ الديني ليشمل الحياة العامة. ويسود جدل كبير في تركيا حول مدى صدق هذه الطروحات وبحثا عن جواب اتصلت بمحافظ غاز عنتاب الجديد، عاصم غوزيلبي.
\r\n
\r\n
يقول غوزيلبي: «انني لا اعتبر نفسي متديناً اكثر من كوني اي شيء آخر، وزوجتي لا تضع الحجاب، لو كانت لدي هوية سياسية، فهي بالتأكيد الهوية الديمقراطية وبذلك اعني ان القانون فوق كل شيء، وينطبق على كل شيء انني من عائلة محافظة وهذا الحزب محافظ. كما انه حزب مخلص للنزاهة والشفافية والاتراك متعطشون لذلك لاننا سئمنا من السياسات الفاسدة».
\r\n
\r\n
ويعترف المحافظ غوزيلبي بأنه كان هناك «بعض المتشددين» في حزب العدالة والتنمية الذين قد يتعاطفون مع الاهداف السياسية الاسلامية لكنه يؤكد ان اردوغان ليس واحداً منهم. يقول: «رئيس وزرائنا تغير وتطور. ما كان يقوله قبل خمس او عشر سنوات مضت لا يعني انه غير قادر على التكيف مع العالم المعاصر. انا مقتنع بأنه يؤمن حقا بالديمقراطية. انظروا الى ما يفعله اي دليل اكثر من هذا تريد؟ هذا الرجل يقودنا نحو اوروبا. ليس هناك خطر في ان يقودنا نحو الراديكالية الاسلامية».
\r\n
\r\n
يبدو المحافظ ملتزماً تماماً بالمباديء العلمانية للجمهورية التركية وهو مقتنع بأن رئيس الوزراء اردوغان يشاركه التزامه هذا غير اني ذهبت بعدها ببضع ساعات لنزل فاتن في غاز عنتاب للغداء مع ايكوت توزجو وهو رجل الاعمال الذي ينشر صحيفة محلية والناشط في عدة قضايا مدنية. وحين سألته عما يحدث في تركيا رد متنهدا «لا اعرف ماذا اقول.
\r\n
\r\n
أرى تناقضاً، هؤلاء الناس يدفعون تركيا بقوة نحو العضوية في الاتحاد الاوروبي، لكنهم ايضاً يدفعونها نحو مجتمع اكثر تدنياً في الداخل. لا افهم ما الذي يفعله اردوغان. انني قلق منه. قلق جداً، وانا لست الوحيد في هذا».
\r\n
\r\n
الكثيرون من العلمانيين في تركيا يجمعهم هذا الخوف غير الواضح ولكنه مزمن. وهؤلاء يتساءلون: هل يحاول اردوغان تهديم النظام الذي فرضه كمال اتاتورك في العشرينيات من القرن الماضي، والذي اصبحت فيه المدارس والجامعات والحكومة علمانية خالصة؟
\r\n
\r\n
هل تخلى بالفعل عن ايمانه السابق بالاسلام السياسي؟ هل يريد ان يدفع تركيا الى الاتحاد الاوروبي، لانه بهذا سيجبر العسكر وهم الاكثر تشدداً في الدفاع عن العلمانية على التراجع الى الهوامش بشكل يسمح له بإعادة تشكيل البلاد؟
\r\n
\r\n
حين عشت في اسطنبول في التسعينيات، كان اردوغان محافظ المدينة واسع الشعبية. كان يدير مكتبه بنزاهة ولباقة نادرة في السياسة التركية، كما نجح في رصف الشوارع وتنظيفها من القمامة واصلاح شبكة المياه اكثر من اي محافظ آخر سبقه.
\r\n
\r\n
لكن البعض لم يحب حظره ببيع الخمور في المقاهي المملوكة للمدينة، لكن ما كان يزعجني خلال لقاءاتنا هو انه كان دوماً لا يلتزم الصراحة كلما تحدث عن الشئون الدولية. كانت لديه افكار غير واضحة، تثير الريبة عن قوة السياسة الاسلامية ونقاط قصور الديمقراطية عدة مرات اشار الى انه قد يكون من الحكمة لتركيا ان تلقي بثقلها بين جيرانها في الشرق الاوسط بدلاً من اوروبا البعيدة، وذات مرة قدم تشبيها شهيراً للديمقراطية بسيارة الاجرة، تركبها حتى تصل مقصدك ثم تترجل منها.
\r\n
\r\n
في عام 1999 ادانت محكة تركية اردوغان بتهديد النظام العلماني لانه القى قصيدة حماسية قال فيها « المساجد ثكناتنا، قبابها خوذنا، مآذنها رماحنا، والمؤمنون جيشنا» ، لكن الجميع كان يعرف ان تهمته الحقيقية هي تشكيل حركة سياسية على اسس دينية. وهكذا عزل من منصبه في اسطنبول، وزج به في السجن اربعة اشهر ثم حظر عليه شغل مناصب عامة.
\r\n
\r\n
هذه التجربة ربما تكون قد اقنعته بأن تركيا تحتاج الى مزيد من الديمقراطية. وربما هداه ايضاً المصير الذي رآه لنجم الدين اربكان، الذي اصبح عام 1995 أول رئيس وزراء اسلامي لتركيا، وقد تبنى اربكان علناً سياسات مناهضة للغرب، حيث استقبل قادة ليبيا وايران وحث تركيا على تأسيس وقيادة «ناتو اسلامي» فما كان من العلمانيين المتخوفين بقيادة العسكر إلا ان اجبروه على ترك منصبه بعد عام واحد فقط.
\r\n
\r\n
بعد تلك المواجهة قاد اردوغان مجموعة من متمردي الحزب الذين ارادوا نزع سيطرة حرسه القديم عليه، لكنهم فشلوا فما كان منهم إلا ان تركوه واسسوا حزبهم الجديد، هذا التسلسل للاحداث سمح لهم بترك الكثير من الاسلاميين التقليديين وراءهم وجذب الاصلاحيين الى صفوفهم، بعدها استطاعوا الزعم بأنهم يمثلون شيئاً جديداً في تركيا، حزب جذوره اسلامية سياسية تطور بحيث تبنى ما أسماه اتاتورك «قيماً عالمية».
\r\n
\r\n
\r\n
هذه المنصة الجديدة، مصحوبة بحملة سياسية محلية مكثفة فاقت ما استطاع اي حزب تركي آخر القيام به، دفعت حزب العدالة والتنمية لتحقيق نصر كاسح في انتخابات 2002 القومية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي مارس 2003، اعادت محكمة لاردوغان حقوقه السياسية، وتسلم منصب رئيس الوزراء بعد ايام فقط من تصويت البرلمان التركي بمنع القوات الاميركية من استخدام الاراضي التركية او عبورها لغزو العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وهكذا خرج اردوغان من زنزانة السجن لمكتب رئاسة وزراء بلده في اقل من اربع سنوات، ومنذ ذلك الوقت تتزايد شعبيته باستمرار بحيث يهيمن اليوم تماماً على الحياة السياسية التركية.
\r\n
\r\n
وليتمكن من اقناع الاوروبيين بأن تركيا قد تغيرت بعمق وبدون رجعة، شرع اردوغان يخاطب فيهم اكثر مخاوفهم، وحقوق الانسان تحتل اولوية عالية بين هذه المخاوف، وعلى صعيدها حقق اردوغان تقدماً كبيراً، في كل مناسبة كان يؤكد عدم تسامحه المطلق مع التعذيب، وجهوده حققت اثراً واضحاً لكنه ليس حاسماً بعد، فتبعاً لتقرير نشرته جمعية حقوق الانسان التركية، لم تعد اشكال التعذيب التقليدية تمارس في مخافر الشرطة التركية، لكن الضباط الاتراك لجأوا الى تقنيات لاتترك اثراً.
\r\n
\r\n
وقالت مجموعة من المحامين الاتراك ان هذه التقنيات تتضمن الحرمان من النوم، وتجويع السجناء واجبارهم على الوقوف في وضعيات غير مريحة، ورغم ان حرية الحديث اكبر اليوم في تركيا من أي وقت سابق، فإن بعض المحققين والقضاة يتمسكون حتى الآن بعادات الماضي، في مايو الماضي حكم على صحفي بالسجن بتهمة اهانة ذكرى اتاتورك، فيما تعرضت صحيفة للغرامة لزعمها بأن كل جنرالات الجيش غير أكفاء.
\r\n
\r\n
الوجه الآخر الذي يقلق الاوروبيين في الحياة التركية هو التوجه القديم المدفوع بقوة من جانب بعض من حزب اردوغان لابقاء المرأة ضمن ادوارها التقليدية، عيشة بوغرا البروفيسورة في الاقتصاد في جامعة البوسفور قالت لي انها لا توافق على اردوغان لان سياساته تجاه المرأة ذات توجه عائلي وكلها تهدف لتشجيع المرأة على البقاء في البيت ولم يحاول ابدآ فتح آفاق جديدة امامها.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
وفي يونيو الماضي اصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً مفاده ان العنف ضد المرأة «يتم التسامح معه بشكل واسع بل ويجد الموافقة عليه من قبل القادة المحليين وفي اعلى مستويات الحكومة والقضاء».
\r\n
\r\n
\r\n
كما ان الاوروبيين يتخوفون من تعامل الحكومة التركية مع الاكراد في جنوب شرق البلاد. فهناك، شأن باقي انحاء تركيا، يسود مزيد من الامل، فلم يعد الامر يمثل جريمة ان يؤكد انسان على هويته الكردية،، تعليم اللغة الكردية بدأ في ثلاثة مدن والمزيد من مدارس هذه اللغة ستفتح. ويوم 9 يونيو الماضي اصدرت محكمة حكماً باطلاق سراح ليلى زانا، الناشطة المتشددة في الدفاع عن حقوق الاكراد وثلاثة افراد سابقين في البرلمان دخلوا السجن منذ عام 1994 بتهم دعم الارهاب الكردي، وقالت زانا وهي تخرج من سجنها في انقرة: اعتقد ان حقبة جديدة قد بدأت في هذا البلد، وان صفحة جديدة قد فتحت.
\r\n
\r\n
ويوم 9 يونيو ايضاً، بالمصادفة على ما يبدو ما بدأت شبكة تي آر تي التلفزيونية الحكومية بث أول برامج باللغة الكردية، ثلاثين دقيقة في الاخبار وبرنامج بعنوان «ثرواتنا الثقافية». وبعد مشاهدة البرنامج، قال عثمان بيدامير محافظ ديار بكر، كبرى المدن الكردية قال انه كان «من المهم جداً لنا ان تنتهي ثمانون عاماً من الخطر والارهاب. وشأن معظم الاكراد الاتراك يساند بيدامير انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي وهو يخطط للقيام بجولة على العواصم الاوروبية اواخر هذا العام لحشد التأييد لهذا الانضمام.
\r\n
\r\n
ويجادل بأنه بقبول عضوية تركيا، فإن الاتحاد الاوروبي سيجعل الاكراد جزءاً من اوروبا وهي خطوة ستضمن لهم حقوقهم في تركيا ويساعد في تحقيق الاستقرار في الحياة السياسية الكردية في كل الشرق الاوسط.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.