خلال شهر واحد أجرت كوريا الشمالية تجربة فاشلة علي صاروخ متطور, والهند تجربة ناجحة علي صاروخ باليستي طويل المدي أدخلها عضوا سادسا في نادي المميزين لتكنولوجيا الصواريخ العابرة للقارات. وباكستان تجربة علي صاروخ متوسط المدي قادر علي حمل رؤوس نووية وهو ما أيقظ شبح الصراع النووي التقليدي بين البلدين المتجاورين والتنافس الأوسع علي التفوق العسكري في آسيا بين الهند والصين, والحديث المتكرر عن تبدل التحالفات في منطقة المحيط الهادي. الغريب كان رد الفعل الهادئ والمتزن من جانب جميع الأطراف. نيودلهي لم تعر التجربة الباكستانية اهتماما وأآثرت التركيز علي تطور العلاقات التجارية والسياسية الثنائية نحو الأفضل, والخبراء العسكريون قالوا إن التجربتين لم تضفا شيئا إلي حقيقة أن المسافة بين عاصمة البلدين لا تزيد علي 700 كيلومتر ولا تحتاج إلي صواريخ متطورة في حالة اتخاذهما قرار تدمير بعضهما بعضا. الصين أيضا التزمت حذرا رسميا رغم الصخب الإعلامي بشأن قدرة الصواريخ الهندية علي ضرب أهداف في قلب المدن الصينية. فهي لا تريد تصعيدا يجعل الهند مخلبا في الاستراتيجيات الأمريكية لاحتواء قوتها المتصاعدة. بل ألمح خبراء عسكريون هنود إلي أن ثقة الهند في تنامي قدراتها العسكرية واقترابها من منطقة الندية مع بكين قد يساعد قادة البلدين علي تقديم تنازلات تسهم في تسوية النزاعات المزمنة علي الحدود. الولاياتالمتحدة والغرب واليابان ألقوا بمياه باردة علي الخروقات الهندية لتطوير صواريخها, واعتبروه تطورا مهما لمواجهة القوة المتصاعدة للصين, واستندوا في تناقض مواقفهما بين فرض العقوبات علي كوريا الشمالية ودعوة نيودلهي إلي ضبط النفس إلي ثبات الأداء الدبلوماسي الهندي علي مدي عقد, وصلابة مواقفها بشأن الالتزام غير المرتهن باتفاقيات عدم الانتشار النووي. هذا السيناريو الحميد لردود الأفعال الهادئة لن يستمر إلي الأبد, فالصين في حالة ترقب لما ستتجه إليه العلاقات الاستراتيجية الهندية الأمريكية وما إذا كانت ستستخدم للحيلولة دون ممارسة الصين ما تعتبره تطورا طبيعيا لنفوذها في محيطها. والغرب في حالة انتظار أيضا لمعرفة أين تقف الهند بين الدخول طرفا في قواعد اللعبة القديمة لصراع القوي, أو التحالف مع الصين والقوي الصاعدة لتغيير قواعد اللعبة. ربما تدرك نيودلهي حينذاك أن التجربة أفادتها عسكريا وأمنيا لكنها قد تجعل تطوير مصالحها السياسية والاقتصادية أكثر تعقيدا في وقت يتعثر فيه أداؤها الاقتصادي. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني