البعض يقول ان التعذيب لا يمكن ان يكون مبرراً. لكن دعونا نفترض للحظة ان قنبلة نووية زرعت في احدى المدن الاميركية، وسوف تنفجر خلال 12 ساعة، والقي القبض على شخص من المؤكد انه يعرف أين توجد القنبلة، ورفض هذا الشخص الافصاح عما يعرفه. يبدو لي في مثل هذه الحالة ان عدم تعذيب هذا الرجل هو قمة اللاأخلاقية. \r\n \r\n \r\n والجدل بشكل مطلق ضد التعذيب يعني من حيث المبدأ أن أرواح عشرات الألوف من الناس أقل قيمة من حقوق هذا الرجل الواحد، وانا شخصياً لا استطيع القبول بهذا المنطق. \r\n \r\n \r\n والآن دعونا نتأمل في مثال آخر. لنفترض انه تم اعتقال شخص لا يعرف شيئاً عن مكان القنبلة، لكنه يعرف مكان الرجل الذي يعرف مكان القنبلة. وزعم الجميع انهم لا يعرفون، لكن من المؤكد ان واحداً منهم يعرف. هل يمكن تبرير تعذيب العشرة جميعهم لانتزاع الحقيقة؟ \r\n \r\n \r\n اذا كان تعذيب شخص واحد لانقاذ عشرة آلاف مبرراً، فلماذا لا يكون تعذيب عشرة أشخاص مبرراً؟ \r\n \r\n \r\n ولنفترض ان عدد المعتقلين مئة، ولنفترض ايضاً ان الامر لا يتعلق بقنبلة نووية وانها شائعات عن ان سيارة مفخخة ربما وضعت في مكان ما. هل يمكن تبرير تعذيب المئة رجل جميعهم لانقاذ بضعة مئات؟ \r\n \r\n \r\n ولنذهب الى أبعد من ذلك ونفترض ان هناك جماعة من الارهابيين يعتقد انها تخطط لهجوم، هل يمكن تبرير تعذيب أي شخص يتم اعتقاله للوصول الى مشتبهين آخرين؟ \r\n \r\n \r\n في الواقع أن الظروف التي يحدث فيها التعذيب ليست واضحة المعالم أبداً، بل تندرج أكثر الى أسفل هذا المنحدر الشائك. \r\n \r\n \r\n والمشكلة في هذا المنحدر هي أنك في نهاية المطاف تنزلق به الى الحضيض لتصبح بنفس مرتبة الوحش الذي يفترض انك تحاربه. \r\n \r\n \r\n ومن ناحية أخرى، فإن التأكيد بكل بساطة على ان التعذيب لا يمكن تبريره بحال من الاحوال هو أمر يتنافى مع المنطق الاخلاقي. وبالتأكيد انه في حالة المثال الأول، يصبح التعذيب ألزامياً. واذا كنت تفضل ان تترك مدينة كاملة تموت على ان تعذب شخصاً واحداً، فإنك تكون قد اصبحت وحشاَ لا يعرف الاخلاق، تماماً كما لو انك كنت تعذب الابرياء عشوائياً. \r\n \r\n \r\n وأولئك الاشخاص المكلفون بحماية أمن الولاياتالمتحدة يعيشون على ذلك المنحدر الزلق. عليهم ان يتخذوا قرارات. عليهم ان يتصرفوا من دون ان تتوفر لهم معلومات موثوقة. وعليهم ان يعيشوا في عالم من الحقائق غير المؤكدة، والرعب المبرر. وهم يدركون ان القرارات التي يتخذونها أياً كانت سوف يتم مراجعتها بكثير من التمحيص من قبل أشخاص آخرين لم يختبروا تحمل ذلك العبء نفسه. \r\n \r\n \r\n من السهل عليك ان تنتهج نهجاً اخلاقياً، عندما لا تكون لديك مسؤوليات والتزامات ولا يكون هناك اشخاص آخرون يعتمدون عليك. لكن من الأصعب عليك ان تعرف كيف تتخذ القرارات الاخلاقية الصائبة على أرض الواقع في عالم الأمن والاستخبارات الاميركي. \r\n \r\n \r\n ان المناظرات حول قضية التعذيب اتخذت طابعاً يجعلها تشبه افلام الكرتون. فعلى الجبهة الاولى، هناك من يؤيد تعذيب المعتقلين لانتزاع الاعترافات منهم. واذا تبين انهم لا يعرفون شيئاً، عليهم ان يكونوا ممتنين لانهم خدموا قضية عادلة. وعلى الجبهة الاخرى، هناك من يشجب التعذيب بكل اشكاله وفي أي مكان. وأتساءل ما اذا كان هؤلاء سيتمسكون بهذه الرؤيا لو كان التعذيب يمكن ان ينقذ حياة احد أبنائهم. \r\n \r\n هذه موضوعات مثيرة للاهتمام وللنقاش في درس الفلسفة أو في عمود صحافي أو في المقهى. لكن على أرض الواقع في ساحات الحروب، حيث يتخذ الجنود قرارات سريعة يمكن ان تنقذ حياتنا جميعاً، تكون الأمور أكثر صعوبة وضبابية. وأنا شخصياً لا أتمنى ان يتم استدعائي في يوم من الايام لصياغة مسودة قانون بشأن التعذيب يُلزم به الآخرون لكنني لا احترم المجادلات التبسيطية الساذجة - من كلا الجانبين - التي خيمت على قضية التعذيب. فالحياة على أرض الواقع اكثر تعقيداً بكثير من ذلك. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل«البيان» \r\n \r\n \r\n