الحصر العددي يكشف مفاجآت في انتخابات دائرة إمبابة.. مرشح متوفى يحصل على الترتيب الرابع وأصوات إيهاب الخولي تتراجع من 22 ألف إلى 1300 صوت    القومي للمرأة يحذر من مشاركة كلمة السر الخاصة بالهاتف بدافع الثقة    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    قطع مياه الشرب عن 3 قرى ببنى سويف.. اعرف الأماكن والمدة الزمنية    رعاية المبتكرين: إنشاء صندوق مخاطر بقيمة 500 مليون جنيه لدعم الشركات الناشئة والتكنولوجية    «عصمت»: القطاع الخاص شريك في تنويع مصادر توليد الكهرباء    الرئيس اللبناني يطالب مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق وقف إطلاق النار    أسطورة برتغالي يرشح رونالدو للعب في كأس العالم 2030 بعمر 45 عامًا    لقاءات ثنائية مكثفة لقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة    التوأم والدرندلي يلتقطون صورة تذكارية أمام البيت الأبيض قبل قرعة مونديال 2026    اليوم.. افتتاح بطولة إفريقيا للأندية ل«سيدات كرة السلة»    تقارير: الدوري السعودي مستعد للتعاقد مع محمد صلاح    تحرير 847 مخالفة الملصق الإلكتروني ورفع 40 سيارة ودراجة نارية متروكة خلال 24 ساعة    العثور على غريق مجهول الهوية بترعة الإبراهيمية في المنيا    إلهام شاهين تشيد بفيلم giant: مبروك لأمير المصرى والقصة ملهمة    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    حودة بندق يتصدر التريند بعد طرح أحدث أعماله الغنائية    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    الدرندلى وحسام وإبراهيم حسن أمام البيت الأبيض قبل قرعة كأس العالم 2026    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    وكيل الجفالي يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 5-12-2025 فى المنوفية    من هو زعيم مليشيات غزة بعد مقتل ياسر أبو شباب    تحرير 231 محضر مخالفات تموينية وضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    الصين وفرنسا: حل الدولتين الحل الوحيد لضمان السلام بين فلسطين وإسرائيل    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    زي المطاعم، طريقة عمل رولات الدجاج المحشية    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أين ينبع الإرهاب؟أربع فرضيات تلقي الضوء على العلاقة بين العنف والمدنية
نشر في التغيير يوم 16 - 10 - 2004

كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 من أهم الأحداث التي شهدها القرن الحادي والعشرين، ويرى بعض الباحثين أنها كانت دليلاً على بداية نوع جديد من الإرهاب وبداية جديدة ومثيرة لمكافحة الإرهاب.
\r\n
\r\n
فباسم مكافحة الإرهاب تم احتلال العراق وقصفت من قبل ليبيا والسودان وأفغانستان وثمة دول أخرى على الطريق فيما يبدو، والمؤشرات تدل بجلاء على أنه سيتم إعادة رسم خرائط عدة باسم مكافحة الإرهاب.
\r\n
\r\n
ستتغير أنظمة، ويتبدل حكام، باسم مكافحة الإرهاب، ولا أحد يدري ماذا سيحدث غداً باسم مكافحة الإرهاب، أو باسم الإرهاب نفسه.
\r\n
\r\n
اسئلة مؤرقة
\r\n
\r\n
هناك إجماع على اهمية هذ الكتاب وما يلقيه من ضوء على العنف واسبابه والحرب ودوافعها وما بينها من قتل وتشريد وارهاب هنا وهناك لهذا السبب او لذاك، وتكمن هذه الاهمية في ان الكتاب يجيب عن الأسئلة الحائرة التي تدور في اذهان جميع ضحايا العنف والحرب والارهاب، سواء أكانوا دولاً ام حكومات أم افراداً.
\r\n
\r\n
من بين هذه الاسئلة: ما الذي يجعل الناس يلجأون الى العنف سواء أكانوا يفعلون ذلك فرادى أم عن طريق الانضمام الى جماعات؟
\r\n
\r\n
لماذا يلجأ الناس الى ارتكاب الجرائم في زمن الحرب؟ لماذا تلجأ العصابات والقبائل ومشجعو كرة القدم ايضاً الى العنف بكل سهولة؟
\r\n
\r\n
لقد حاول المؤلف جاهداً تعقب مسار هذه الاسئلة الى نهاية طرف علامات الاستفهام واستطاع التوصل الى اجابات لا يستهان بها، وهو يقول ان النزعة الى العنف التي تكمن داخل كل منا هي رد فعل واستجابة لما نتعرض له من عنف ومن تعرض للموت، مشيراً الى ان هذه النزعة اخذت اشكالاً متعددة في مسار تاريخ البشرية.
\r\n
\r\n
وقد ركز المؤلف جانباً من اهتمامه على العنف بين القبائل او العنف الداخلي، لكن اهتمامه الاكبر إنصب على العنف في العصر الحديث، حيث فردت صفحات عديدة من هذا الكتاب للجرائم التي ارتكبها الالمان والسوفييت في عهد الشمولية وللاشكال الجديدة للحرب العالمية ضد الارهاب.
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان القرن العشرين بدأ بآمال كبار، وانتهى في مناطق كثيرة من العالم نهاية مأساوية مؤلمة مثيرة للاحباط، فالعالم يسوده عنف لم يسبق له مثيل، وهناك اعداد لا حصر لها من البشر لاتزال مشغولة بتسوية وقتل بشر مثلهم بكل وسيلة ممكنة.
\r\n
\r\n
ولقي الملايين والملايين حتفهم في ساحات المعارك في حروب استخدمت فيها احدث الاسلحة في ذلك الوقت فألقيت القنابل على المدن وحرقت القرى والمزارع، حدث ذلك في الحروب الاستعمارية والحروب الأهلية على السواء.
\r\n
\r\n
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، كان قد حدث خلل وانقسام بين الدول، ولجأ بعضها الى العنف، كل دولة على طريقتها.
\r\n
\r\n
انتشرت انماط ممارسات المعسكر السوفييتي والصيني، واصبحت حالة الحرب مزمنة في مناطق كثيرة من اسيا واميركا اللاتينية.وعلى الرغم من الادانة الدولية، فقد كانت هناك وقائع عديدة للقتل الجماعي والابادة الجماعية.فقد كان الملايين من اللاجئين يتعين عليهم ان يتركوا منازلهم واوطانهم وطلبوا اللجوء الى دول مجاورة او في مناطق مزدهرة يكونون فيها بعيدين عن القتل.
\r\n
\r\n
وبعد سقوط المعسكر الشرقي انتعشت الآمال مرة اخرى لتحقيق السلام العالمي.لكن الديمقراطيات الجديدة كانت تفتقر الى الارادة السياسية والوسائل العسكرية لقمع الارهاب، وفي النهاية عادت الحرب والارهاب والانفجار الى اوروبا الوسطى التي لاتزال تشهد الى يومنا هذا انواعاً عديدة من الحروب واشكال القتل والابادة الجماعية.ولا يعرف احد ماذا ستطلق الاجيال المقبلة على عصر القتل الجماعي الذي نعيشه الان.
\r\n
\r\n
الفرضيات الاربع
\r\n
\r\n
والواقع أنه لاتزال فكرة المدنية تسيطر على تصورنا للعالم اليوم، وعلى رغم من ان الحرب العالمية الأولى قد شوهت ذلك التصور، الا ان الفكرة في حد ذاتها لاتزال قائمة.
\r\n
\r\n
فعندما دخلت اوروبا في مرحلة سلام لفترة زمنية طويلة نسبياً بعد الكوارث التي شهدتها في النصف الأول من القرن العشرين، استعادت قوتها وجاذبيتها وفي نهاية الألفية استطاعت ان تعلن بزوغ فجر جديد هو عصر الوحدة العالمية والكونية الاخلاقية.
\r\n
\r\n
ثم يطرح الكتاب سؤالاً مهماً: هل الحرب والارهاب يؤثران على فكرة المدنية؟
\r\n
\r\n
ويجيب: ان هناك اربعة براهين تؤكد ذلك:
\r\n
\r\n
أولاً ربما ينظر الى رعب الحروب والاضطهاد لا تعدو كونها نكسات طارئة تجاه احتكار الدولة لوسائل العنف والسيطرة على مقدراتنا الطبيعية وترويض القوة.
\r\n
\r\n
وكان القتل الجماعي الذي يحدث هناك كان يحدث بسبب ان الضمير الوطني لم يكن قد نما بعد، وكانت الدولة غير مستقرة والمدنية غير مكتملة.
\r\n
\r\n
ثانيا: وهو فرضية اخرى عكس الأولى تماما، تقول هذه الفرضية ان ظهور العنف ليس ناتجا عن عدم اكتمال تطور العالم الحديث ولكنه ناتج عن النجاح الطاغي لهذا التطور.
\r\n
\r\n
فالمدنية نفسها هي حالة يكمن في داخلها تفسير اسباب انهيارها. فهي ذاتها يمكن ان تسقط في مستنقع البربرية، والعلم الحديث هو الذي استطاع اختراع القنبلة الذرية، وبيروقراطية الدولة هي التي تتحول الى ممارسة الابادة الجماعية كخدمة عامة وعضو المجتمع في النظام الشمولي يمكن ان يصبح قاتلاً للجماعة.
\r\n
\r\n
ثالثا: الفرضية الثالثة توضح نفسها بنفسها، ووفقا لذلك فان التمدن ضروري ومهم، لكنه ليس شرطا كافيا للارهاب.
\r\n
\r\n
والمدنية تبالغ وتضخم ميولنا الابداعية والتدميرية فبدون سيطرة الدولة على العنف لا تستطيع ان تفي بالاحتياجات اليومية للحياة الاجتماعية، لكن بدون التركيز على وسائل العنف فان الحرب لا يمكن ان تندلع ولا للمذابح ان تنتشر. ووفقا لهذه الفرضية ايضا فلن تكون هناك بربرية من دون ان يكون هناك برنامج للقانون والنظام في الدولة الحديثة، وبدون تباين في الاخلاق وبدون بيروقراطية.
\r\n
\r\n
رابعا: آخر هذه الفرضيات مفادها انه ليس هناك رابط بين المدنية والبربرية لأن السلوك الانساني لم يكن قد تطور على الاطلاق. ان الايمان بالمدنية هو خرافة اوروبية يعبد فيها العالم الحديث نفسه والعواطف والبواعث البشرية لم تتغير بتغير الظروف الاجتماعية.
\r\n
\r\n
فالدوافع القسرية الشخصية ليست وليدة اليوم لكنها احدى سمات جميع الحضارات.
\r\n
\r\n
العنف والقسوة هما من بين متغيرات التاريخ التراثي.
\r\n
\r\n
فكل مجتمع لابد أن يقيد حركة العنف والقسوة عن طريق فرض القوانين والاعراف.
\r\n
\r\n
والاستخبارات في العصر الحديث بكل ما أوتيت من قوة لم تستطع ان تغير من صرامة القانون البشري، لكنها ساهمت في زيادة الاختراعات للوسائل التدميرية.. والاسوأ من ذلك فان فكرة المدينة نفسها ساهمت في تبرير تزايد العنف.
\r\n
\r\n
فباسم الدولة والتطور والمدنية ارسلت الدول الاوروبية اسلحتها وجيوشها من اجل ابادة «الهمجيين» غير المتمدنين الذين يعيشون في الغابات جنوبا.
\r\n
\r\n
ويشير المؤلف الى أن مناقشة المدينة والبربرية تفرض الحاجة الى تفسير المعنى التاريخي لكل منهما. فالمجتمعات الحديثة تشكلت عن طريق تحضر العالم والتطورات التقنية في العالم ووسائل الاتصال وحكومة الدولة البيروقراطية.
