الهند الآن تجامل الآخرين ويجاملونها‚ والانخراط الهندي في الشؤون الدولية يكسب المزيد من الزخم ويحدث ذلك لأن البلاد بدأت تتخلص من انشغالها الكامل بباكستان مما اعماها عن متابعة مصالحها الاستراتيجية والتجارية الأوسع‚ لقد انغلقت الهند على نفسها ولم تسع لتكون لاعبا عالميا وانشغلت بالكامل بمخاوفها من بلد أصغر منها بكثير الذي اصبح يشكل بالنسبة اليها الآن مصدر انزعاج وليس مصدر تهديد‚ حتى ولو كان ذوبان الجليد مؤقتا مع باكستان فقد حدث تغير في العقلية الهندية في العلاقات مع الدول الأخرى خاصة في آسيا حيث بدأت الهند بابداء المزيد من الاهتمام بهذه العلاقات بدل التركيز الكامل على باكستان‚ \r\n \r\n وإذا ما استمر ذوبان الجليد مع باكستان فإن ذلك سيجعل الهند مركزا للازدهار الاقليمي القائم على التجارة‚ \r\n \r\n الآن تريد الهند ان تنغمس في لعب دور ايجابي في جولة المفاوضات التجارية التي اطلق عليها سم جولة الدوحة‚ في نفس الوقت هناك اعتراف متزايد بان التفاعل الاقتصادية والنمو الأسرع بدأ يفرض على الهند الاهتمام بعلاقاتها الدولية من أجل تأمين الحصول على ما تحتاجه من مواد وايجاد الاسواق لما تنتجه من سلع في الوقت الذي تكاد تسيطر فيه الصين بالكامل على العديد من الأسواق العالمية خاصة في آسيا‚ \r\n \r\n تعتمد الهند حاليا مثلها مثل الصين على الواردات من المواد الهيدروكربونية وربما ستزداد احتياجاتها من هذه المادة بصورة أكبر في المستقبل‚ ويؤخذ على الهند في هذا المقام عدم ابدائها الاهتمام الكافي لتطوير علاقاتها وقدراتها العسكرية الهادفة الى تأمين هذه الامدادات‚ \r\n \r\n ساعد الهند في تأمين ما تحتاجه من امدادات علاقاتها الأوثق مع الولاياتالمتحدة التي تلعب دورا مهما في تأمين تدفق النفط عبر الخليج‚ ومما ساهم في تحسين العلاقات الهندية الأميركية هو الاحساس المشترك لدى البلدين بالتهديد الذي تشكله الأصولية الاسلامية لهما اضافة الى القوة المتزايدة الاقتصادية والعسكرية للصين‚ \r\n \r\n تحتاج الهند للاستثمارات الأميركية والأسواق الأميركية وأدت الهجرات الهندية المتعاقبة الى اميركا الى خلق روابط قوية ودائمة بين البلدين‚ \r\n \r\n ولكن العلاقات بين البلدين اصابها بعض التعقيد بسبب مبيعات الأسلحة الأميركية لباكستان والدعم القوي الذي تقدمه واشنطن لديمقراطية برويز مشرف الغامضة اضافة الى شعور نيودلهي بالقلق تجاه السياسات الأميركية المتعلقة بايران‚ \r\n \r\n في هذه الأثناء يبدو ان الصين قد سبقت الهند كثيرا في توجهها نحو ايران حيث تنخرط الشركات الصينية في تنفيذ مشاريع مع تعمير كبير في ايران وهناك مفاوضات تجرى حاليا بين الطرفين لتوقيع صفقة تتعلق بالغاز تبلغ قيمتها 100 بليون دولار‚ وليس بوسع الهند نسيان صديقتها القديمة روسيا بالكامل التي ستبقى على الأغلب المورد الرئيسي لها بالأسلحة وان كانت الهندقد اتجهت لشراء المزيد من الأسلحة من اسرائيل وفرنسا وربما الولاياتالمتحدة ايضا‚ العلاقات المباشرة مع الصين الآن هي الأكثر ودية منذ الخمسينيات والتجارة المتبادلة بين الطرفين في توسع مستمر‚ وتبقى مشاكل الحدود مجمدة بين البلدين ولا يبدو ما يشير الى تحرك الطرفين نحو ايجاد حل لها‚ وتنظر الهند بعين الشك والريبة الى مشروع خط السكة الحديدية الذي تقيمه الصين في التبت ومع ذلك تشعر الهند بالحاجة لإظهار صداقتها للصين من أجل دفع مصالحها التجارية معها الى الأمام كخطوة على طريق تقوية علاقاتها مع دول جنوب شرق آسيا التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الصين في المجال التجاري‚ \r\n \r\n الشركات اليابانية والكورية الجنوبية بدأت تفيق على اهمية الهند من الناحية التجارية ومن ناحية الاستثمار‚ كل ما تحتاجه الهند هو شركاء استراتيجيون يكونون قادرين على تزويدها برأس المال أو المصادر ومثل هذه الأشياء توجد في شرق آسيا وتحديدا في اليابان مع بقاء دول مثل فيتنام واندونيسيا قلقة تجاه النوايا الصينية وهذا الشيء يصب في مصلحة الهند بالتأكيد‚ \r\n \r\n ان الهند تتخلف عن الصين بمقدار 15 عاما او نحوه في التنمية الاقتصادية‚ والعلاقات مع العالم الأوسع‚ ومع ذلك فإن الهند عادت بقوة الى المسرح الدولي‚ \r\n