\r\n
\r\n
جذور الارهاب
\r\n
\r\n
يؤكد المؤلف ان جذور الارهاب اعمق وابعد من ان يفهمها العصر الحديث، فالعنف مرتبط بالاشكال الاساسية للحياة الاجتماعية. والاضطهاد على سبيل المثال يرسم خطا فاصلا بين الصديق والعدو، بين السكان الاصليين والأجانب، بين الداخلين والخارجين.
\r\n
\r\n
وعندما يتم تصنيف اشخاص معينين على انهم مثيرو شغب او مثيرون للمشكلات فاننا نكون بذلك قد خطونا خطوة قصيرة نحو العنف. حتى ضحايا العنف لا نعتبرهم اعضاء كاملي الاهلية في المجتمع ولكن نصفهم باعتبارهم زائدين عن الحاجة وغير ضروريين يمكن الاستغناء عنهم.
\r\n
\r\n
ان قتل الخارجين امر معروف حتى في المجتمعات الديمقراطية، ولكن في ظل حكم الطغاة فان اي شخص يمكن اعتباره مثيرا للشكوك، حتى الشك ليس ضروريا دائما للاشخاص حتى يختفوا من الوجود من دون ان يعرف لهم احد اثرا.
\r\n
\r\n
وحول العلاقة بين الارهاب والحرب يقول المؤلف اننا يجب ان نفرق بين موقفين مختلفين: بين النزاع المسلح بين طرفين متحاربين، والمذبحة التي يتعرض لها مدنيون غير مسلحين.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعض التعبيرات التي شاعت مؤخرا مثل «حمام الدم» و«المذبحة» تم ا ستخدامها لذبح وقتل اشخاص لا يستطيعون المقاومة بجميع صورها. حتى بالنسبة للقوي فان القتال لا يكون دائما بدون مخاطرة. وما دام العنف متبادلا فالقوي لابد ان يشعر بقوته ايضا. لكن المذبحة هي عنف من جانب واحد والضحايا ليس امامهم فرصة للدفاع عن انفسهم.
\r\n
\r\n
والفكرة ليست في كسر ارادتهم، وانهاك مقاومتهم ولكنها تكمن في القضاء عليهم ومحوهم من الوجود.
\r\n
\r\n
وهناك انواع عديدة ومختلفة من العنف تنشأ من الاضطهاد الاجتماعي والسياسي، والاضطهاد ليس مسألة عسكرية بين جيش واخر ولا مسألة صراع بين طرفين مختلفين، لكنه حرب او قتال او صراع من جانب واحد، وضحايا يكونون قليلي الحيلة لا يستطيعون المواجهة او الوقوف في وجه الطرف الاخر والاكثر منهم قوة وسلاحا وعتادا.
\r\n
\r\n
الاضطهاد الاجتماعي لا يعرف ولا يعترف ببعض المصطلحات التي نعرفها في الحروب والصراعات مثل انتصارات وهزائم، فالاضطهاد مباراة او حرب ليس لها سوى نتيجة واحدة: فريق منتصر انتصاراً ساحقاً ومعروفاً سلفاً والفريق الآخر سيلقى هزيمة نكراء وقد تتمثل هذه الهزيمة في القتل والابادة او التشريد على أقل تقدير.
\r\n
\r\n
ومعسكرات الاعتقال هي بمثابة معامل فناء او ابادة لاضطهاد ما نطلق عليهم الارهابيين فمصانع القتل هي مركز الفناء والابادة بالنسبة لهم.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان مصانع القتل تلك عبارة عن مؤسسات يتم فيها القضاء على اعداد كبيرة من الاشخاص من دون ان يعرف أحد لهم اثراً.
\r\n
\r\n
ويشير المؤلف الى أن استخدام كلمة «معسكر» او «معسكرات» امر مضلل وخادع وفي غير موضعه لسبب بسيط جداً، وهو انه لا يوجد مساجين يقيمون مجتمعاً خاصاً في هذا المعسكر او ذاك، وليست هناك عنابر او زنازين او شيء من هذا القبيل مما نسمع عنه ونقرأ حول السجون، لكن الداخلين الى هذه المعسكرات انما يدخلون لقضاء وقت قصير للغاية ولهدف واحد لا غير وهو القتل والابادة فور دخولهم الى هذا المكان.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان مقارنة ما جرى في هيروشيما بما يحدث للارهابيين هو امر يجافي الحقيقة، فما حدث من القاء قنبلة نووية على هيروشيما وما احدثته من قتل وتدمير والقضاء على الأخضر واليابس لسنوات طويلة امر يهون امامه ما جرى ويجري لكل الارهابيين والمجرمين في جميع انحاء العالم وحتى اليوم.
\r\n
\r\n
ان ما حدث في هيروشيما هو عمل ارهابي داخل الحرب، كان الهدف منه هو استسلام اليابان اكثر منه استعراض للقوة والتفوق على الاطراف الاخرى المتحاربة وخاصة الاتحاد السوفييتي السابق والاكثر من ذلك ارادت الولايات المتحدة من جراء القاء هذه القنبلة النووية على هيروشيما ان تمنع القوات السوفييتية من مشاركتها في احتلال اليابان.
\r\n
\r\n
كان الهدف من القاء القنبلة هو اخضاع الصديق قبل ارهاب العدو، فلم يكن هدف الولايات المتحدة هو القتل الجماعي لعدد كبير من الشعب الياباني ولكن الهدف كان تجربة اختراع جديد في ذلك الوقت هو القنبلة الذرية وممارسة للارهاب في حالة الحرب.
\r\n
\r\n
مسيرة الموت
\r\n
\r\n
ينتقل المؤلف الى وسيلة اخرى من وسائل القتل والابادة الجماعية، وهي مسيرة الموت، فيوضح أنها احد الاشكال البطيئة للابادة الجماعية حيث يكون جميع الضحايا بين ايدي الحراس والمراقبين وينتقلون من مكان آلى آخر سيراً على أقدامهم في طوابير دون طعام كاف او ملابس واقية او ماء يروي ظمأهم او حتى دون ان يسيروا الى وجهة محددة.
\r\n
\r\n
باختصار، فإن مسيرة الموت عبارة عن حركة مستمرة بلا هدف اما الهدف الرئيسي لهذه المسيرة ليس السير الى مكان معين او هدف محدد ولكن الهدف هو ان يسير هؤلاء ويظلوا يسيرون ويسيرون حتى الموت.
\r\n
\r\n
واحياناً ينتهي بهم المسير الى احدى الغابات النائية او المستنقعات او الى جبال الجليد حيث اذا ما بقي بعض منهم أحياء يتم قتلهم في مذبحة جماعية اما اذا كانت هناك وجهة معروفة يتم نقل الضحايا إليها عن طريق عربات نقل الحيوانات او البضائع فلا ضرورة الى الاسراع في الرحلة، فالقطارات او الشاحنات التي تنقلهم يمكن ان تنتظر اياماً وليالي في نهاية المطاف يحتشد خلالها الضحايا ويظلون بلا طعام او شراب فترات طويلة.
\r\n
\r\n
ومن البديهي ان نعرف ان هؤلاء الضحايا لا يعرفون وجهتهم او الى اين المسير، فهم في رحلة الى المجهول، وما دامت الشاحنة او وسيلة المواصلات غير الآدمية التي تنقلهم تستغرق اياماً واحياناً اسابيع فإن الوقت يفقد الاحساس بالاتجاه.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان مسيرة الموت هي احد الاشكال الغامضة للعنف الجماعي، اذا نظرنا إليها في سياقها الاجتماعي والسياسي، انها عبارة عن تقنية جديدة للترحيل والابادة الجماعية.وقد يكون ضحايا مسيرة الموت من الاقليات الدينية والعرقية او الاسرى او المعارضين السياسيين.
\r\n
\r\n
وتحت عنوان «الحرب» يقول المؤلف انه في أعياد الميلاد عام 1914 التي شهدت الهدنة للحرب العالمية الأولى بلغ عدد الضحايا ارقاماً مخيفة، فعلى سبيل المثال بلغ عدد ضحايا الالمان اكثر من 800 ألف من بينهم 240 قتيلاً وعدد الضحايا الفرنسيين 300 ألف قتيل و600 ألف جريح ومفقود وكان معظم الضحايا البريطانيين البالغ عددهم 160 الفا من قوات المشاه ذوي الخبرة والذين تم قتلهم جميعاً.
\r\n
\r\n
فقد كل من النمسا والمجر 1.2 مليون جندي في نهاية ذلك العام، اما الجيش الروسي الذي كان قوامه 3.5 ملايين من اعتى الرجال والذين تم حشدهم في شهر يوليو انخفض العدد الى مليونين فقط ولقي الباقون حتفهم.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان القرن العشرين كان يطلق عليه قرن المعسكرات ولكنه يستحق ان يطلق عليه ايضا قرن الحرب.فالحرب العالمية التي استمرت ثلاثين عاما في النصف الاول من القرن العشرين راح ضحيتها نحو 55 مليون انسان ويقدر بان هناك نحو 40 مليونا آخرين اعتبروا في عداد ضحايا هذه الحرب في النصف الثاني من القرن العشرين.
\r\n
\r\n
وامام هذه الارقام المذهلة فاننا يجب ان نتحدث عن مجتمعات الحروب أليس هو مجتمع حرب الذي يقتل ويجرح فيه اعداد كبيرة من البشر ويصاب اعداد كبيرة بعاهات مستديمة وتختفي اعداد مثلها حتى اليوم؟
\r\n
\r\n
هل تعلم كما يقول المؤلف ان نصف عدد القتلى في الحرب العالمية الاولى لم يشيعهم احد ولم تجر لهم جنازات او حتى مراسم الدفن العسكرية المعروفة؟
\r\n
\r\n
هل تعلم ان معظم هؤلاء القتلى لم يتم التعرف على جثثهم لسبب بسيط وهو ان القاذفات التي صوبت نحوهم حولت اجسادهم الى اشلاء متناثرة يصعب جمعها؟
\r\n
\r\n
ظاهرة باتساع العالم
\r\n
\r\n
يقول الكتاب ان سيناريو هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 كان شائعا بالنسبة للافلام السينمائية والكتب والمقالات، وعلى الرغم من ذلك فان احدا لم يصدق ما جرى.. ولاول مرة يفوق الواقع الخيال.
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من الضحايا والرعب الذي احدثته تلك الهجمات الا انها خلفت وراءها ما هو اسوأ، الشعور بالخوف والقلق في كل مكان وزمان حتى اليوم، فالارهاب ليس له عنوان وليس مقترناً باسم شخص معين.
\r\n
\r\n
فحتى يومنا هذا يتم بين الحين والآخر الغاء بعض رحلات الطيران والقاء القبض على بعض الاشخاص المشتبه فيهم.. باسم القضاء على الارهاب، كما ان هناك الالوف بل الملايين الذين يخشون زيارة اماكن معينة بل ودول معينة خوفا من الارهاب.
\r\n
\r\n
ومنذ ثلاثين عاما انتقل الارهاب من الاقليمية الى العالمية واصبح نشاطاً دولياً يمكن ممارسته في جميع قارات العالم.
\r\n
\r\n
والمثير في موضوع الارهاب ان مرتكبيه لا يريدون الوصول الى السلطة في اي دولة ولا يريدون الاطاحة بنظام سياسي او اجتماعي معين ولا يريدون شيئا على الاطلاق سوى قتل اكبر عدد ممكن واشاعة الرعب والخوف في نفوس الناس.
\r\n
\r\n
ان احداث 11 سبتمبر لم تكن اعلانا للحرب، لكنها كانت حدثا تراجيدياً لحرب طويلة ضد الارهاب سوف تستمر ربما الى مالا نهاية.
\r\n
\r\n
فالولايات المتحدة باسم محاربة الارهاب شنت غارات جوية ضد ليبيا والسودان والعراق وافغانستان في السنوات الاخيرة.
\r\n
\r\n
والحرب الجديدة ضد الارهاب لا تعرف جبهات او مناطق آمنة، فاية بقعة في العالم يمكن ان تكون هدفاً للقصف والضرب باسم مكافحة الارهاب.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.